شمسولوجي - منتدي طلبة طب عين شمس
السلام عليكم

نورتنا يا ....

لو هتتصفح المنتدي كزائر .. توجة للقسم اللي انت عايزة من المنتدي ...

للتسجيل .. اتفضل افعص علي زرار التسجيل ..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شمسولوجي - منتدي طلبة طب عين شمس
السلام عليكم

نورتنا يا ....

لو هتتصفح المنتدي كزائر .. توجة للقسم اللي انت عايزة من المنتدي ...

للتسجيل .. اتفضل افعص علي زرار التسجيل ..
شمسولوجي - منتدي طلبة طب عين شمس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اصطباحة - بلال فضل

+5
Abotreka
snow_white
Just a doctor
sose
Admin
9 مشترك

صفحة 1 من اصل 6 1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الخميس أكتوبر 14, 2010 8:10 am


السلام عليكم

ازيكم

هأحاول ان شاء الله أنزل اصطباحة بلال فضل في الموضوع هنا ..
من العمود الخاص بيه في المصر اليوم ..

Smile
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الخميس أكتوبر 14, 2010 8:10 am

حول العالم فى ثمانين فقرة

بقلم بلال فضل ١٤/ ١٠/ ٢٠١٠

ـ أذهلنى تحقيق استقصائى نشرته فى الأسبوع الماضى، مجلة التايم الأمريكية عن استفحال ظاهرة الميليشيات الأمريكية المسلحة عقب وصول أوباما إلى الحكم، وكيف أن هذه التنظيمات برغم اختلاف أفكارها وتوجهاتها، فبعضها يمينى والآخر يسارى، تجمعها جدية التخطيط للعمل المسلح الشرس ضد الحكومة الفيدرالية، مستغلة سماح القانون الأمريكى بحمل السلاح وشرائه وتداوله. التحقيق كتبه الصحفى الحائز على جائزة بوليتزر بارتون جيلمان، واستغرق فى عمله ستة أشهر كاملة قضاها فى ٤ ولايات مختلفة، وساعده فى تصوير التحقيق مصور شاب عمره ١٩ سنة فقط، ولذلك وجه له مدير تحرير التايم ريتشارد ستينجل شكرا خاصاً فى افتتاحية المجلة.

الافتتاحية التى حملت عنوان «الوطنية المنحرفة» كانت رائعة فى أسلوبها الذى قدمت به الموضوع الذى احتل غلاف المجلة، أعجبت للغاية بمقدمة الافتتاحية التى قال فيها ستينجل إن الوطنية الحقيقية ليست مملوكة لأى حزب أو أى شخص، الوطنية الحقيقية ليس لها تعريف موحد يرضى كل الذين يعتبرون أنفسهم وطنيين، نعم، من حق كل منا أن يعرف فكرة الوطنية بطريقته الخاصة، لكن هناك تعريفات محرفة للوطنية تتجاوز كل الحدود وتأخذ فكرة الوطنية إلى موقع خطير وملىء بالكراهية، كان السياسى الشهير بارى جولدووتر قد أعلن فى عام ١٩٦٤ فى المؤتمر الجمهورى قائلاً: «التطرف فى الدفاع عن الحرية ليس نقيصة»، ومع إيمانى بما قاله فإن هناك أشكالاً من التطرف فى الدفاع عن الإدراك المضلل للحرية يمكن أن تكون مدمرة.

وللأسف فإن هذا التطرف الخطير والهدام يمكن أن يأتى من اليمين أو من اليسار، لا فرق. أتمنى أن تقوم (المصرى اليوم) بعمل ترجمة كاملة للتحقيق ونشره لقرائها، لكى يدرك الكثيرون من حسنى النوايا أن كل سلوك متطرف تدميرى ينبع فى الأساس من أفكار تبدو مثالية وطاهرة ونقية وراغبة فى إصلاح أحوال الوطن، ومع ذلك فإن هذه الأفكار التى تستغل حرية التعبير هى التى تقود دائماً إلى إشعال الوطن وتفجيره، لدرجة أن قوة عظمى مثل الولايات المتحدة مهددة بالتفجير من داخلها، ليس على أيدى غرباء يحملون أفكاراً إسلامية متطرفة، بل على أيدى أمريكيين وطنيين، وغالبيتهم متدينون، وجميعهم يعتقدون أنهم يعرفون مصلحة أمريكا أكثر من حكامها، ولديهم استعداد لإراقة دماء الملايين من أجل أن يشكلوا صورة الوطن حسب أفكارهم المثالية.

ـ يرفض البعض لدينا أن يصدق أن انتشار الشائعات يمكن أن تقف وراءه مؤامرة تستهدف إشغال الناس عن شؤون سياسية خطيرة، وهؤلاء دائماً يتصورون أن تكذيب نظرية المؤامرة دائماً وأبداً هو من دلائل الرقى الفكرى، وأنه لا يمكن لوسيلة إعلامية راقية أن تتبنى مسألة وجود مؤامرة فى تغطيتها لأى حادث غامض. ومع ذلك عند قراءتى تقريراً إخبارياً لهيئة الإذاعة البريطانية عن أحدث الشائعات التى انتشرت فى السودان خلال الشهر الماضى، شعرت بأن كاتب التقرير يؤمن بأن التفسير الوحيد لانتشار تلك الشائعة هو وجود مؤامرة لشغل الناس عن شجون السياسة وأخبار الاستفتاء الخطير الذى يقترب يوماً بعد يوم بشأن تقرير مصير جنوب السودان، الشائعة التى أشعلت السودان من أقصاها إلى أدناها (بنص تعبير التقرير) تحدثت عن مكالمة هاتفية من أرقام غير مألوفة تؤدى إلى وفاة الشخص الذى يرد عليها نتيجة الصعق بتيار كهربائى، سرت الشائعة بين الناس بشكل غامض، ثم تعاظم تأثيرها بعد أن نشرتها إحدى الصحف فصدقها الناس بما أنها طلعت فى الجرايد، لدرجة أن محرر الـ«بى. بى. سى» يقول إن أغلب الاتصالات التى حاول إجراءها من بريطانيا بأرقام مختلفة داخل السودان، لم يكن يرد عليها أحد، لأن مفتاح بريطانيا يبدأ برقم ٤٤ وهو الرقم الذى قالت الشائعة أن الاتصال القاتل يبدأ به.

لم أشعر بأن هناك شيئا يستحق التعجب فيما قرأته، فوحدة وادى النيل جعلت شائعات أكثر تفاهة وهطلا تنتشر بيننا، كما انتشرت شائعة المكالمة القاتلة بين إخواننا السودانيين، لكننى كدت أموت من الضحك عندما ختم المحرر تقريره بالحديث عن أشهر الشائعات التى سرت فى السودان خلال السنوات الماضية، والتى كان على رأسها إشاعة قوية جدا تقول إن هناك أشخاصا من غرب أفريقيا ينتشرون فى أنحاء السودان، يفقد من يصافحهم أعضاءه التناسلية فور أن ينتهى من مصافحتهم. سمعنا عن أناس يسرقون الكحل من العين، وشاهدنا أناسا يسرقون الصحف من رؤساء تحريرها، لكن من كان يتوقع أن تصل خفة اليد للدرجة دى؟.

ـ قرأت تقريراً عن فشل الحكومة الإندونيسية فى بيع كنز يعود للقرن العاشر الميلادى كانت الحكومة قد قامت بانتشاله من سفينة صينية غرقت فى مياهها الإقليمية قبل خمس سنوات، الكنز عبارة عن ٢٧١ ألف قطعة ذهبية صغيرة، وكانت الحكومة تأمل فى أن تحصل على ٨٠ مليون دولار ثمناً له، لكنها فشلت فى الحصول على هذا المبلغ، ربما بسبب سمعة الذهب الصينى، وربما لأن الناس تعودت على شراء المسروقات أو المفقودات فى السر، وليس فى العلن ومن الحكومة، لكن على أى حال تظل الحكاية ملهمة لحكومتنا المباركة التى يمكن أن تشكل فرقا من الشباب العاطل المستعد لرمى نفسه فى البحر من أجل فرصة عمل شريفة، وتقوم بتدريبه على انتشال الكنوز من السفن الغارقة فى بحارنا، وبيعها والاستفادة بعائدها فى دفع رشاوى لكبار المسؤولين لإقناعهم بضرورة السعى دولياً للقبض على ممدوح إسماعيل صاحب العبارة التى غرق فيها ألف ومائة شهيد، وإعادته إلى مصر لتنفيذ الحكم الذى قضى بسجنه.

ـ فى ولاية كاليفورنيا أنشأ أمريكيون رائقون تقليعة جديدة هى بطولة لممارسة الجنس الوهمية، حيث يفترض المتسابقون ممارسة الجنس مع شريك وهمى، وتذهب الجائزة لأكثر البارعين فى إقناع لجنة التحكيم بتلك الممارسة الوهمية. سمعت الكوميديان الشهير «جاى لينو» وهو يقول تعليقا على هذه القباحة «لم يكن هناك داع لهذه البطولة، فهى تمارس فعلاً من جميع الشباب قبل دخول المدرسة الثانوية»، للأسف جاى لينو لا يعرف أن هناك شعوبا يمارس شبابها هذه البطولة حتى سن الأربعين بسبب استحالة الزواج.

ـ لم يعد هناك داع لنتفاخر بقدرتنا على امتلاك المعلومات فقد كشفت دراسة علمية مؤخرا أنه حتى الصراصير تتبادل المعلومات.

ـ وللذين يريدون أن يشعروا بأن مصر بخير، اعلموا أن الصين برغم نموها الاقتصادى المذهل، باتت تعانى من أزمات إجتماعية حادة ومتصاعدة بسبب ارتفاع عدد المختلين عقلياً الذين يعانون من مشاكل اجتماعية حادة جعلتهم يرتكبون خلال الأشهر الماضية، حوادث مجازر جماعية واعتداءات عشوائية بالسكاكين فى المدارس والكليات والشوارع، لدرجة أن الصين تنشئ الآن ٥٥٠ مصحة عقلية خلال العامين القادمين، لاحتواء آلاف الخطرين من المرضى عقلياً، ولعلنا الآن نعرف قيمة المختل المصرى الذى تنحصر طلباته غالباً فى إن الناس ماتطلعش جنانها عليه.

ـ أخيراً ولعشاق السينما، احتفل المخرج الأمريكى العظيم وودى آلان بعيد ميلاده الخامس والسبعين منذ أيام، وفى حين أن كبار مخرجينا يرون الأمرين من أجل تحقيق مشاريعهم السينمائية، نمسك «الوود» ونحن نرى وودى آلان وهو يخرج من فيلم ليصور فيلماً آخر دون كلل ولا ملل. قد لا يرى البعض فى أغلب أفلامه الأخيرة نفس ما كان فى أفلامه القديمة من سحر، فضلاً عن كون البعض أصلاً لا تعجبه سينما آلان من أساسها، قرأت مرة للمخرج الساحر أمير كوستاريتكا قوله «غيرت موقفى من وودى آلان بعد مشاهدة فيلم مانهاتن لإحساسى بالملل الشديد من تلك العيادة النفسية التى تتصيد الزلات دون أدنى حد من المشاعر»، طبعا مشاهدة أفلام كوستاريتكا ستفسر لك رأيه، لكن مع احترامى له فإننى لا أذكر كمشاهد لأغلب أفلام وودى آلان أننى خرجت من مشاهدة فيلم له وأنا «مش مرضى» تماماً، فضلاً عن إعجابى الشديد بجرأته فى التجريب دون خوف من الوقوع فى الخطأ، ومثابرته على العطاء ومواصلة العمل بكل دأب وقدرته الذكية على اجتذاب كبار النجوم دائما على أمل أن تصل أفلامه للناس، لدرجة أنه فى فيلمه الأخير أقنع بصياعة السيدة كارلا برونى، زوجة الرئيس الفرنسى ساركوزى، لكى تلعب بطولة الفيلم الذى تدور أحداثه فى باريس، وفى المقابل حصل على تسهيلات هائلة للتصوير فى شوارع باريس، بالمناسبة كبار نجوم العالم يوافقون على العمل فى أفلامه فى أدوار صغيرة وبأجور رمزية لكى يحظوا بشرف العمل معه.

إعجابى بوودى آلان زاد بعد أن قرأت له منذ أسابيع حوارا مع صحيفة «الصنداى تليجراف» البريطانية يقول فيه إنه يعتبر نفسه كسولاً جداً، ويستغرب كيف يذهب مخرجون مثل ستيفن سبيلبيرج إلى أماكن تصوير صعبة كل يوم ويكونون على استعداد لقضاء ستة أشهر فى الصحراء مثلا من أجل تصوير أفلام ضخمة، بينما هو لا يمتلك سوى قدر من الصبر يكفى لتصوير أفلام بداخل المدن الكبيرة المرفهة، ولا يقوم إلا باختيار ممثلين مخضرمين يحتاجون إلى أقل قدر من التوجيهات لكى لا يضطر إلى إعادة التصوير من أجل التجويد، فضلاً عن كونه لا يعمل فى الأيام التى يلعب فيها فريقه المفضل اليانكيز مباريات مهمة. يقول وودى آلان بتواضع شديد فى حواره «انت عارف.. الكمال الفنى مش من أولوياتى أبداً.. دايماً لما باشوف أول نسخة عمل لأفلامى بيخيب أملى وباخد دش ساقع.. وكل طموحاتى العريضة بتنخفض..

وكل اللى بيشغلنى هو إزاى أنقذ نفسى من إن الفيلم ده يتحول لمصدر إحراج»، ثم يحكى أنه عندما شاهد لأول مرة نسخة عمل فيلمه (مانهاتن)، وهو بالمناسبة واحد من أعظم أفلامه وأكثرها جماهيرية فى العالم، شعر بالخجل منه، وقرر أن يعرض على الاستديو المنتج للفيلم أن يصنع لهم فيلما آخر مجانا لكى يسامحوه. سأله الصحفى «طيب مادمت تشعر هكذا دائماً لماذا تقوم بتصوير أفلامك بسرعة، لماذا لا تأخذ وقتا أطول فى التصوير؟»، رد وودى قائلاً بهدوء «عشان ده ما ينفعش..

أنا عارف إن ده أفضل حاجة أقدر عليها.. وإن أفلامى مش هتطلع أحسن لو صورتها بشكل أبطأ، أنا ببساطة مش صانع أفلام عظيم زى فيللينى أو كيروساوا، زمان كنت باقول لنفسى هييجى عليك يوم وتبقى واحد زى دول، بس بعد أكتر من ٤١ فيلماً ابتديت أدرك أنى مش هينفع أبقى زى دول أبدا». تقرأ هذه التصريحات فيتبادر إلى ذهنك على الفور مظاهر تضخم الذات والغرور والألاطة التى تصيب الكثيرين من فنانينا بعد نجاح أعمالهم، فتتذكر على الفور أولئك الأشخاص من غرب أفريقيا الذين يفقد من يصافحهم أعضاءه التناسلية.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أكتوبر 20, 2010 5:33 am

السيد والبلكونة

بقلم بلال فضل ٢٠/ ١٠/ ٢٠١٠

لا أريد أن أنافس الشيخ حسن البنا فى مقولته الشهيرة «لذلك خلق الله الندم» التى اختارها أستاذنا وحيد حامد ببراعة لينهى مسلسله عن (الجماعة)، لكننى أجد نفسى هذه الأيام أردد كثيرا مقولة أخرى هى «لذلك خلق الله العبط». فالعبط وحده هو الذى يمكن أن يجعلنا نصدق ما يقوله رئيس حزب الوفد السيد البدوى عن براءته من ذبح صحيفة الدستور بإقالة مؤسسها ورئيس تحريرها الأستاذ إبراهيم عيسى. البدوى يريد أن يقنعنا بأن ما حدث لإبراهيم عيسى ليس وراءه ضغوط حكومية عليا ولا يحزنون،

فكل الحكاية أن شريكه السابق رضا إدوارد فجأة لم يعد يستلطف إبراهيم عيسى، فقرر أن يقيله ويرمى الملايين التى دفعاها على الأرض، وعلى الجميع ألا يربطوا أبدا بين ما حدث فى الدستور وبين إقالة إبراهيم عيسى من قناة «أون تى فى»، وإغلاق برنامج «القاهرة اليوم»، ومنع الأستاذ حمدى قنديل من الكتابة فى (الشروق)، ومحاولات تطفيش الدكتور علاء الأسوانى منها، ومنع المحطات الإخبارية من البث المباشر استعدادا لتزوير الانتخابات القادمة، وقمع القنوات الدينية بدلا من ترشيدها وتقييد الرسائل الإخبارية على التليفونات المحمولة والبدء فى سن السكين لذبح الضحية القادمة (الفيس بوك)، وأخيرا التلميع المستمر للبدوى فى صحف الحكومة وقنواتها، كل هذا يريد منا الدكتور البدوى أن ننساه لنصدق حدوتة أغلى خناقة فى التاريخ (خناقة تكلفت ١٦ مليون جنيه)!، فضلا عن محاولات البدوى المستميتة لتشويه صورة إبراهيم عيسى بتصويره مرة أنه متهرب من الضرائب، ومرة بأنه يتحايل على القانون، ومرة بأنه فاسد إداريا وما إلى ذلك من ترهات، وأقول «ترهات» بقلب جامد بعد أن استمعت إلى الأستاذ إبراهيم وهو يحكى، مساء الاثنين، داخل نقابة الصحفيين وأمام حشد من مثقفى مصر وفنانيها القصة الكاملة لما حدث، كاشفا تفاصيل مذهلة ومؤسفة عن دور السيد البدوى وشريكه رضا إدوارد فى ذبح الدستور.

للأسف لن تقرأ كل التفاصيل التى قالها إبراهيم عيسى فى أى من صحفنا الحكومية أو المستقلة، لكن وقبل أن يجد جهابذة الحزب الوطنى حلا للتخلص من شبكة الإنترنت تستطيع أن تشاهد كلمته كاملة وبالصوت والصورة على العديد من مواقع الإنترنت، لتدرك أن السيد البدوى أخطأ عندما راهن على صمت إبراهيم عيسى الذى برأ ساحته من كل ما نسبه البدوى إليه، بل وكشف مفاجآت مذهلة ليس فقط عن السيد البدوى، بل أيضا عن محاولة شراء هشام طلعت مصطفى لكل من الدستور وصوت الأمة بثمانية ملايين دولار، مصرا على وجود إبراهيم ووائل الإبراشى فيهما لمدة سبع سنوات مقابل تغيير سياسة الصحيفتين التحريرية كهدية منه لوالده الرئيس مبارك بنص تعبيره المسجل لدى الأستاذ وائل الإبراشى.

كنت فى كلمتى فى تلك الأمسية التضامنية مع صحفيى الدستور قد قلت كلاما عن الدكتور البدوى أتمنى أن يصله إما عن طريق وسائل الإعلام أو عن طريق نفس الوسائل التى أبلغته بأن هناك مقالا للدكتور البرادعى وصل إلى إيميل إبراهيم عيسى بعد أقل من ساعة من وصول المقال، سأكرر هنا مما قلته أسئلة طرحتها على الدكتور البدوى، وأتمنى أن يجيبنى عنها «يا دكتور إذا كنت تريد أن تقنعنا بأن ما حدث للدستور وراءه قفلة حصلت بين رضا إدوارد وإبراهيم عيسى ليس إلا، وبوصفك زعيما ليبراليا حريصا على الحريات ولا تعمل لمصلحة أحد فلماذا لم تتدخل لإنهاء الأزمة بشراء حصة إدوارد.

والحفاظ على الدستور وعلى إبراهيم عيسى، خاصة أنك كما قلت فى صحيفة الفجر لا تشكو من أى أزمات مادية وثروتك ما شاء الله وصلت إلى ٦٠٠ مليون جنيه وتزيد، ولا يبدو من طريقتك المدهشة فى الإنفاق السخى على المسلسلات والبرامج أن لديك مشاكل مادية تمنعك من ذلك، أم أن المنهج الذى تقترحه فى الإدارة السياسية هو منهج كل ما تتزنق بيع نصيبك واخلع؟ هل تريد منى أن أذكّرك بالزعيم العظيم مصطفى النحاس الذى كان ينحاز دائما إلى الصحف المصادرة والمضطهدة ويدافع عنها ويتبناها بل ويمولها من ميزانية الوفد لتعاود الصدور، ليقف على الدوام أسدا هصورا يحمى مبدأ سعد زغلول الخالد (الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة)، بدلا من أن يفعل مثلما فعلت فى برنامج (العاشرة مساء) فيصف صحيفة من أعظم التجارب الصحفية فى تاريخ مصر بأنها بلكونة وقعت على راسه وهو ماشى فى الشارع؟ وإذا كان زعيم الوفد سيواجه وقوع بلكونة على رأسه بهذا الشكل المرتبك والمتعثر والمؤسف فكيف ننتظر منه إنقاذ أمة؟».

وإلى أن تجيب عن هذه الأسئلة يا دكتور لا يبقى إلا أن أترحم على الزعيم مصطفى النحاس الذى لم يكن من مبادئه أبدا أن «كل حاجة تخلص بالفلوس»، الفاتحة للنحاس أمانة والنبى.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الخميس أكتوبر 21, 2010 9:29 am

إنهم يكتبوننى

بقلم بلال فضل ٢١/ ١٠/ ٢٠١٠

ـ «ما يعجبك من كلامى فهو لك وما لا يعجبك فهو لغيرك».

الكاتب اللبنانى العظيم ميخائيل نعيمة.

ـ «كنت أعتقد أن أسوأ شىء فى الحياة هو أن يبقى الإنسان وحيدا، لكننى اكتشفت أن أسوأ شىء فى الحياة أن يعيش الإنسان مع أشخاص يجعلونه يشعر أنه وحيد».

جملة على لسان العبقرى روبين ويليامز من فيلم (أعظم أب فى العالم).

ـ «يا حضرة المستشار إن الحرب لا تعرف غير أسلوبين.. أسلوب الدفاع وأسلوب الهجوم.

ـ إذن جربوا يا صاحب السعادة أسلوب الإفساد.

ـ بخ بخ، إنه لرأى يفيض بالحكمة، حقا إن للحرب أسلوبا ثالثا هو أسلوب الإفساد».

من رواية (ابنة الضابط) للكاتب الروسى ألكسندر بوشكين.

ترجمة سامى الدروبى.

ـ «هل فكرت فى أنه حتى الفساد ليس سهلا فى بلادنا؟ إذ لابد من توفر الفرصة، الأغلبية فى بلادنا شرفاء لأنه ليس لديهم بديل».

من رواية (قصة مايتا) للكاتب البيروفى العظيم ماريو بارجاس يوسا.

الذى حصلت عليه أخيرا جائزة نوبل للآداب ترجمة صالح علمانى

ـ «لقد أجاد الممثلان دورهما ولكننى لم أحبهما كثيراً، ولابد من القول إنهما كانا مختلفين عن الآخرين، فلم يقلدا حركات الناس العاديين، ولم يمثلا كالممثلين، من الصعب شرح ذلك، لقد مثلا كأنهما يعرفان أنهما مهمان، أعنى أن تمثيلهما كان جيدا، ولكنه جيد أكثر من الضرورى، فعندما ينتهى أحدهما من عبارته كان الآخر يتكلم بسرعة بعده، وكان من المفروض أن يكون هذا هو حال البشر فى الحياة العادية حين يتحدثون ويقاطعون بعضهم أكثر من اللازم... إنك إذا كنت تفعل شيئاً أحسن مما يجب ولم تأخذ حذرك فإنه بعد فترة من الزمن يستولى عليك حب التظاهر والرغبة فى الاستعراض، عند هذا لن يكون لك تميزك الحقيقى».

من رواية (الحارس فى حقل الشوفان).

للكاتب الأمريكى ج. د. سالنجر ترجمة غالب هلسا.

ـ «كلما تتقدم بك الحياة سيزداد عدد الذين يملون عليك كيف تعيشها».

المخرج والكاتب الأمريكى وودى آلان من فيلمه (أى شىء آخر).

ـ «كل إنسان يعيش فترتى طفولة فى حياته، الأولى فى بدايتها والثانية فى نهايتها، وهو يقضى الوقت بينهما بالحنين إلى طفولته المبكرة، والخوف من طفولته القادمة».

جملة على لسان العبقرى أنتونى كوين من فيلم (نجمة لاثنين).

ـ «ما تبحث عنه ليس فى غرفتك بل فى الخارج».

بيت شعر للتركى العظيم ناظم حكمت.

ـ «أنتم تظنون أن العامل هو نمر متعطش للدماء، يترصد منتظرا لحظة الانقضاض على أعناقكم، وأنه وحش يجب إبقاؤه بعيدا بكل الوسائل، وأنا أقول لكم بالمقابل إن الواقع ليس كذلك، فهم فى أعماقهم أناس مثلنا، ولو كان لديهم بعض المال لهرعوا إلى شراء ما يصنعونه هم أنفسهم، وعندئذ يزداد الإنتاج فى تصاعد رائع...

الوضع بين أيدينا تماما، فإذا ما لبينا مطالب العامل ضمن الحدود المعقولة، فإن العامل سيكون وديعا يأكل من يدنا، أما إذا تصلبنا بالمقابل ولم نعمد إلى المرونة، فما هو الضمان بألا يكون رد فعله عنيفا وجامحا... المعروف عن الثورات الشعبية أنك يمكن أن تعرف متى تبدأ، لكنك لا يمكن أبدا معرفة متى تنتهى».

من رواية (مدينة الأعاجيب) للإسبانى إدواردو ميندوثا.

ترجمة صالح علمانى.

ـ «لنتوقف عن خداع أنفسنا، لن يكون هناك مجتمع حقيقى بدون تربية شعبية، ليس التعليم تربية، عَلِّم وستحصل على شعب يعرف، رَبِّ وستحصل على شعب يفعل... لا تطلب من الطفل أن يفعل أى شىء لا توجد فيه كلمة لماذا. عَلِّم الأطفال أن يكونوا محبين للبحث والتحقيق، وهكذا حين يسألون عن أسباب ما يُطلب منهم أن يقوموا به، فإنهم يتعلمون طاعة العقل لا السلطة، كما يفعل البشر المحدودون، ولا طاعة العادة كما يفعل الأغبياء.. إن ذلك الذى لا يعرف شيئاً يمكن أن يخدعه أى شخص، والذى لا يملك شيئاً يمكن أن يشتريه أى شخص».

من أفكار سيمون رودريجز أستاذ سيمون بوليفار محرر أمريكا اللاتينية.

ـ عن كتاب ذاكرة النار للكاتب الأورجوانى إدواردو جاليانو ترجمة أسامة إسبر.

belalfadl@hotmail.com
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأحد أكتوبر 24, 2010 1:01 pm

البصقات المقدسة

بقلم بلال فضل ٢٤/ ١٠/ ٢٠١٠

كيف يمكن للمسلم أن يعتقد أن بصقة يقذف بها على شخص برىء لم يتعرض له بأذى يمكن أن تقربه إلى الله؟

سيواجهك هذا السؤال عندما تقرأ هذه الرسالة التى جاءتنى من مواطن مسيحى من البحيرة غضب لأننى استغربت لماذا يتظاهر المسيحيون من أجل إسلام فتاة مسيحية أو سيدة مسيحية، ووصفنى بأننى عندما أقول إن حل ما يحدث من مشاحنات طائفية لن يكون إلا بضمان حقوق المواطنة وكفل حرية الاعتقاد للجميع، فإننى لا أدرى شيئاً عما يدور فى الشارع، قائلا فى رسالته التى آثرت ألا أتدخل فيها بحرف مكتفياً بحجب بعض السطور التى تروى تفاصيل لا تخصه هو شخصياً ولا يصح أن يتحدث عنها دون دليل،

تقول الرسالة: «أنا من مدينة فى محافظة البحيرة، لدىّ أخت صغرى فى السادسة عشرة من عمرها، تحكى لى يومياً عن كمية المهازل التى تتعرض لها فى الشارع، لا أعنى المعاكسات فأختى محتشمة فى ملابسها، ولكن أعنى كمية النقد لها كمسيحية والبصاق الذى يملأ ملابسها مما تستقبله أثناء سيرها لأنها مسيحية، ولكن بعد كل شىء نشكر الله على عودتها للمنزل، فقد وصل الأمر إلى عرض للأسلمة مباشرة من المدرسين بمدرستها وزميلاتها فى الدروس، بل ومن البقال نفسه، ويشهد الله على صدق كل كلمة من كلامى... حينما يتظاهر المسيحيون لا يكون ذلك لأجل وفاء أو كاميليا بل لأن كل متظاهر لديه أم وأخت وزوجة وابنة يتعرضن يوميا لنفس الموقف من كلمات مهينة وشتائم وبصاق وتحرش،

ولتعلم حضرتك أننا نعانى من غلاء المعيشة والفقر والضنك كأى شخص فقير فى مصر، وحينما نعيش المواطنة فنتشارك فى الضراء، ولكن ليس لنا نصيب فى السراء، قد أوافقك بعض الشىء فى أن المسيحيين فى مصر سلبيون بعض الشىء أو غارقون فى الإحساس بالأقلية ولكن ليست المواطنة أو الحرية الدينية أو الإيجابية أو غيرها من أسباب هى سبب التظاهر أو الحزن... إمضاء مسيحى يؤمن بحرية العقيدة ويصلى فى كل مرة تنزل أخته الشارع أن تعود مرة أخرى».

رسالة أخرى مهمة وصلتنى من الأستاذة دينا النكلاوى تحكى فيها واقعتين، الأولى لقريب لها يبلغ السبعين معروف بتدينه الشديد وحضور مجالس الذكر، لكنه يكن كراهية شديدة للمسيحيين ويلقبهم بالملعونين، برغم أنه كان يشغل منصبا مرموقاً فى القطاع العام، وعندما وصل إلى درجة مدير عام شركة فى القطاع العام أمر بتحويل كل أموال الشركة التى تقدر بالملايين من بنك كان يترأسه مسيحى إلى بنك آخر رئيسه مسلم. الواقعة الثانية لجارة جديدة لها زارتها للتعرف عليها لما أحسته من خلقها الكريم، لكنها اكتشفت أن جارتها انتقلت إلى هذا البيت لأنها كانت فى بيتها القديم تجاور العديد من المسيحيين الذين لم تكن تريد مخالطتهم، برغم أنها تدرس الشرع وتحفظ القرآن،

تقول الأستاذة دينا إن هذه القصص وغيرها كثير تشعرها بالخجل من هذا المجتمع الذى يتناسى كل ما فى الدين الإسلامى من آيات وأحاديث نبوية تدعو إلى السماحة والمودة وحسن المعاملة والخلق، «والله العظيم أنا لما باقرا أو أسمع عن مشاكل الفتنة الطائفية بافكر إنى أروح أقرب كنيسة فى صلاة يوم الأحد وأنادى على سلالمها إنى مسلمة وأقرئكم السلام، والله العظيم إحنا بنحبكو، رغم طفولة الفكرة إلا أننى كلما فكرت فيها أشعر براحة وسعادة غامرة، ربما لأننى سأكون نفيت صفة البغض والكراهية عنى وعن الكثير ممن هم مثلى من المسلمين، وأعلم جيدا أن بين المسيحيين كثيرين مثلى ومثل غيرى من المعتدلين، ولكن نحن جميعا يخبو صوتنا لأن صوت الظلم والجهل والتفرقة أصبح الأعلى فى بلادنا».

للأسف سيجد أخونا المسيحى ابن البحيرة كثيرين سيتجاهلون ما تتعرض له أخته من اضطهاد مؤسف، ليحدثوه عن أغنياء المسيحيين وعن الأنبا بيشوى وعن أخطاء قيادات الكنيسة، ولن يتذكر أى من هؤلاء أن كل هذا الكلام القابل للأخذ والعطاء لا شأن له بحق مواطنة أن تسير فى الشارع آمنة مرفوعة الرأس موفورة الكرامة، ولن يسأل أى منهم نفسه هل يجرؤ أولئك الجهلاء على البصق فى وجه ظالم أو فاسد؟ للأسف أيضا ستجد أختنا المسلمة الجميلة دينا كثيرين سيكفرونها لأنها تريد أن تعلن حبها للمسيحيين، وسيشهرون فى وجهها بجهل نصا منزوعا من سياقه مثل «يحشر المرء مع من أحب».

وسأجد أنا من يطالبنى بأن أكفى على كل هذا الكلام ماجورا لأنه لا توجد أى مشكلة طائفية فى مصر خاصة بعد أن حكى الرئيس للمثقفين ذكرياته الجميلة عن علاقته بالمسيحيين، وبما أvن الرئيس يرى أن مصر بخير فهى لابد أن تكون كذلك، وبما أن شيخ الأزهر والبابا شنودة أصدرا بياناً مشتركاً ممتلئاً حتى حوافه بالمودة،

وبما أن وزير الإعلام أغلق القنوات الدينية، والبابا أعلن منع مظاهرات الكاتدرائية، فكل ما ينقصنا أن يتم منع مظاهرات المساجد أيضاً، لكى لا يعلو صوت فوق صوت الصمت، وعندها سنشعر بأن مشكلة الفتنة الطائفية اختفت بما أنها لم تعد تظهر فى النشرات، وبالتالى فليس مهما أن نبدأ فى مواجهتها بتشريعات حاسمة تكفل حقوق المواطنة وتكافح التمييز، وليس ضرورياً أن تتكامل هذه التشريعات مع عمل تربوى وإعلامى وثقافى ودينى شاق وشامل وبعيد المدى وطويل البال.
لك الله أيتها البلاد التى ضل كل شىء فيها طريقه.. حتى البصقات ضلت طريقها بعيداً عن وجوه من يستحقونها.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الإثنين أكتوبر 25, 2010 6:31 am

حتى آخر قمر

بقلم بلال فضل ٢٥/ ١٠/ ٢٠١٠

يا أيها الناس، من قال لكم إن القمر الصناعى المصرى «إيجيبت سات ١» قد اختفى فى ظروف فنية غامضة؟، أو أنه قرر أن يهرب كما هرب المهندسون الذين يشغلونه إلى دول عربية لكى يتمكنوا من شراء الطماطم لأولادهم؟

الحكاية وما فيها أن القمر الصناعى كان على ما يبدو من المؤيدين لتوريث مقعد الرئاسة لجمال مبارك، وبينما كان يجلس فى مداره الفضائى يحلم بيوم التغيير القريب، سمع صوتا هاتفا فى البرية وقادما من جهة شقيقه القمر الصناعى نايل سات الذى لم يفكر بعد فى الهرب برغم كل ما ينوء بحمله من أكاذيب، أو ربما أنه لم يعد قادرا على الهرب من فرط ما ينوء بحمله من أكاذيب، بالطبع لم يكن الصوت الهاتف غريبا على القمر إيجيبت سات، فقد كان صوت قطب الحزب الوطنى وشيخ الطريقة الصفرية الدكتور على الدين هلال الذى كان يعلن فى قناة الحرة أن الرئيس مبارك باق باق باق، وأن الذين يؤيدون رئاسة جمال مبارك إما منافقون أو واهمون،

لذلك قرر «إيجيبت سات ١» أن ينفد بجلده من المذبحة القادمة التى كان البعض يظن أنها ستطال مؤيدى الدكتور البرادعى فقط، فإذا بها ستطال كل من تسول له نفسه أن يختلف مع منهج «حتى آخر نفس» الذى كان الرئيس مبارك قد أعلنه فى خطاب تاريخى لم أعد أذكر تاريخ إلقائه بالضبط، لكننى أذكر أننى صدقت ما قاله الرئيس، مع أن البعض يومها ظن أنه كلام يمكن أن يندرج تحت بند الكلام المرحلى الذى يمكن أن تغيره الظروف، كما غيرت من قبل تعهد الرئيس بألا يرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى، ثم أجبرته الظروف على الاستمرار فى الحكم خمس فترات رئاسية كاملة، وها نحن بحمد الله داخلون على الفترة السادسة.

أسمعك تقول لى «طيب وانت زعلان ليه.. ألم تكن من المعارضين للتوريث.. ألا ينبغى أن تسجد لله شكرا وتحمده على أن وفق الرئيس إلى هذا القرار التاريخى الذى أنهى كل أحلام البعض فى تحويل مصر إلى عزبة.. ألا ينبغى أن تشكر الرئيس مبارك لأنه قال فصدق ووعد فأوفى بما قاله منذ سنين فى حوار مع مجلة أكتوبر أن مسألة التوريث ليست مطروحة على الإطلاق لأن مصر ليست سوريا». إذا كنت قد قلت لى ذلك فعلا، فدعنى أبشرك بأننى لست بحاجة إلى مناسبة لكى أحمد الله، فقد أوصانا الله بأن نحمده فى السراء والضراء، وهو سبحانه الذى لا يحمد على مكروه سواه.

أما عن شكر الرئيس مبارك فصدقنى أننى كنت سأشكره من أعماق قلبى لو كان قد قرر أن يدخل التاريخ كأول رئيس سابق فى تاريخ مصر، بعد أن يكون آخر قراراته التاريخية إجراء تعديلات دستورية تقصر مدة الرئاسة على فترتين رئاسيتين فقط، وأقسم بالله غير حانث أننى ساعتها سأحشد كل ما أملكه من قدرات مادية ومعنوية من أجل دعم المرشح الرئاسى الذى يختاره الرئيس مبارك لكى لا تقع مصر فى يد قوى التطرف أو تدخل فى نفق مظلم كما يقول بعض الخائفين من التغيير سواء كانوا مخلصين أو غير ذلك، بشرط ألا يكون هذا المرشح نجله جمال أو أحد أصحاب نجله من أصحاب الأعمال، لاحظ أننى قلت نجله ولم أقل ابنه لكى يعطينى الأستاذ مفيد فوزى درجة فى الأدب مع الرئيس، ولاحظ أننى قلت «أصحاب» ولم أقل «رجال» لأن الرجولة أدب وليست مليارات جاءت ببركة قروض المودعين، ولاحظ أننى لم أقل أسماء المرشحين المحتملين...

لأننى أؤمن بأن دوائر الحكم مليئة برجال محترمين أكفاء يصلحون لتولى مسؤولية البلاد، وأنت تعلمهم وأنا أعلمهم وتعلم لماذا لا أذكر أسماءهم، وحتى لو كانت الأيام ستثبت عدم صلاحية أحدهم أو جميعهم لتولى الرئاسة، فإن ضمان عدم تأبيد الرئاسة بعد تعديل الدستور يكفى لضمان مستقبل البلاد التى عندما نقول مرارا وتكرارا، إنها بحاجة ماسة إلى التغيير، فنحن نقصد أنها بالضرورة تحتاج إلى تغيير الرئيس، وليس إلى تغيير رقم فترته الرئاسية من خمسة إلى ستة.

يبقى عندى سؤال أخير، إذا قاطعتنى وقلت لى «سؤال إيه تانى فى يومك اللى مش فايت ده؟»، وهنا دعنى أطمئنك أنه سؤال لا يخص مستقبل مصر التى ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، اعتبره السؤال الوحيد الذى أصبحت مهتما بالعثور على إجابة له، «طب القمر إيجيبت سات واحد واختفى، فين بقى إيجيبت سات اتنين؟، ولا مافيش إيجيبت سات اتنين أساسا؟».
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء أكتوبر 26, 2010 8:35 am

حرية الأستك

بقلم بلال فضل ٢٦/ ١٠/ ٢٠١٠

لماذا لم يتعاطف الكثير من كتابنا وإعلاميينا الذين يرفعون شعارات الليبرالية مع القنوات الفضائية الدينية التى تعرضت للإغلاق بقرارات تعسفية؟. ببساطة لأنهم أناس مننا وعلينا، يؤمنون مثلنا بالحرية أم أستك التى نقوم بمطها حسب الطلب لكى تصبح فقط على مقاس الأفكار التى نؤمن بها، فى أعماقنا يقبع هتلر متعدد المقاسات يرفع دائما شعار «لا حرية لأعداء الحرية»، أو «لا حرية لأعداء الدين»، أو بمعنى أصح «لا حرية لأعداء رأيى»، ودائما نحن مستعدون وجاهزون لتدبيج عرائض منطقية لتبرير قرارات القمع والمصادرة التى تخص المختلفين معنا فى الرأى.

«خلى المكنجى يرجع المنظر» لكى نتذكر أغلب تفاصيله المحزنة سويا، المسلمون غاضبون من قناة مسيحية ينعق فيها صوت سفيه يتطاول على الإسلام، والقيادات الكنسية تدين ذلك الصوت أحيانا وتتجاهل إدانته أحيانا أخرى وتطالب دائما بإغلاق قنوات إسلامية تهاجم دينهم وتمارس التمييز ضدهم، أهل السنة يغضبون من رأى لشيعى موتور يتطاول فيه على السيدة عائشة، فيطالبون بقوة بإغلاق القنوات الشيعية،

وعندما تغلق الحكومة القنوات الدينية السنية والشيعية معا، ينسى الليبراليون والعلمانيون والمختلفون مع هذه القنوات مقولة التنويرى الحقيقى فولتير «قد أختلف معك فى الرأى لكننى على استعداد لأن أدفع حياتى ثمنا لحقك فى إعلان رأيك»، فمن وجهة نظرهم أن هذه القنوات تستحق الإغلاق لأنها «تنشر التطرف والجهل والخرافة والشعوذة» وكان ينبغى أن تغلق من زمان، والمتدينون غاضبون ويرون أن الأولى بالإغلاق قنوات الانحلال والخلاعة والمجون وهى،

من وجهة نظرهم، قنوات الأغانى والأفلام التى يطلبون إغلاقها بدلا من أن يكتفوا بإدانة إغلاق قنواتهم فقط، والحكومة المباركة حققت أغراضها كاملة تحت غطاء «قنابل الدخان الكثيف»، على حد التعبير العبقرى للإعلامى الكبير حسين عبدالغنى، وضربت منابر الاختلاف والشغب، لكى يسود صوت واحد هو صوت الاستمرار من أجل الاستقرار، استقرار الرئيس على كرسى الحكم.

لست محتاجا لأن أذكرك بأننى لست من المعجبين بالقنوات الدينية التى أغلقت، لكننى بأمانة ضد قرار إغلاقها، لأن تأييد إغلاقها بهذه الصورة المتعسفة لا يستقيم أبدا فى رأيى مع أى إيمان حقيقى بالحرية، وإذا كنت معارضا لما تذيعه هذه القنوات فإن من واجبى أن أواجهه بالحجة والمنطق والرأى وليس بالإغلاق والقمع، وليس من حقى أو حق أحد وصف من فيها بالتطرف والجهل والتخلف، لأن هذه أحكام مطلقة تشبه وصف بعض من فى تلك القنوات للمختلفين معهم بالكفر والإلحاد والعلمانية،

وكان من الأولى أن نبذل مجهودا فى التعامل مع تلك القنوات بأن نحدد البرامج التى تحتوى على ما نقول إنه جهل وتطرف وتخلف، مثلما حددنا البرامج التى تنشر الشعوذة وتمارس مهنة الطب زورا وعدوانا، لنقوم بعدها بمواجهة هذه البرامج قضائيا وإعلاميا، وندخل فى حالة من الجدل والحوار معها، بدلا من أن نصفق لإغلاق قنوات بأكملها كانت تقدم لملايين المتدينين مادة دينية وروحية من حقهم أن يتلقوها حتى لو لم يكن ذلك يعجب بعضنا.

سيرد البعض بأن هذه القنوات تجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، الاختلاف معها لأنها تتحدث باسم الدين، وفى بلادنا التى يسودها التدين الشكلى ويسهل فيها جذب الجماهير باسم الدين، تكتسب هذه القنوات سطوة لم يعد من المقبول السكوت عليها، ولهؤلاء أقول إنهم مخطئون إذا ظنوا أن إغلاق تلك القنوات سيكون فى خدمة المجتمع، بل إننى أعتقد أن ذلك القمع قدم خدمة مجانية للفكر المتشدد الذى سيكتسب شرعية إضافية من كونه ممنوعا،

والممنوع مرغوب، خصوصا إذا كان ممنوعا يأخذك إلى الجنة بعد أن أغلقت فى وجهك أبواب الدنيا، ببساطة هذا الفكر المتشدد لم يعد مطالبا الآن بأن يعمل فى النور تحت رقابة المجتمع ومظلة القانون، بل سيكون بمقدوره أن يتمطى ويتمطع ويأخذ راحته على الآخر عبر مواقع الإنترنت التى تستحيل رقابتها، والسيديهات التى ورثت إمبراطورية كاسيتات التشدد، وبدلا من أن نسمح بوجود تلك القنوات فى النور ونخضعها لقانون حاسم وحازم، سننشئ فى كل زاوية قناة سرية لا يعرف أحد ما تبثه، ولا يعلم إلا الله كم تنظيما تكفيريا سيخرج لنا على أيدى تلك القنوات السرية.

كل هذا بالطبع لا يفكر فيه عباقرة المنع فى أروقة الحكم الذين يظنوننا عُبطا لكى نصدق أنهم خائفون على العقل المصرى، مع أنهم الذين خربوه طيلة السنين الماضية بتعليم مهترئ وإعلام مدجن وثقافة نخبوية وسياسات أمنية تظن أن السلاح أخطر على المجتمع من الفكر،

ولو كان هؤلاء صادقين حقا فى خوفهم على العقل المصرى لبادروا منذ إطلاق النايل سات إلى إنشاء منظومة تشريعية تجرم التمييز الدينى والتكفير وتمنع ممارسة الدعوة والطب والفتوى دون ترخيص ولا مؤهلات، ولوضعوا منظومة إجرائية تجعل الظهور على شاشة تلك القنوات أمرا يخضع للعلم والتخصص والثقافة والموهبة،

وليس لأمن الدولة الذى لم يكن شيخ من أولئك الشيوخ يظهر دون رضاه، كما قال الدكتور صفوت حجازى فى صوت الأمة قبل أسبوع، لو كان ذلك قد حدث منذ البداية لما كانت قد ظهرت تلك القنوات التى تاجرت فى الدين واتخذته بضاعة، ولكانت الساحة ستظل مقصورة على القنوات الدينية التى تمارس رسالتها الحقيقية فى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والارتقاء بعقول الناس وأخلاقهم ونشر المعرفة الدينية الواعية والوسطية التى لا يمكن أن يكرهها رجل رشيد.

لكن من قال إن ذلك لو حدث كان سيكون فى مصلحة نظام يعرف أن بقاءه مرهون بالجهل والتطرف و«التدين المنقوص»، حتى لو كان فى ذلك فناء البلاد والعباد.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أكتوبر 27, 2010 8:23 am

صديقى ماريو

بقلم بلال فضل ٢٧/ ١٠/ ٢٠١٠

من «أغوط» أعماق قلبى أتوجه بخالص الشكر للجنة تحكيم جائزة نوبل للأدب التى اختارت منح الجائزة للأديب البيروفى العظيم ماريو بارجاس يوسا، لأنها، للمرة الأولى منذ سنوات، لم تخذلنى، واختارت أخيرا واحدا من أحب الكتاب إلى قلبى، فنفت عن نفسها التهمة التى كدت أحولها إلى حكم قاطع، وهى أنها تتعمد إغاظتى كل عام باختيار كتّاب لم أسمع عنهم من قبل ولم أقرأ لهم حرفا واحدا، لمجرد إظهارى بمظهر الجاهل أمام أصدقائى الذين يعلمون غرامى بالروايات المترجمة وحرصى على

اقتنائها إلى حد السفه، ومع ذلك، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، كلما أعلن اسم الفائز بنوبل للآداب يجدوننى جاهلا باسم الفائز، وحتى فى حالة معرفتى طشاشا باسمه، يكتشفون أننى لا أمتلك له عملا واحدا فى مكتبتى، لأنه لا توجد له أصلا أى أعمال فى كل المكتبات، مما كون لديهم، بمرور السنين، انطباعا بأن كل من اشترى لهم روايات من الأدباء العالميين هم مجموعة من التوافه الذين لا يستحقون أى تقدير.

باستثناء البرتغالى العظيم جوزيه ساراماجو، كنت أكتشف خلال الخمسة عشر عاما الماضية أننى أسمع اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب لأول مرة، فأحاول مداراة غيظى النابع من إحساسى بالجهل باسمه ورسمه، وذلك بأن أقول لأصدقائى إن هذه الجائزة مسيسة وفاشلة وليس لها مصداقية، بدليل أنها لم تمنح لكتاب عظماء منهم، على سبيل المثال لا الحصر، البرازيلى جورجى أمادو والمكسيكى كارلوس فوينتس والبيروفى ماريو بارجاس يوسا والألبانى إسماعيل كاداريه والتشيلية إيزابيل أليندى والتركيان يشار كمال وعزيز نيسين والتشيكى ميلان كونديرا،

وكلهم روائيون عظماء بدليل أننى أعرفهم وأقتنى أغلب كتبهم المترجمة وأعشق معظمها، ومع ذلك لم تخترهم اللجنة بالعند فىّ، واختارت أسماء لا أعرف عنها شيئا لأدباء مغمورين سيئين بالتأكيد، وإلا لكنت قد سمعت عنهم أو وجدت كتبهم المترجمة تملأ المكتبات قبل إعلان الجائزة.

خذ عندك يا سيدى، على سبيل المثال لا الحصر، «هرتا مولر الفريدة يلينيك جون م. كويتزى إمره كويتس ف. إس نايبول جاو كسينجيان جونتر جراس داريو فو فيسورافا شيمبورسكا شيموس هينى كنزا بورو أوى ديريك والكوت نادين جورديمر اكتافيو باث كاميلو خوسيه ثيلا لوكليزيو دوريس ليسينج هارولد بنتر» كل هؤلاء فازوا بجائزة نوبل للآداب، خلال السنوات الماضية، دون أن يكونوا فى دائرة توقعات صحافتنا الأدبية ونقادها،

ودون أن يكونوا من الكتاب ذوى الشعبية والانتشار فى دوائر قراءة الأدب لدينا، (وأرجو أن يخطئنى أحد إذا كنت أهرف بما لا أعرف). أحيانا، وبعد شهور من إعلان اسم الفائز بالجائزة، يظهر دائما أنه كانت هناك أعمال مترجمة للفائز لم نكن قد سمعنا عنها، أو أنها لم تجد من ينشرها لأن الناشرين يفضلون الأسماء المضمونة، ودائما عندما تظهر هذه الأعمال أقرأها وأنا أبحث عن تصديق على حكمى المسبق بأن الأديب الفائز لم يكن يستحق الجائزة قطعا، وغالبا ما تفلح رداءة الترجمة فى التصديق على حكمى،

بعد إعلان فوز الفرنسى لوكليزيو بالجائزة تذكرت أننى اشتريت له وأنا فى الجامعة رواية اسمها (صحراء) صدرت عن دار المستقبل العربى، كل ما بقى فى ذاكرتى منها أن غلافها أصفر وأنها رديئة جدا، قلت لنفسى عندما تذكرتها ليس معقولا أن أكون أنا أفهم أكثر من أعضاء لجنة نوبل، بحثت عنها بعناد حتى وجدتها، وعندما أعدت قراءتها اتضح لى أن الترجمة التى قام بها الأستاذ أحمد كمال يونس لم تكن رديئة كما

ظننت وقتها، وإنما الرواية تحكى عن عالم لا يعنينى ولا يمسنى من قريب ولا من بعيد، ببساطة الحكاية كلها أذواق، ولذلك لم أتعجب عندما قرأت تصريحات لأدباء كبار أحبهم ينتقدون يوسا فنياً ويصفون رواياته بأنها مسلية وليست عميقة ولا تترك أثرا فى الروح، وهى انتقادات يمكن ببساطة أن توجه إلى بعض أعمالهم التى تمتاز عن روايات يوسا بأنها حتى ليست مسلية، استغربت حماس بعض أصدقائنا فى توجيه انتقادات قاسية إلى أولئك الأدباء الكبار الذين انتقدوا يوسا، وحاولت إقناع بعضهم عبثا أنه لا داعى لكل هذا الغضب لأن يوسا نفسه لن يفرق معه أصلا رأى أدبائنا فيه، والرجل بالتأكيد يدرك أنه لن يأخذ كل حاجة، وأعتقد أنك لو خيرته بين نوبل وبين رأى أدبائنا فيه لاختار نوبل بقلب جامد.

عموما من يدرى، ربما يأتى يوم على الذين يكرهون يوسا ويرون أنه حصل على أكثر من حقه فيغيرون رأيهم فيه، ربك قادر على كل شىء، محسوبك مثلا لم يكن يطيق التركى أورهان باموق بعد أن قرأت له رواية لم تعجبنى مع أنها من أشهر رواياته وهى «اسمى أحمر»، ومن غيظى منها قررت أن أرزعه حكما لم أحتفظ به لنفسى..

بل كتبته فى مقالة سخيفة ورطت فيها اثنين من أصدقائى هما الكاتب العظيم د. محمد المخزنجى والروائى العالمى د. علاء الأسوانى اللذين فرحت أنهما يمتلكان نفس الرأى السلبى فى باموق، فنشرت رأيهما دون حتى أن أستأذنهما فى النشر، ظنا منى أن اشتراكى معهما فى رأى ربما سيجعلنى أفلح مثلهما، والتوريطة جاءت عندما قرأ الكاتب هانى درويش مقالتى فكتب فى مجلة (آخر ساعة) مقالا يسخر فيه منا نحن الثلاثة ويتهمنى بالتعجل وفساد الذائقة الأدبية.

بالعند فى هانى أعدت قراءة (اسمى أحمر) مرتين ولم أحبها فى المرتين، لكننى بعد ذلك قرأت كتابا رائعا لـ«باموق» اسمه «إستانبول الذكريات والمدينة» فسحرنى الرجل، واعتبرت الكتاب مفتاحا جديدا لولوج عالمه الروائى، فبدأت أعيد قراءة رواياته التى ترجمها المترجم السورى القدير عبدالقادر عبدالله فأعجبت جدا بروايتين هما (ثلج) و(الكتاب الأسود) ولم تعجبنى روايات أخرى له لن أذكر اسمها لكى لا أكرر الغلطة، وأخيرا قرأت له أحدث كتبه (ألوان أخرى) الصادر عن دار الشروق بترجمة رائعة للأستاذة سحر توفيق، فأصبحت من مهاويس الرجل، لدرجة أننى حاولت زيارته فى تركيا التى لم يعد يقيم بها كثيرا بسبب تصريحاته المثيرة للجدل، ثم باتت مثيرة للسخط إلى حد يبدو أنه بات يهدد حياته.

ببساطة ما تعلمته من تجربتى مع أورهان باموق هو ألا أُنَصِّب نفسى حَكَما على كاتب من عمل وحيد له، وحتى إذا تكون لدىّ انطباع عنه فمن الأفضل أن أحتفظ بهذا الانطباع لنفسى لكى لا أتسبب فى تطفيش شخص يرغب فى قراءته، خصوصا إذا كان شخصا لا يشارك صديقنا هانى درويش فى الاعتقاد بأن ذائقتى الأدبية فاسدة.

ونكمل غداً بإذن الله.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الخميس أكتوبر 28, 2010 9:40 am

يوسا وزمن البهلوانات

بقلم بلال فضل ٢٨/ ١٠/ ٢٠١٠

بالنسبة لى كقارئ عربى، لا يستحق الروائى العظيم ماريو بارجاس يوسا جائزة نوبل للآداب منفردا، فمن العدالة أن يشاركه فيها بنسبة عادلة المترجم العربى الكبير صالح علمانى، الذى لولاه ما كان أمثالى من عديمى اللغات قد قرأوا هذا الكم المتنوع من الروايات الرائعة ليوسا، حتى لحظة فوز يوسا بالجائزة كانت دار المدى العراقية التى تتخذ من سوريا مقرا لها قد نشرت له من ترجمة صالح علمانى الروايات التالية

«امتداح الخالة من قتل بالومينو موليرو ليتوما فى جبال الانديز بانتاليون والزائرات قصة مايتا شيطنات الطفلة الخبيثة الفردوس على الناصية الأخرى حفلة التيس» بالإضافة إلى كتاب (رسائل إلى روائى شاب) ورواية (الفردوس على الناصية الأخرى) التى نشرتها دار الحوار السورية، أما دار الفارابى اللبنانية فكانت قد نشرت له من ترجمة صالح علمانى أيضا رواية (دفاتر دون ريغو دى بيرتو) التى تشكل امتدادا لرواية (امتداح الخالة)، وفى مقدمتها قرأت أن صالح علمانى كان قد ترجم له روايتين قديمتين لكننى لم أجدهما أبدا على طول ما بحثت عنهما فى القاهرة ودمشق وبيروت، وهناك دار نشر تونسية على ما أعتقد

نشرت ترجمة لكتابه (إيروس فى الرواية) وقد بحثت عنه فى مكتبات القاهرة ولم أجده، وسأكون شاكرا لمن يدلنى على كيفية الوصول إليه، أما المجلس الأعلى للثقافة فكان قد نشر له عملين هما (الجراء الرؤساء) من ترجمة الأستاذة هالة عبدالسلام ومراجعة محمد أبوالعطا. أتمنى أن يشجع فوز يوسا بنوبل دار المدى على إعادة نشر ما تمت ترجمته ليوسا، ثم تكليف صالح علمانى بترجمة كل ما لم نقرأه بعد من إنتاج يوسا الغزير سواء كان روايات مثل (حديث فى الكاتدرائية) و(حرب نهاية العالم) و(زمن البطل) وغيرها من الروايات والكتب، خاصة أننى قرأت له كثيرا فى الصحيفة المحترمة (أخبار الأدب) مقتطفات فاتنة من أعمال نقدية وكتابات صحفية عديدة له.

للأسف كان فوز يوسا بنوبل للآداب فرصة لفضح الواقع المتردى للصحافة المصرية فى تعاملها مع الأدب والثقافة، راجع من فضلك التغطيات المختلفة التى قدمتها صحفنا التى حفلت بالأخطاء ونقص المعلومات، وقارنها بالتغطيات المماثلة التى قدمتها الصحف العربية ولن أقول العالمية للحدث، (أستثنى هنا تغطية أخبار الأدب المتميزة دائما وأبدا، ثم تغطية صفحة الأدب فى الأهرام والتى يشرف عليها الشاعر الكبير بهاء جاهين)، لا أريد هنا أن أتعالم وألقن كل صحيفة درسا وأنا العبد الخطاء، لكن أعتقد أنه من العيب فى عصر الإنترنت أن تخطئ

صحف كبيرة فى معلومات من نوعية كم أديبا من أمريكا اللاتينية حصل على نوبل، فتقول صحيفة كبيرة ثقافيا إن أمريكا اللاتينية حصلت على نوبل للآداب مرتين، وفى صحيفة يرأسها مثقف كبير تقرأ أنها حصلت عليها ثلاث مرات، مع أن المسألة ليست كيميا، يمكن ببساطة أن تدخل كصحفى إلى شبكة الإنترنت وتطبع سطرا فى جوجل اسمه (قائمة الفائزين بجائزة نوبل للآداب) وعندها ستعرف أن أمريكا اللاتينية حصلت على جائزة نوبل ست مرات، والعهدة على جوجل، أول مرة كانت فى عام ١٩٤٥ وكانت من نصيب الشاعرة التشيلية غبريالا مسترال، ثم فى عام ١٩٦٧ حصلت عليها للمرة الثانية عندما ذهبت الجائزة إلى كاتب جواتيمالا الأشهر ميغيل أنخل استورياس صاحب رواية (السيد الرئيس) الشهيرة، ثم فى ١٩٧١ حصل الشاعر التشيلى العظيم بابلو نيرودا على الجائزة الثالثة لأمريكا اللاتينية.

وبعدها فى عام ١٩٨٢ جاءت الجائزة الرابعة والأشهر التى كانت من نصيب الروائى الكولومبى العظيم غابرييل غارسيا ماركيز، وفى عام ١٩٩٠ كانت الجائزة الخامسة من نصيب الروائى المكسيكى أكتافيو باث، وأخيرا فاز يوسا بالجائزة السادسة لأمريكا اللاتينية التى كانت تستحق دون شك جوائز يفوز بها جورجى أمادو وخورخى لويس بورخيس وخوليو كورتاثار وكارلوس فوينتس وإيزابيل الليندى (وإن غضب البعض)، ومن هؤلاء من قضى نحبه ومنهم من تنتظره الجائزة.

وياليت الأمر اقتصر على أخطاء المعلومات التى نشرتها الصحف حول أسماء روايات يوسا وعدد رواياته، للأسف حاول البعض إصدار أحكام سياسية على الرجل حاولت تصوير أنه فاز بالجائزة لأنه يمينى متعفن ساند الحرب الأمريكية على العراق، وأنه انتهازى باع اليسار واشترى اليمين الذى أوصله إلى نوبل، مع أن مواقف الرجل السياسية أكثر تعقيدا وتركيبا من ذلك، للأسف لم تكلف أغلب الصحف نفسها استكتاب

متخصصين حقيقيين فى أدب الرجل مثل الدكتور حامد أبوأحمد الذى كتب عنه فصولا بديعة فى كتاب له عن أدب أمريكا اللاتينية أصدرته الهيئة العامة للكتاب، تفهمت غضب الدكتور حامد فى إحدى الندوات مما قيل من تصريحات ضد يوسا من كتاب مصريين، ليس فقط لأنه عرف يوسا شخصيا عندما رافقه خلال زيارته إلى مصر قبل سنوات، وإنما لأنه يعرف بحق قيمة الرجل وعطاءه الأدبى الذى يتجاوز بكثير موقفا سياسيا اتخذه بسبب انحيازه الدائم ضد الديكتاتوريات السياسية، وإن كان ذلك لم يمنعه من الكتابة بإنصاف عن العراق ووضعها تحت الاحتلال الأمريكى عندما زارها بعد ذلك بسنوات بصحبة ابنته التى صورت تلك الزيارة.

الغريب أننى قرأت مقالات وتصريحات لأدباء ونقاد مصريين حول مواقف يوسا السياسية وصلت إلى حد الحديث عن كتابات ابنه الأكبر الذى تحتفى به الصحافة اليمينية فى أمريكا، وتعجبت من إصرار البعض على الاستمرار فى تصوير أن من يحصل على نوبل للآداب لابد أن يكون مرضيا عنه من الصهاينة والأمريكان، فقد كنت أظن أن ملفا مثل هذا كان ينبغى أن يغلق أو حتى يفتح على استحياء بعد ذهاب الجائزة لكتاب مثل ساراماجو وداريو فو وهارولد بنتر ولوكليزيو وجميعهم أصحاب مواقف رائعة ضد الصهيونية والغطرسة الأمريكية، بالطبع

ليس يوسا من بقية أهلى لكى أتعصب له وأسعى لمنع أى اجتهادات تطلق بشأنه، لكننى كنت أتمنى أن تكون اجتهادات تقف عند حدود الأدب (أقصد المعنيين هنا)، ولا تتطوع بمحاولة تشويه الرجل ووصمه باتهامات تبعد عنه القارئ المصرى والعربى خاصة أن الرجل اتخذ مواقف سياسية لم تعجب إسرائيل عندما زار الأراضى المحتلة وانحاز للحق الفلسطينى بطريقته ومن خلال مفاهيمه التى قد لا ترضى طموحاتنا، لكنها يمكن أن تشكل أرضية للحوار مع رجل مثله لديه تأثير أدبى كبير فى العالم يمكن أن نستفيد منه لخدمة القضية الفلسطينية إذا كنا راغبين أصلا فى خدمتها، أو تذكرها.

على أية حال، أعتقد أن يوسا وأدبه أعظم وأجمل بكثير من أن أحاول تلخيصهما أو اجتزاءهما حتى فى مساحة شاسعة كهذه، أعجبنى السطر الذى عللت به اللجنة قرار منح الجائزة ليوسا «لرسمه خرائط بنى السلطة ولتصويراته المتعمقة لمقاومة الفرد وثورته وانهزامه»، وهو سطر يلخص بعضا من أعمال يوسا لكنه لا يختزل تجربته كلها كما أظن، فى (حفلة التيس) ستجده يقدم تجربة بديعة فى أدب الديكتاتور من خلال روايته لقصة ديكتاتور الدومينيكان الشهير تروخيو، عندما ظهرت الطبعة العربية الأولى للرواية فى عام ٢٠٠٠ وقرأتها بنهم واستمتاع،

لم أكن أعلم جهلا منى أنها عن شخصية حقيقية، ثم بعد ذلك ومع تتبعى لأعمال يوسا وجدت أنه يكتب كثيرا من أعماله الروائية عن شخصيات حقيقية ولكن بعد أن يقوم بعمل خلطة روائية بديعة يختلط فيها الواقع بالخيال بشكل مدهش، ستجد ذلك فى روايته (الفردوس فى الناصية الأخرى) التى يروى فيها جانبا مجهولا من حياة الرسام العالمى بول جوجان، فى روايته (قصة مايتا) التى جلبت له سخطا من رفاقه اليساريين القدامى يلقى الضوء على تناقضات الأحزاب السياسية اليسارية مازجا الواقع بالخيال بأسلوب ساخر مدهش،

فى روايته (بانتاليون والزائرات) يحكى بشكل ممتع عن قصة تأسيس جيش بيرو إدارة سرية تقدم خدمات للدعارة فى المناطق التى يخدم فيها الجنود فى الغابات والأحراش لكى لا يقوموا باغتصاب نساء القرى المجاورة لمناطق خدمتهم ويتم تكليف أكثر الضباط حزما وصرامة بترك الخدمة العسكرية رسميا وإنشاء هذه الإدارة دون أن يعترف بارتباطها بالجيش، فى روايته (من قتل بالومينو ماليرو) يكشف من خلال تحقيق فى جريمة قتل حلقات الفساد التى تنشأ بين المؤسسة السياسية والمؤسسة العسكرية، وحتى فى أعماله التى تبدو بعيدة عن الأجواء السياسية يحرص يوسا على تقديم خلفية معرفية فى كل رواية بأسلوب يبتعد عن المباشرة لكنه يقدم فائدة عظيمة لقارئه.

كل ما حققه يوسا من نجاحات أدبية لم يقنعه بالابتعاد عن الاشتباك مع الواقع، فهو حتى الآن يكتب فى الصحف مقالات منتظمة، بل ويقوم أحيانا بعمل تحقيقات صحفية بتكليف من بعض الصحف، وهو يعلن دائما أنه مدين للصحافة بأنها ألهمته نصف ما كتبه، وفى حين يحاول بعض كتابنا أن يهرب من اتخاذ مواقف سياسية محترمة يواجهون بها الواقع بزعم أن ذلك يؤثر سلبا على جودة أدبهم، نرى يوسا عندما يُسأل فى حوار صحفى حول إصراره على كتابة المقالات السياسية وما إذا كانت يمكن أن تؤثر عليه سلبا،

يرد قائلا «أعتقد أن الكاتب لا يجب أن يفكر فى الانسحاب، إن مهمة الكاتب هى أن يكتب بصرامة وأن يدين كى يدافع عما يؤمن به بكل ما لديه من موهبة، أؤمن أن هذا اعتبار أخلاقى للكاتب، لأنه لا يمكنه أن يكون فنانا مجردا، أعتقد أن على الكاتب مسؤولية من نوع ما، على الأقل فى أن يشارك فى الحوار المدنى، لأننى أعتقد أن الأدب يحسن الأحوال إذا أًصبح جزءا من برنامج الناس والمجتمع والحياة... أعتقد أن مداخلات الكتاب فى الحوار العام يمكن أن تصنع فرقا، إذا انتزعت الثقافة تماما من سياق ما يجرى فإنها تصبح مصطنعة».

لم يكتف يوسا فقط بالكتابة فى الشأن السياسى والاشتباك مع الواقع، بل قرر أن يخوض تجربة العمل السياسى بشكل مباشر، لعلك تعلم أنه رشح نفسه لانتخابات الرئاسة فى موطنه بيرو ضد رئيسها ألبرتو فوجيمورى ودخل فى جولة إعادة، وكانت تجربة مريرة قضى فيها ثلاث سنوات من عمره لكنه تعلم منها أشياء كثيرة أهمها أن «شهوة السلطة السياسية يمكن أن تدمر عقلا بشريا وتدمر مبادئ وقيما، وتحول البشر إلى وحوش صغيرة»، وأن «الطغاة ليسوا كوارث طبيعية بل تتم صناعتهم بمعاونة عديد من البشر، وأحيانا بمعاونة ضحاياهم أيضا»، بعد هزيمته قرر أن يعود ثانية إلى الأدب وهو أمر نحمد الله عليه لأنه أنتج بعدها عددا من الروايات الجميلة، لكنه لم يتوقف عن كتابة المقالات السياسية المهمة.

آخر ما قرأته له كان مقالا بعنوان (زمن البهلوانات) نشرته له (أخبار الأدب) هذه الصحيفة التى يجب أن تفتخر بها مصر وترجمه المترجم المتميز أحمد عبداللطيف، وهو مقال احتفى به العديد من المواقع الثقافية العربية بوصفه يشكل إدانة لما قام به القس الأمريكى المتعصب تيرى جونز الذى دعا إلى حرق المصحف الشريف فى كنيسته بفلوريدا، لكن المعنى الأهم فى مقال يوسا كان عن ثقافة الاستعراض التى أصبحت هى السمة الأساسية لمجتمعنا فى هذا الزمن الذى يصفه يوسا بأنه أكثر الأزمنة التباسا فى تاريخ البشرية، معتبرا أن ما فعله جونز من حماقة وبهلوانية لم يكن يستحق سوى الصمت أو التجاهل أو على أقصى تقدير كتابة سطرين فى صفحة النكات والغرائب بالصحف، لكن احتفاء وسائل الإعلام بجونز كاد يشعل العالم كله،

وجونز كان سعيدا بذلك ولم يدرك أبدا خطورة ما فعله لأن على حد تعبير يوسا «أحد ملامح التعصب المحددة هو عدم قدرة المتعصب على تملك خطة بالأولويات الرصينة والمنطقية، فالأولوية الأولى لديه هى دائما فكرة أو إله يمكن أو يجب أن يضحى بالآخرين من أجله».

لا يلقى يوسا اللوم على وسائل الإعلام وحدها بسبب تضخيمها لما حدث، فهو يرى أنها باتت مضطرة لفعل ذلك لأن هذا هو ما ينتظره منها قراؤها ومشاهدوها فى العالم أجمع «أخبارا تخرج عن الروتين اليومى، تدهش، تربك، ترعب، تفضح وفوق كل شىء تسلى وتلهى.. لا يمكن أن تكون المعلومة فى أيامنا جادة، لأنها لو كانت كذلك سيكون مصيرها القبر، فالقاعدة العريضة من تلك الأقلية التى مازالت تهتم بمعرفة ماذا يحدث يوميا فى الأوساط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى العالم، لا تريد أن تشعر بالملل وهى تقرأ أو تسمع أو تشهد تحليلات فطنة ولا معقدة مليئة بالصبغات، وإنما تريد أن تتسلى، تقضى وقتا هادئا

يخلصهم من ضيق وإخفاقات وتوترات اليوم، وليس محض صدفة أن تجد جريدة مثل لوموند الفرنسية، وهى واحدة من أكثر الجرائد جدية واحتراما فى أوروبا على أبواب الإفلاس عدة مرات فى السنوات الأخيرة، وأنقذت نفسها حديثا مرة أخرى، لكن من يدرى إلى متى، إلا إذا خضعت لإفساح مساحة للخبر التسلية، الخبر النكتة، الخبر التفاهة، الخبر الفضيحة، الذى احتل بطريقة منهجية كل وسائل الإعلام الكبرى سواء فى العالم الأول أو الثالث..

ولكى تمتلك وسائل الإعلام الآن الحق فى الوجود والازدهار لا يجب أن تعطى أخبارا، وإنما تقدم استعراضا لمعلومات تشبه فى لونها وفكاهتها وطابعها المثير وعلو نبرتها، الاستعراضات الواقعية حيث يلتبس الحق بالباطل كما يحدث فى العمل الخيالى».

ويلفت يوسا الانتباه إلى أن تحول التسلية لتكون القيمة الأهم فى عالمنا برغم تجاوزها لمبادئ أساسية مثل التعايش والأخلاق والجمال والذوق، مشكلته أنه شر لابد منه فى المجتمعات التى تتمتع بالحرية، لأن محاولة تقليل أو قمع الحرية من أجل السيطرة على هذه الجوانب السلبية للتسلية، سيكون له عواقب أوخم من هذه التفاهات، وهو ما يجعل المجتمعات للأسف تواصل افتتانها بالحاجة للتسلية كهدف أول،

وبالتالى يُحَوِّل المجتمع «خطوة خطوة ساسته ومثقفيه وفنانيه وصحفييه ورعاته أو كهنته وحتى علماءه وعسكرييه إلى بهلوانات»، وهو ما ينذر فى رأيه بدفع عدد أكبر من الناس من مختلف المدارات للتصرف بطريقة تسمح لهم بالهروب من الظلام والدخول فى محيط الشهرة التى يتمتع بها البهلوانات الذين يُصفق لهم إن أجادوا فن التسلية ويتلقون البقشيش ثم يُنسون إلى الأبد، لدرجة أنك تجد عالما كبيرا مثل ستيفن هاوكنج يجعل دعاية كتابه المقبل مبنية على حديث شديد السطحية يقول فيه إنه

سيبرهن أن خلق العالم يمكن أن يحدث دون حاجة إلى إله، وهو ما يعتبره يوسا دليلا على سيادة مناخ الاستعراض والبهلوانية الذى يفسر ما قام به العنصرى تيرى جونز والذى «ربما يكون متعصبا أو مجنونا أو مهرجا صرفا، لكنه فى كل الأحوال يجب أن يبقى واضحا أنه لم يفعل ذلك بمفرده، فكلنا شركاء له».

ياااه، فتح الله عليك يا عم يوسا.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin السبت أكتوبر 30, 2010 12:54 pm

بعض ما عندكم

بقلم بلال فضل ٣٠/ ١٠/ ٢٠١٠

لا يوجد كاتب لن يكون سعيداً عندما ينهمر عليه سيل من الرسائل يعلق على مقال كتبه، لكن ليس إلى درجة أن يصل عدد الرسائل إلى مائتى رسالة وربما أكثر قليلا أو أقل قليلا، كلها جاءت تعليقا على مقال (البصقات المقدسة)، الحكاية عندها ستتحول إلى ورطة، لأنك لن تستطيع الرد على أحد، ولن تستطيع حتى اختيار عينات ممثلة بشكل عادل للآراء الواردة فى الرسائل لنشرها، لذلك لجأت إلى الأستاذ مجدى الجلاد الذى وعدنى بتخصيص مساحة لنشر بعض الرسائل التى تحتوى على شهادات وآراء مهمة بعيدا عن سكة التكفير والتخوين التى يحفل بها العديد من الرسائل،

وبعيدا أيضا عن سكة التقدير والاحتفاء التى يحفل بها العديد من الرسائل أيضا، وإلى أن يحدث ذلك خلال الفترة القادمة عندما يتوفر لى وقت أطول لتحرير تلك الرسائل وإعدادها للنشر، اخترت هذه الرسالة المهمة التى جاءتنى من الأديب الرائع جمال مقار صاحب الروايات البديعة (كتاب الودعاء ـ سفر الطفولة ـ نصرى والحمار) والذى لم أكن أعرف أنه مسيحى إلا من خلال سطور رسالته، وأتمنى أن أكون موفقا فى اختيار رسالته للنشر لاعتقادى أنها تقدم مدخلا مهما لإثراء الحوار فى قضية الفتنة الطائفية.

«... حتى لا أطيل، سأدخل فى لب الموضوع والقضية، الموضوع: هوالرؤية المغلوطة التى يعيش فيها الناس (مسلمون ومسيحيون) الناتجة عن صناعة الأفكار التى أصبحت تتم عن طريق ثقافة التلقى من خطباء ووعاظ ودعاة ومبشرين فى المحافل الدينية والفضائيات. ولما كان ذلك النوع من الثقافة سهلا وبتكاليف أقل، إذ يكفى أن يجلس الإنسان أمام قناة نصف مغمض العينين وفاغرا فمه، ليتلقى ما يسكبه المحاضر من أفكار،

فقد أجيد استخدامه لإنتاج دوجما جديدة على الواقع المصرى، دوجما شديدة الخطورة والتوحش، لأنها تنتج إنسانا له بعد واحد لايرى شيئا إلا من خلاله، وينتهى به إلى التعصب الأعمى. (الدوجما مصطلح يونانى يعنى الجمود العقائدى والتأييد الأعمى لمبادئ ما دون الاستعداد للتفكير فيها، والتعريف اجتهاد من عندى وليس من عند الأستاذ جمال).

وسوف أعود بذاكرتى إلى سنوات الستينيات، حيث كانت الأخوة الصادقة تجمعنا مسلمين ومسيحيين، كان لى خمسة أصدقاء مسلمين وصديقان مسيحيان، ولتعلم أننا كنا ندخل بيوت بعضنا البعض، هناك كان أهلهم أهلنا وأخواتهم وأخواتهن إخوة لنا، وهم أيضا كانوا يفعلون، ولم يكن يخطر على بال أحد أن يسأل الآخر عن ديانته، حيث كان ترتيب أولويات الأفكار لا يوجد به رف لذلك السؤال. ثم انقلبت الحياة رأسا على عقب بعد حرب ١٩٧٣، تغيرت الأولويات،

وأصبحت صناعة الأفكار فى المجتمع صناعة إجرامية، شاركت فيها كل الأنظمة التى تبوأت السلطة فى البلاد العربية بقوة السلاح وحده، وعلى الجانب الآخر كان العدو يدرك أن النصر والهزيمة ليسا فى ميدان القتال، بل إن النصر فى الحياة العامة أشد أهمية، عن طريق تدعيم الجهل واللامبدئية ونشر الفقر والتفاهة والتدين الزائف وزرع الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وكلها مجتمعة تنتهى إلى مجتمعات هشة سهلة الانكسار والهزيمة.

قد شارك الجميع فى دعم هذه المرجعيات، فكل شىء أصبح من الواجب أن يمر أو يمرر من ثقب ضيق، هو المرجعية الدينية، حتى التكييف الجنائى للجرائم مرورا بالطب والعلوم وصولا إلى الاقتصاد، ونتج عن ذلك كم من المآسى التى دمرت حياة الكثيرين، على سبيل المثال شركات توظيف الأموال.

القضيتان الأخيرتان اللتان أود أن أشير إليهما هنا هما:

١ ـ قضية المصطلح الدينى المسيحى الذى يخلق لبسا شديدا عند تناوله بدون معرفة بالخلفية الناتج عنها، حيث تتشابه الكلمات نطقا مع اختلاف الدلالة، فالجذبة فى المفهوم المسيحى غير الجذبة فى المفهوم الصوفى الإسلامى، والاستشهاد المسيحى يختلف فى معناه عن الاستشهاد عند المسلمين، واستخدام لقب قداسة طبقا للمنظور المسيحى، لايعنى إضفاء صفة من صفات المطلق على شخص فان إنما هو قول من قبيل إبداء الاحترام والتأدب فى مخاطبة شخصية لها وزن دينى معين كالبابا، فالقداسة هنا نسبية لا علاقة لها بقداسة المطلق التى يقرها كتاب الصلوات المسيحية (الأجبية) حين يدعوالله بـ(قدوس الله، قدوس الحى الذى لا يموت ).

٢ ـ ثم نجىء إلى قضية البصاق التى أشك فى مصداقية روايتها كثيرا، حيث لم أعش أنا أو أبنائى مثل ذلك أبدا، لكننى سأسلم مع راويها بإمكانية ذلك فى محافظات أخرى غير القاهرة، لا باعتبارها نوعا من الاضطهاد الدينى بل من خلال النظر إليها كأفعال صبيانية لمراهقين جهلة، وهى نوع من التحرش الجنسى الناتج عن حالة من الانفلات الأمنى فى دولة تضع الأمن السياسى فى أول سلم الأولويات ولا تعبأ كثيرا بأمن مواطنيها، ولا بالتواجد الأمنى فى الشارع من أجل حماية المواطنين، وهناك حالات أشد بشاعة مثل حالة كوافير المعادى الذى كان يضرب الفتيات والنساء بمشرط فى أماكن حساسة ويفر هاربا ولم تكن من بينهن مسيحية واحدة، وهناك حالة التحرش الجماعى التى حدثت فى عيد الأضحى الفائت وأيضا لم تكن موجهة ضد مسيحيات.

وأخيراً، سأبدى اللوم للأقباط جميعا لتقاعسهم عن الأداء الذى يقدم نموذجا وطنيا يؤمن بالمواطنة الحقة، وانسحابهم وسلبيتهم وتقوقعهم دخل أطر دينية ضيقة، وعدم محاولتهم كسر التابوهات والاكتفاء بالشكوى والعويل، فلا مشاركة جادة فى الأحزاب ولا رؤية وطنية تبلور دورهم داخل الجماعة الوطنية الواحدة كمصريين أولا وأخيرا، ذلك لأنهم استعذبوا كعكة عبدالناصر منذ قيام انقلاب يوليو ١٩٥٢ الذى نحاهم عن الحياة السياسية وجعل مردهم إلى كبيرهم (الكنيسة/ البابا)، مما ضخم من دور الكنيسة وخرج بها عن دورها الحقيقى كسلطة روحية، ذلك ما جعل من الممكن أن تلبس مسوح السلطة الزمنية، هذا ما كان الأب الجليل (متى المسكين) يقف ضده بشدة، ودفع ثمنه سنوات طوالاً من الإقصاء والإبعاد. وختاما لك محبتى وتقديرى. جمال مقاراً».
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 11:06 am

المزيد من نكاح الأفكار

بقلم بلال فضل ٢/ ١١/ ٢٠١٠

٢- وهذه هى الأخبار الجيدة». كان ذلك العنوان الذى اختاره مؤتمر «تى. إى. دى» عنوانا له فى دورته الأخيرة التى انعقدت وخلصت ومضى عليها أشهر، دون أن نسمع لها حسا أو خبرا فى وسائل إعلامنا العربى الأهبل، التى تحرص على نقل جميع الفعاليات الرياضية لشعوب لا تمارس الرياضة، وتغطية جميع المهرجانات السينمائية لشعوب تحارب السينما بكل طاقتها رسميا وشعبيا، لكنها بالطبع لا يمكن أن تجرؤ على تغطية فعالية فكرية كهذه من شأنها أن تضيف شيئا إلى عقل المواطن، إذ لربما قللت من قدرتها على حكمه وشكمه وحلبه ونهبه.

ما علينا، إذا كان قد فاتك الخوخ فلِمَ لا ترضى مثلى بشرابه، وتدعنى أستعرض لك على قدر طاقتى بعض الأفكار المذهلة التى تم تقديمها فى هذا المؤتمر، والتى كان على رأسها اختراع توصلت إليه المخترعة «تان لى»، عبارة عن سماعة أذن يمكنها قراءة موجات العقل وترجمتها إلى تصرفات فعلية، بحيث يمكننا مثلا إسدال الستائر بمجرد التفكير فى ذلك، أو تشغيل كرسى متحرك عن طريق استخدام تعبيرات الوجه..

ستذهل عندما تقرأ أن السماعة سيتم طرحها فى الأسواق خلال أسابيع إن لم تكن قد طرحت فعلا، وشوف كم من متحدى الإعاقة يمكن أن يستفيدوا من هذا الاختراع المذهل الذى كدت أن أقول لنفسى: أموت وأفهم كيف تم التوصل إليه، لكننى قلت لنفسى ولماذا تموت، أليس من الأفضل أن تحيا وتحصل عليه لتستفيد منه، وتدعو للخواجة الكافر الذى يخترع أشياء مثل هذه بالصحة وطولة العمر،

لعله مثلا يخترع لك ذات يوم علاجا ناجعا لمرض السكر فتعود لمعاقرة كل ما حُرمت منه من اللذائذ والأطايب خصوصا الكشرى والطعمية المحشية والمكرونة الباشميل، أرجوك اعذرنى إذا كانت أحلامى همها على بطنى، فلو تركت لها العنان لشطحت إلى حد يجعلها ربما تتمنى أن يخترع الخواجة بخاخا مزيلا للحكام العرب، ترشه على الحاكم الفاسد فيختفى دون أن يترك أثرا، لكن أرجوك لا تفتح شهيتى لهذا النوع من الأفكار التى لا تدخل تحت بند النكاح الشرعى، بل تؤدى والعياذ بالله إلى ما يصفه الفقهاء بالنكاح الفاسد والعياذ بالله.

على أى حال إذا كنت لم أفهم كيف تم التوصل لفكرة تلك السماعة المذهلة، فهناك بعض الأفكار التى لم أفهمها أصلا من بابها، مثل الفكرة التى قدمتها «لورى سانتوس» العالمة فى مجال علم النفس المعرفى، التى استنتجت من خلال تجارب أجرتها على فصيل من القردة أن تلك القردة تقع فى نفس الخطأ الحسابى المتعلق بالمخاطرة المالية الذى يقع فيه الإنسان، وهو ما يمكّن من التوصل إلى أفكار تجعلنا كبشر نتجنب الوقوع فى تلك المخاطرات (إزاى ما تسألنيش، فناقل الفكر ليس بمفكر).

خذ عندك أيضا الفكرة التى قدمها مصمم الألعاب الشهير «بيتر مولينوكس»، وتبنتها شركة مايكروسوفت لتقوم بطرحها قريبا، وهى تقدم آلة تصوير تلتقط صورة وحركة الشخص، وتستخدمها لتجسيد كائن افتراضى يدعى MILO، يتم تطويره وتحديثه فى الواقع الافتراضى عن طريق نسبة الذكاء الجمعى للأشخاص الذين يتفاعلون معه، ستسألنى: «يعنى إيه؟»، وسأجيبك: «لا أعرف»، هكذا قرأت فى «الأوبزرفر» التى لا تنس أنها تتوجه لقارئ لديه فكرة وافية عن التطور العلمى ولذلك لا تجد نفسها مجبرة على شرح كل كبيرة وصغيرة له، وليس علينا سوى أن نحمد الله أنها سمحت لأمثالى أصلا بقراءة الموضوع، ويبقى علينا أن نجتهد فى فهمه إن استطعنا إلى ذلك سبيلا.

محرر «الأوبزرفر» يسأل نفسه: «بعد سماعك كل هذه الأفكار يصعب عليك معرفة ما إذا كانت أفكارا عبقرية أم مرعبة أم مفيدة حقا أم أنها لا قيمة لها!»، ثم يعرض على القارئ إجابات تلقاها على سؤاله «اللمض»، منها إجابة من «فرانسيس كيلينج» مدير الصوتيات فى شركة يونيفرسال ميوزيك العالمية، الذى قال له إنه لا يستطيع الانتظار حتى يتمكن من الحصول على السماعة التى ستطرحها شركة عالمية اسمها (إيموتيف) قريبا ليعطيها للموسيقيين العاملين فى شركته لأنهم سيفعلون بها الكثير فى مجال الموسيقى،

ثم يقوم «كيلينج» بتذكير المحرر بأن هذه التكنولوجيا بلا شك تولدت منذ أربعين سنة فى فيلم ستانلى كوبريك الشهير «٢٠٠١ أوديسة الفضاء»، الذى ظهر فيه كمببيوتر يسمى «هول ٩٠٠٠» يعيش بمفرده ويمارس حياته بمفرده بعد مشاهدته للإنسان وتعلم كل شىء منه، بالإضافة إلى فيلم خيال علمى آخر لكلينت إيستوود كان يطلق فيه صواريخ من مقاتلته المتطورة دون الضغط على أزرار بل باستخدام عقله فقط، يقول المحرر ساخرا: «أخبرنى كيلينج هذه المعلومة كما لو كان إطلاق الصواريخ بالقدرة العقلية شيئاً جيداً».

على أى حال، يتجاوز محرر «الأوبزرفر» رغبته فى التقليل من أهمية ذلك الحدث، ليقر بأن المؤتمر صار معرضا عالميا للأفكار الجديدة التى اتضح أن العالم (المتقدم طبعا) صار متعطشا لها، وينقل على لسان «برونو جيوسانى»، المدير الأوروبى لمؤسسة (تى. إى. دى) قوله: «نحن نعرف أننا جزء من شىء أكبر بكثير، هناك أشياء كثيرة تحدث حولنا، وهناك نوع من التعطش للأفكار وما ينتج عنها»،

مؤكدا على ذلك بمقولة لجيس سيرش، المدير التنفيذى لمؤسسة بريتدوك للأفلام الوثائقية، المقولة هى: «فى السابق كان الأهم هو الذهاب إلى النوادى ثم حضور المهرجانات الموسيقية واحتساء الخمور، أما الآن فالأهم هو اللجوء إلى مثل هذا المؤتمر للشعور بالانتشاء عند إخراس الآخرين لذكائنا».

ستدرك أن ما قاله أخونا «جيس» ليس مجرد كلام حماسى، عندما تعرف أن هناك مئات الأحداث والصالونات ومهرجانات الأفكار الصغيرة التى نشأت فى الأعوام القليلة الماضية وتتزايد شهرتها فى الغرب يوما بعد يوم. من هذه المنتديات منتدى سكول العالمى، الذى يقول مديره ستيفن تشامبرز إن الناس فى البداية يرفضون الأفكار التى تعلن عنها هذه المنتديات، لكنهم عندما يأتون إليها ويستمعون إلى شرح لها تنقلب أفكارهم جذريا عما جاءوا به من رفض.

ختاماً يقول محرر «الأوبزرفر» إنه من الملاحظ أن الإقبال على المعرفة أصبح ظاهرة تتزايد وتتسع فى العالم أجمع، ويستشهد بعالم الفيزياء الشهير ديفيد دويتش، الذى يقول له إنه لا يصدق أنه بات يلقى كلمة فى سيمنار يحضره ٣٠ طالب دراسات عليا، وعندما يتم تسجيله وإذاعته على موقع «تى. إى. دى» يشاهده مئات الألوف.

وبعد كل هذا يختار محرر «الأوبزرفر» أن يختم تحقيقه المذهل بفكرة شديدة الأهمية طرحها التربوى «سوجاتا ميترا» فى مؤتمر نكاح الأفكار هذا العام، وأثارت دهشة وآمال الحاضرين جميعا، وهى فكرة تدعى أن الأطفال باستطاعتهم فى القريب العاجل تعليم أنفسهم كل شىء تقريباً، بما فى ذلك التكنولوجيا الحيوية التى تتحدث بلغة لا يمكنهم التحدث بها، لأن علم التربية أمر تنظيمى ذاتى والتعلم إنما هو ظاهرة منبثقة من ذلك، وبالتالى فإن الأطفال سيحبون التعلم إذا تركنا لهم أن يحددوا بأنفسهم ما الذى يمكن القيام به، وعندها سيتوصلون إلى نتائج مدهشة.

لكن أين نحن من هذا كله؟ أرجوك لا تدعنا نجلد ذواتنا ونقسُ على أنفسنا، نحن أيضا - كما تعلم - نمارس نكاح الأفكار بنجاح ساحق لا يخفى تأثيره على اللبيب قبل العبيط، وهو نكاح لا يحتاج إلى مؤتمرات فصلية محدودة الحضور والتأثير، فنحن نمارسه طيلة العمر، لكننا نحرص على ارتداء وسائل وقاية تمنع تلك الأفكار من التزاوج والإنجاب، حرصا على توجيهات الدولة بتنظيم الأسرة.

سيبك إنت، ربنا يا أخى يخلى لنا الغرب اللعين ليواصل عمارة الأرض، حتى نستنفد منه كل أغراضنا، ثم يمحقه، لتخلو لنا الأرض وما عليها، فنتفرغ لمحق بعضنا البعض على رواق، لنخرب الأرض التى عمرها الغرب المنحل، ثم ندخل الجنة، ونفرح فيه وهو يتلظى فى جهنم وبئس المصير.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 2:59 pm

يبدو حميداً

بقلم بلال فضل ٩/ ١١/ ٢٠١٠

الحمد لله. خرجت أمى بالسلامة من المستشفى. أنا من قوم لا يقولون لأمهاتهم «يا ماما». أحب أن أناديها «يا أمى»، ليس هناك أسباب لذلك تتعلق بالحفاظ على اللغة العربية، ولكن لأننى أشعر أن أمى لا تليق عليها كلمة «يا أمّه»، وأنا لا تليق علىّ كلمة «يا ماما»، هى أيضا أصغر من أن أعتمد لقب «حاجة» مع أن ذلك يسعدها جدا فهى «حاجّة من زمان» على حد تعبيرها الذى تباهى به الأمم، بالطبع لسنا أبطالا فى مسلسل تاريخى لكى أناديها يا أماه، ولا أبطالا لدراما صعيدية لكى أناديها يا أماى، كما أنها تغضب منى عندما أقول لها حين تكاد تدفعنى إلى الجنون «ياست إنتى»، لذلك كله أناديها دائما يا أمى، ومع ذلك أغضب من كل من تزل لسانه فيسألنى «أخبار صحة أمك إيه؟»، ليس لدى تفسير منطقى لذلك التناقض، لكن ليس هذا مهما الآن، فالمهم أن أمى خرجت بالسلامة من المستشفى.

أحمد بك شوقى يقول إن الأم مدرسة، فقط «إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق»، وبالأمانة أنا لم أسأل أمى أبدا عن طبيعة وتفاصيل «فترة الإعداد» التى جعلتها تخرج شابا طيب الأعراق مثلى، لكننى أميل إلى التعامل مع أمى بوصفها أكاديمية، ليس فقط لأننى لم أحب جميع المدارس التى قضيت فيها فترة العقوبة التعليمية، ولكن لأن أمى أجمل وألطف بكثير من أن تكون مدرسة، لن يدفعنى حبى الجارف لها للمبالغة فأصفها بأنها جامعة، مع أننى تعلمت منها ما لم أتعلمه من أتخن جامعة فى مصر، لكن هذا ليس مهما الآن، المهم أن أمى خرجت بالسلامة من المستشفى، بعد أن علمتنى كعادتها عددا لا بأس به من الدروس المستفادة. الدرس الأول: (وإن كنت لا تحب سيرة الدروس فيمكن أن تعتبره الأول والأخير) لا تثق أبدا بكل ما «يبدو حميدا»، ولا بكل من «يبدو حميدا».

«يبدو حميدا»، تلك هى الترجمة الحرفية للعبارة التى يبحث عنها الناس بلهفة فى نتائج الأشعة والتحاليل. لكن الطبيب البارع كان صادقا معنا منذ البداية «صحيح أن الأشعة والتحاليل بتقول إن الورم يبدو حميدا، لكننا لن نعرف ذلك يقينا إلا قبل العملية بلحظات من خلال ما يعرف بالفروزن»، لم أفهم كلمة مما قاله لكننى أكرره لها وأنا أهز رأسى بثقة لكى أحاول أن أبدو مطمئنا، فتقول لى بثقة مطلقة كأننى أنا المريض الذى ينتظر تقرير مصيره «حميد ولا مش حميد.. كل اللى يجيبه ربنا كويس.. بس يا ابنى ما تخافش أنا حاسه إنه حميد»، ثم تذكرنى بمقولة محمود عبدالعزيز الخالدة «صدق العليل ولا تصدق التحاليل»، وأنا لكى أهرب من قلقى وجدت ما قالته فرصة سانحة لفتح ملف إيمانها الأزلى بالطب البديل والطب الشعبى والطب النبوى والطب الفرعونى وكل أنواع الطب التى لا يضطر الإنسان فيها للذهاب إلى طبيب بجد على أساس أنه «ربنا ما يحوجنا للدكاترة يا بنتى»، وهى دعوة «أمهاتية» خالدة ثبت أن الإيمان بها هو الذى يحوجنا حقا إلى الدكاترة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

لا أذكر عدد الساعات التى قضيتها فى انتظار أمى بعد أن صعدت إلى غرفة العمليات، لكنى لن أنسى أبدا أنها كانت ساعات خرائية بكل ما للكلمة من دلالات مقرفة، لن أغالط نفسى لكى أرضيك فأصفها بأنها كانت ساعات كئيبة أو موحشة أو قاتلة، دعنى أسأل الله ألا تجربها أبدا لكى تتأكد من صدق توصيفى، يكفى أن تعرف أنها انتهت بدخول الممرضة وهى تقول بنبرات احترافية «الدكتور عايزك بسرعة فى أودة العمليات».

فى لحظات كهذه أنت لا تجرى من الرابع إلى السابع بكل ما أوتيت من قوة لكى تجد الطمأنينة، بل لكى تسبق وجدانك الذى تربى على عدم الثقة فى أى مستشفى ولو كان فندقيا، وأى طبيب ولو كان الأمهر فى مجاله، ستحاول فقط تذكر كل ما حفظته من آيات وأوراد، لتطرد من ذهنك ذلك السؤال: من سيصل أولا إلى غرفة العمليات: أنت أم ذاكرتك الملوثة بمئات الحكايات التى تنتهى بتلك الجملة غير الحميدة التى ينبغى أن يُحاكم أول من كتبها فى فيلم سينمائى «عملنا اللى علينا والباقى على الله».

هناك أشياء كثيرة لن أنساها للدكتور وليد عبيد الذى أجرى العملية الجراحية لأمى، أهمها أنه قال لى مباشرة ودون أى تمهيد أو وقفات أو تشديد على مخارج الألفاظ «للأسف الورم اتضح إنه خبيث ولإنه طالع من العصب اللى بيحرك القدم هنضطر نستأصل العصب»، ثم يبدو أنه قرأ الرعب الذى احتل وجهى، فتذكر ما قالته له أمى قبل العملية عن عشقها الأزلى للمشى والحركة، وخوفها من أن تقعدها العملية فبادرنى شارحا «ماتقلقش هى هتقدر تمشى عادى جدا صحيح بمساعدة دعامة فى الأول، لكن هتمشى عادى بس للأسف مش هتقدر تحرك القدم لفوق وتحت ولا تحس بباطن القدم ولازم تاخد بالها من رجلها كويس قوى يعنى زى مريض السكر»،

وأنا هتفت كأننى ما صدقت «أنا عندى السكر وعارف»، ولم يكن فى الأمر شىء يستدعى الهتاف بكل ذلك الحماس، سوى رغبتى الساذجة فى الشعور بالتوحد مع أمى فى معاناتها القادمة. «طيب هى بقت كويسة يا دكتور؟»، سألته وأنا لا أعرف أن العملية لم تبدأ بعد، وأن كل ما مضى من وقت كان يتم فيه تحديد طبيعة الورم اللعين لمعرفة هامش الأمان الذى يجب استئصاله معه من الأنسجة، أجابنى «العملية سهلة ومش هتاخد وقت طويل.. بس كان لازم عشان ناخد القرار أبلغك إن الورم مش حميد»، وأنا فى تلك اللحظة ودون أن أدرى تقمصت شخصية أمى وقلت له «حميد ولا مش حميد.. كل اللى يجيبه ربنا كويس». الحمد لله.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء نوفمبر 10, 2010 2:53 pm

جبنة تركى

بقلم بلال فضل ١٠/ ١١/ ٢٠١٠

أمى قالت إفيهاً عالياً جداً قبل أن تصعد إلى غرفة العمليات. كانت قد أخذت حقنة التخدير الأولى لتوّها، نظرت إلىّ وهى تغالب النوم وقالت لى ضاحكة «أنا خايفة أروح فى النوم». وأنا حمدت الله لأنها راحت فى النوم سريعاً قبل أن ترانى وأنا أبكى.

كنت أحتاج إلى البكاء بشدة، ربما لأننى لم أبك منذ أيام، فأنا أُحرم قسراً من البكاء طيلة الوقت الذى تقيم فيه أمى لدىّ، لأننى أكون منشغلاً أغلب الوقت بدفعها إلى التوقف عنه، نحن لم نعد نقعد براحتنا كثيراً زى زمان، وأمى لا تحب أن تبكى أمام أحد غيرى، ولأن البكاء فى التليفونات محظور، طبقاً لاتفاق سابق بيننا: «يا أمى أحب أشوفك وانتى بتعيطى قدامى عشان أطمن عليكى»، لذلك نحاول استثمار الوقت الذى نقضيه سوياً فى تقليب كل المواجع الساكنة أو حديثة التقليب، نظل هكذا أحياناً لساعات، أمى تبكى وأنا أسخر مما تبكى عليه، مهوناً من شأنه لكى أدفعها إلى موضوع آخر يستحق البكاء من أجله، وزوجتى لا تفهم أبداً كيف تتقبل أمى تعليقاتى الساخرة من كل ما تحكيه أمى من أحزان، فى البداية كانت تقول لها بدهشة «أنا مش فاهمة انتى إزاى ساكتاله يا طنط»، حتى اضطررت أن أشرح لها أن ما أقوم به وسيلة علاجية لمنح الأحزان نكهة تخفف طحنها لعظام الروح، ومع أننى قلت ذلك بالعربية الفصحى إلا أن زوجتى لم تقتنع، وقررت أن تتعامل مع الأمر بمنهج آخر أكثر منطقية «طيب أسيبكو مع بعض بقى شوية».

عندما قاسوا لأمى الضغط قبل موعد العملية بساعات ووجدوه عالياً نظرت لها باستغراب، وعندما هربت بعينيها بعيداً عنى، تأكدت أن فى الأمر سراً، انتظرت حتى خرجت الممرضة، ثم قلت لها بصوت تعمدت أن يبدو ناشفاً «هه.. خير إن شاء الله»، وهى نظرت فى عينى مباشرة وقالت بحزم «دى طريقة تكلم بيها أم داخلة تعمل عملية كمان ساعتين؟!»، وعندما ضحكت من قلبى قالت لى «عاجباك قوى.. طيب إبقى خلى عبلة كامل تقولها فى الفيلم الجاى.. واخرج شوف لى الدكتور وانت ساكت».

فيما بعد وعندما وضعوها على السرير الذى سيصعد بها إلى غرفة العمليات قالت لى بجدية «وله يا بلال.. عايزة أعترف لك بحاجة»، ظننت أن روح الدعابة ستتملكها وتعترف لى بأنها خالتى وليست أمى، وهى لم تتركنى أترجم ظنى إلى تعليق ساخر، فقالت لى سريعاً بالجدية نفسها «بصراحة الضغط كان عالى.. عشان واحنا جايين امبارح من عندك خبيت فى الشنطة حتتين جبنة تركى وكام زتونة.. كنت هاتجنن لو ماكلتهمش.. ما حدش عارف إيه اللى ممكن يحصل»، وأنا قررت قمع رغبتها فى التصعيد الدرامى، فقلت لها «بالهنا والشفا.. طب ماكنت جبتلك حتتين بسطرمة بالمرة».

دكتور التخدير الذى شاركنى فى تلقى الاعتراف توقف عند تفصيلة لم أتوقعها «جبنة تركى.. انتى اسكندرانية يا مدام؟»، وأنا شعرت أنه رجل ذوق جداً لأنه لم يقل لها يا حاجة، ثم أضاف «شايفة آدينى عرفت أول سر من حضرتك قبل التخدير»، بصراحة لم أجد أنه من اللطيف أن يمزح أحد مع أمى حتى لو كان طبيب تخدير فى عمر والدى، أو ربما لم أسترح لذلك المزاح لأنه لم يكن فى عمرى أنا، وأمى بدورها ردت رداً مباغتا «يا دكتور صعب على واحدة خلفت حداشر عيل إنه يكون عندها أى أسرار»، ضحكنا أنا والطبيب والممرضة من أعماق قلوبنا، قبل أن تعاودنى الرغبة المُلحة فى البكاء.

أخذ الدكتور البارع الذى يفيض بالإنسانية يشرح لها أهمية أن تحصل على مسكنات بعد إفاقتها من العملية لأن بعض المرضى يقلقون من الحصول على مسكنات ويتخلون عن حقهم فى عدم الشعور بالألم، كان يتحدث معها ببراعة كأن العملية تمت ونجحت خلاص، بدا خبيراً جداً فى التعامل مع الذين يبدون واثقين وهم ليسوا كذلك، والأهم أنه كان لطيفاً جداً لدرجة أنك تحب أن يتم تخديرك على يديه، لا أدرى إذا كان يقول تلك الجمل اللطيفة التى يقولها لكل المرضى، أم أنه يختار منها حسب طبيعة المريض، لكن لفت انتباهى أن شعره الأبيض وصلعته المهيبة يمنحان كل ما يقوله مصداقية عالية لعلها عجلت بنوم أمى قبل أن أسألها: هل تبقى شىء من الزيتون والجبنة التركى؟.

ليتها كانت أطول تلك الثوانى التى قضيتها متأملاً فى وجه أمى الجميل قبل أن يصحبوها إلى غرفة العمليات، لو كانت أطول لربما حققت حلمى الطفولى القديم فى عد الحسنات التى تزين وجهها القمحى المشرق، وهو الحلم الذى لم تتعامل معه أبداً بتقدير لائق، بل كانت تستخف به بعبارات من نوعية «ليه يعنى هتعمل لهم جرد.. إذا كان أبوك ماعملهاش.. أصلك ماشفتش إنت الحسنات دى زمان كانوا حَبّ شباب»، قبل أن تختم بالعبارة التى تشبع بها رغبتها الدائمة فى تذكيرى بالآخرة «وبعدين مش دى الحسنات اللى هتنفعنا يوم القيامة يا فالح».
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأحد نوفمبر 21, 2010 3:54 am

قَدَرُ الساخرين

بقلم بلال فضل ٢٠/ ١١/ ٢٠١٠

طيلة الوقت يتظاهرون بالعظمة والتماسك والقوة والصلابة، ثم ينهار كل ذلك على الفور أمام أبسط رأى حر، وينفضح لك كم هم متهرئون وعصبيون وعديمو الثقة بأنفسهم و«منظر على الفاضى». أرجوك لاتسألنى من ولا لماذا ولا كيف ولا ماذا تقصد بالضبط؟، لأنك لن تجد عندى إجابة سوى ما قاله أبونا صلاح جاهين «أنا قلبى كان شخشيخة أصبح جرس.. جلجلت به صحيوا الخدم والحرس.. أنا المهرج خفتوا ليه قمتوا ليه.. لا فى إيدى سيف ولا تحت منى فرس»، ستظن أننى أتدارى بهذه الإجابة فى ظل صلاح جاهين، ومع أنك لن تجد أحدا يكره أن يتدارى فى ظل صلاح جاهين أظله الله برحمته، إلا أننى سأطاوعك هذه المرة، وسأتدارى فى ظل الولد الشقى عمنا محمود السعدني، ليس فقط لأننى مثلك أفتقده بشدة، وليس لأننى كلما علا الموج أويت إلى ما يكتبه ليعصمنى من الهم والحزن، ولكن لأننى أشعر أنك مثلى ما هتصدق أن تأتى مناسبة لكى تقرأ السعدنى من جديد، فتدرك كم هى خالدة سطوره التى أنقل بعضها بتصرف عن كتابه البديع (مسافر بلا متاع).

قال السعدنى: «فى بداية حياتى الصحفية أكرمنى المولى العزيز بالجلوس فى حجرة واحدة مع العبقرى الخالد بيرم التونسي، وكان بيرم فى نظر جيلنا أسطورة من الأساطير، كان كاتباً ساخراً وشاخراً أيضاً... ولأن عمنا بيرم كان شعبياً وبسيطاً فقد توطدت الصلة بينى وبينه، وكان فى لحظات صفوه يحكى للعبد لله عن معاناته فى المنفى وعن دوخة ينى التى تعرض لها فى الغربة. النصيحة الوحيدة التى أسداها للعبد الله، أن أهجر الأسلوب الساخر الذى أكتب به وأوصانى باتباع الأسلوب الحنجوري، بحيث تحمل المقالة عدة أوجه، تقرؤها فتتصور أنها هجاء ويقرؤها غيرك فيتصور أنها مديح، كلام من نوع الشواشى العليا للبرجوازية، والشفق المذهق على قفا الأفق، كما يكتب السادة الحناجرة، أو كلام على طريقة السادة السناكحة نسبة إلى سنكوح بن مزاحم الذى كان والياً على ديوان الإنشاء للقائد أبرهة وكان عليه أن يكتب الرسائل والفرمانات بلغة يفهمها جميع البشر من روم ومن عرب وعجم وفرس وزنوج، فكان يكتب فى رسالته شيئاً من شندبار يلوح فى السواهيلى ويكشف عن رجل ملم نشطل مكارف مظروم على خوشبى أمديد زغتي. وقال لى عمنا بيرم التونسى إذا التزمت بهذا الأسلوب الساخر ستكون حياتك فى مهب الريح وأيامك أسود من الزيتون المدهون بالورنيش، ولياليك يا صاحبى أزرق من الهدوم المصبوغة بالنيلة، لأنه لا يغيظ المسؤول إلا أن تتناوله بأسلوب ساخر يهتك ستره ويكشف حقيقته ويمزق الثوب الكاذب الذى يحرص على أن يظهر به أمام رؤسائه، لأن المسؤول عادة مايكون مثلنا، غلبان وتعبان ومهزوم فى داخله، ولكنه يحرص دائماً على الظهور وهو فى مكتبه العاجى فى صورة تخالف حقيقته، فيتعمد أن يعوج رقبته أو أن ينفخ أوداجه، فإذا سخرت منه فقد نكأت جراحه، واللعب فى الجراح يستفز ويهيج صاحبها، ويجعل منه وحشا يتصرف كالنمر الجريح».

عمنا السعدنى لم يستمع إلى نصيحة بيرم قط، بل هو لم ينصح بها أحداً من تلاميذه أبداً، واختار مثل عمه بيرم أن يدفع ثمن كتابته غالياً، لكنه بعد عمر من العذاب سأل نفسه قائلاً «بالرغم من القهر الأزلى والعذاب الأبدى هل أفضل للكاتب أن يعيش عيشة موظف الأرشيف، أم يعيش على سن القلم كما يعيش المقاتل على حد السيف؟»

وبالطبع لم يتأخر كثيراً فى إعلان اختياره قائلاً: «العبد لله يتمنى أن يعيش عيشة بيرم التونسى وأن أحظى بشرف خدمته فى كل مكان ولو كان فى تخشيبة قسم الخليفة»، وهو اختيار لم أنسه منذ أن قرأته لأول مرة فى سنوات الجامعة، وعندما سألنى بعد أعوام وكيل النائب العام فى إحدى قضايا النشر التى اتهمت فيها «لماذا اخترت أن تكتب بأسلوب ساخر؟»، لم أحر جواباً، بل حكيت له فوراً ما قاله عمنا بيرم التونسى لعمنا محمود السعدني، ويومها أُقفل المحضر بعد ضم عدد من كتب محمود السعدنى إلى أوراق القضية بحضور صديقى المحامى اللامع عصام سلطان، وبعدها خرجت من دار القضاء العالى إلى مكتبة دار «أخبار اليوم» واشتريت نسخاً جديدة من كتب السعدنى لكى أشيلها لعوزة، ولسان حالى يقول «ربنا مايحوجنا لقراءتها إلا فى البيت، أو حين يقضى الله أمراً كان مفعولاً».

(فصل من كتابى (فى أحضان الكتب) أعيد نشره تحية لذكرى ميلاد إمام الساخرين وشيخ الساخطين عمنا محمود السعدنى التى تصادف اليوم ٢٠ نوفمبر وليس ٢٨ فبراير، كما تقول موسوعة ويكيبديا الحافلة بالأخطاء. طبت حياً وميتاً يا عم محمود، الفاتحة أمانة والنبى).
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 4:50 am

عبقرية الرئيس

بقلم بلال فضل ٢٢/ ١١/ ٢٠١٠

بالأمس شاهدت فيلما وثائقيا أمريكيا يقدم رؤية علمية يمكن أن تقنعك بأن العالم سيفنى فعلا عام ٢٠١٢. كان مخرج الفيلم يسأل بحُرقة عما فعلته شعوب الأرض للاستعداد لهذه النهاية الكارثية الوشيكة، لكننى لم أتفاعل مع مخاوفه، لأننى كنت مطمئنا جدا لأن العالم سيفنى بينما الرئيس مبارك سيكون فى العام الأول من فترته السادسة بإذن الله، وسيكون وعده للمصريين قد تحقق فعلا بأن يظل معهم حتى آخر نفس.

يشهد الله أننى لست منافقا ولا متهكما عندما أشهد للرئيس مبارك بأنه يمتلك نوعا خاصا وفريدا من العبقرية. حتى لو لم تصدقنى، فالله يعلم أننى صادق وجاد أيضا، ولو قررت أن تمنح نفسك إطلالة على التاريخ المعاصر للعالم، كما فعلت أنا، ستصل إلى النتيجة التى وصلت إليها دون أن يتم منحك جزيرة فى النيل أو صحيفة قومية فى وسط البلد. انظر كيف كان حال العالم وقت أن تولى الرئيس مبارك حكمه، وكيف أصبح الآن.

ليس أمامى أطلس ولا منفذ إلى الإنترنت، أكتب ما تسعفنى به الذاكرة ولعله يكفى لإيضاح فكرتى: سقط الاتحاد السوفيتى والاتحاد اليوغوسلافى واتحاد التشيك والسلوفاك وسور برلين ونظام التفرقة العنصرية فى جنوب أفريقيا، ورحل طغاة أبديون من أمثال التشيلى بينوشيه والفلبينى ماركوس والإثيوبى مانجستو هيلا مريام والعراقى صدام حسين والبنمى نورييجا والهاييتى دوفالييه، ولن أضيع وقتك بتعداد قادة الدول الديمقراطية الذين رحلوا عن كراسى الحكم طواعية وكلهم عرفوا الرئيس مبارك والتقطوا صورا تذكارية ضاحكة معه وأبدوا إعجابهم بحكمته، وتوقفت الحرب الأهلية فى أيرلندا، وقفزت النمور الآسيوية من المجهول، وأصبحت الصين قوة عالمية ضاربة بعد سنوات من الغموض، وتوارت سطوة العسكر فى تركيا شيئا فشيئا وخرج المارد التركى من قمقمه، كل هذا والرئيس مبارك لايزال باقيا فى كرسى الحكم، ثم يأتى بعضنا لينكر عليه استحقاقه عن جدارة وصفه بالعبقرية، عبقرية البقاء والاستمرار.

بمعيار عبقرية البقاء هناك زعماء عرب ينافسون الرئيس بقوة بل ربما تفوقوا عليه، القذافى وعلى عبدالله صالح والأسد ممثلا فى امتداده بشار، لكن هل تصح مقارنة الرئيس مبارك بأى من هؤلاء، أعتقد أن المقارنة ستكون ظالمة ومتعسفة، على سبيل المثال فى الكام مرة التى سافرت فيها إلى سوريا وبرغم عشقى للبشر والطبيعة والثقافة والفن والمقبلات كنت أعود من هناك وأنا على شفا حفرة من الانضمام طواعية إلى الحزب الوطنى، منذ سنين كتبت أنه لو قابلنى أحد باستمارة عضوية للحزب الوطنى على سلم الطائرة بعد عودتى من دمشق لانضممت إليه فورا، وبالطبع لم يقابلنى أحد بالاستمارة لأننى لم أكن معتوهاً لكى أسافر ثانية بعد ما كتبته.

لكن بما أننا فتحنا باب المقارنات المغرى دعنا نواربه بالقول إن حكمك على الرئيس مبارك يتوقف من زاوية النظر التى تنظر منها: إذا كنت ستضع مصر مثلا فى مقارنة مع الصومال وأفغانستان واليمن والعراق ولبنان فأنت يجب أن تبوس يدك وجها وظهرا على نعمة الاستقرار التى ترفل فيها مصر مقارنة بهذه الدول، لكن كيف سيكون رأيك فى حالنا لو قارنته بتركيا والهند وماليزيا وسنغافورة والبرازيل وغيرها من الدول التى تتطور كل لحظة. وكذلك الحال لو قارنت الصحافة المصرية بأحوال الصحافة فى جميع الدول العربية.

بينما يمكنك أن تقارنها بأحوال الصحافة فى دول كانت متخلفة مثلنا ثم منحت الصحافة حرية كاملة غير محكومة بمزاج شخصى لحاكم الدولة أو ممنوعة من الحصول الشرعى على المعلومات أو مهددة بترسانة قوانين يمكن أن تذهب بالصحفى إلى ستين داهية، وإنما حرية كاملة وحقيقية لا تعرف خطوطا حمراء ولا مؤسسات محظورة، حرية يكفلها قانون حازم وعادل يسرى على الهلفوت قبل المسنود. ثم بعد كل هذه الأسئلة يأتى السؤال الأهم الذى يجب أن يسأله كل مصرى لنفسه: هل مصر تستحق أن نقارنها بالدول المتكحولة لكى نحمد الله على ما لدينا من بلاوى، أم تستحق أن نقارنها بالدول التى تتطور لكى نلحق مثلها بركب الحضارة ونعلن فك الارتباط مع التخلف؟!

ربما ستكون المرة الأولى التى أقول فيها نعم فيما يخص الرئيس مبارك، نعم نجح الرئيس مبارك فى إبقاء مصر مستقرة على الأرض، لكنه لم ينجح وهو الطيار الماهر فى أن يُحَلِّق بها إلى آفاق رحبة كالتى طارت إليها دول كانت تعيش فى وكسة أعمق من وكستنا.

نعم نجح الرئيس فى أن يبقى على كرسى الحكم دون أن تشهد مصر انقلابات دراماتيكية حادة وذلك بفضل قراءته الجيدة لتجربة الرئيس السادات. نجح الرئيس فى تطوير بذور الديمقراطية الشكلية التى غرسها السادات، لكن السادات لم ينجح فى جنى ثمارها بسبب طبيعته الشخصية الانفعالية التى جعلت أعصاب الفنان تغلب على برود السياسى. نجح الرئيس فى استخدام أنياب ومخالب الديمقراطية دون أن يقوم بإعلان ذلك كما فعل السادات. نجح فى فهم وإدارة مفاتيح العلاقة مع الغرب وعلى رأسه الولايات «المصلحجية» الأمريكية بحيث يأخذ الغرب كل ما يريده ويأخذ النظام أيضا كل ما يريده.

نجح فى فهم واستغلال الضعف الإنسانى للنخبة المثقفة المصرية وهو ما لم يحققه كل من عبدالناصر والسادات اللذين كانا أكثر التصاقا بالمثقفين ولكن أقل فهما لهم. كل هذا نجح الرئيس فى تحقيقه، ولكن يا ليته مثلا نجح فى إصلاح التعليم أو حتى إعادته إلى ما كان عليه فى الخمسينيات والستينيات، نعم قام الرئيس بتطوير البنية الأساسية ولكن هل تطور الإنسان الذى يستخدمها ثقافيا وصحيا ونفسيا؟ نعم لا توجد لدينا اضطرابات أمنية حادة كالتى تشهدها دول أخرى، لكن ألا يريد أحد أن يتنبه إلى أن السياسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التى يمارسها هذا العهد تؤدى إلى نحر متواصل فى بنيان المجتمع لا يعلم إلا الله كيف ستكون نتائجه؟

بالتأكيد ينوى الرئيس لمصر كل الخير، لكن هل أوصلت هذه النية مصر إلى ما تستحقه، أو حتى إلى ما حققته دول أقل منها فى المكانة والإمكانيات، هذا سؤال مركزى أعتقد أن الرئيس لو فكر فيه بروح قائد الطيران فى حرب أكتوبر لبادر إلى إصلاحات دستورية حقيقية وشاملة، يترك بعدها الشعب لكى يقرر مصيره فى انتخابات برلمانية غير ملعوب فيها من الأجهزة العلنية والسرية، انتخابات بجد تخضع لإشراف قضائى ورقابة دولية كالتى تخضع لها الانتخابات الأمريكية مثلا، ثم نشهد بعدها انتخابات رئاسية يرشح الرئيس مبارك فيها «رجلا» محترما من قلب النظام لكى يتنافس مع معارضين حقيقيين، ومع أن كلمتى هنا لن تقدم ولن تؤخر، لكننى مستعد لأن أحلف على المصحف أن أى رجل محترم صاحب رؤية يرشحه الرئيس مبارك سينجح فى تلك الانتخابات أيا كان منافسه، لأن أى عاقل مخلص سيفضل دولة يحكمها رجل قوى صاحب مشروع على دولة يحكمها رجل ضعيف صاحب شعارات.

وبعدين يا سيدى حتى لو طلع حلفانى على الفاضى، ما حصلش حاجة، يكفى أن مصر ستشهد تغييرا سيكون فى صالحها فى كل الأحوال، فضلا عن أن الرئيس مبارك سيدخل التاريخ كأول رئيس مصرى سابق على قيد الحياة، وعندها قطعا ستكون المرة الأولى التى يسمع فيها كلمة نعم من معارضيه، وليس من المنتفعين من حكمه.

أيوه يا سيدى، هذا خيال رومانسى حالم أو حتى ساذج، ولكن بذمتك هل عاد حيلتنا غيره؟
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الإثنين نوفمبر 29, 2010 7:16 am

إلى ذوى القلوب الرحيمة

بقلم بلال فضل ٢٩/ ١١/ ٢٠١٠

مبروك لسيادة الرئيس مبارك نجاحه باكتساح ومن أول جولة فى انتخابات الرئاسة.

أرجوك يعنى بليز يعنى باردون، لا تقل إننى خرفت وإن الانتخابات الرئاسية لم يأت أوانها بعد. لا تقنعنى بأنك قلق على نتيجة انتخابات الجالسين على الشعب. أرجوك احترم غبائى ولا تقنعنى بأنك ستندهش عندما تسمع السيد المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات وهو يعلن بصوت متهدج مفاجأة أن الحزب الوطنى حصل على الأغلبية الكاسحة (ربما مع تضحيته ببعض رموزه فى دوائر محسوبة لزوم تحلية البضاعة عند تصديرها للخارج)، وأن المعارضة (مع مراعاة وضع النقطة على الضاد) حصلت على فتات من المقاعد هى بالأمانة لا تستحق أكثر منه، وأن الجماعة المحظورة خاضت معركة انتخابية شرسة مع الحزب الحاظر انتهت لمصلحة الاثنين معا، فالحزب حصل على الشرعية الدولية اللازمة وأكد كونه البديل الوحيد لبقاء الأوضاع فى البلاد كما ترضاها القوى المانحة، والجماعة جددت دماءها ورممت جبهتها الداخلية وكسبت عدداً مهولاً من الأنصار خلال فترة الانتخابات ووجدت منافذ لتدوير رأس المال الإخوانى فى مسارب علنية، وفوق «البيعة» نال أنصارها كميات ضخمة يصعب حصرها من الحسنات.

أتمنى أن تكون قلقا مثلى مما هو أخطر بكثير من نتيجة الانتخابات، من أمر يهدد مصير مصر كلها، وسأدخل فى الموضوع مباشرة لأن الأمر لا يحتمل الهزل ولا «السسبنس»، أنا يا سيدى ترتعد فرائصى الآن من فكرة أن الدكتور أحمد فتحى سرور لن يتم تعيينه رئيسا لمجلس الشعب بعد الانتخابات، أرجوك لا تقل لى إن الدكتور سرور لن ينجح لأن ذلك لو حدث لن تكتفى فرائصى بالارتعاد، بل ستسارع فرائصى بالركض حتى مجلس الشعب وستقطع شرايينها حتى تطرطش دماؤها على قبة المجلس الذى طلوه باللون الذهبى ربما تبشيراً لنا بأنه لن «يذهب» أحد من منصبه خلال السنوات المتبقية من عمر مجرة درب التبانة.

بالأمس سمعت شخصاً عليماً بأحشاء الأمور يقول إن الحزب الوطنى اتخذ بالفعل قراراً داخلياً بتعيين الدكتور مفيد شهاب رئيسا لمجلس الشعب (لا تقل لى أرجوك إنك تعتقد أنه سيخسر الانتخابات لأنه لم تعد لدىّ فرائص لكى أضحى بها)، واستدل ذلك العليم بالتصريح الذى أطلقه الدكتور سرور قبل رفع الستار عن خشبة العملية الانتخابية، حيث قال إنه يضع نفسه تحت تصرف القيادة السياسية وإنه مستعد لأن يخدم الوطن حتى آخر قطرة من دمه، أو آخر نفس، أو آخر كوباية ماء يشربها، أو آخر شىء لم أعد أذكره من كثرة الأواخر التى يتم التعهد دائما بالبقاء حتى آخرها، وهو التصريح الذى اعتبره صديقنا العليم بمثابة إشارة «إس أو إس» من الدكتور سرور إلى قائد سفينة الوطن لكى لا يتم التخلص منه فى عرض بحر الحياة.

أعترف بأننى فى السابق لم أكن مقدراً لعطاء الدكتور سرور ووصفته بأنه «زعيم حركة كفاية أصحى على ابتسامتك»، وأن الدكتور مفيد شهاب كان أستاذا لى فى كلية الإعلام فضلا عن كونه إسكندرانيا، ومن علمنى حرفا صرت له عبدا، لكننى بجد أخشى على مصر من عواقب التغيير الوخيمة، دعونا نصارح أنفسنا ما الذى جنته مصر مثلا من تغيير السيد راشد وإزاحته عن مقعد وكيل مجلس الشعب، هل شفنا يوما حلوا منذ أن تم تغيير الدكتور عاطف صدقى مثلا،

هل استفدنا شيئا من اللخبطة التى جعلت السيد صفوت الشريف ينتقل من ماسبيرو إلى شارع قصر العينى، هل اكتفينا ذاتيا من القمح عندما نقلنا الدكتور يوسف والى من الوزارة إلى البلكونة، هل فرق شىء فى حياتنا عندما نقلنا السيد كمال الشاذلى من صدارة الصورة إلى المجالس القومية المتخصصة فى نقل أعضائها إلى رحاب الله؟

لذلك ولذلك كله، هذه السطور بمثابة نداء إلى ذوى القلوب الرحيمة فى جميع مواقع القرار، نناديكم نشد على أياديكم نبوس الأرض تحت نعالكم، لا تفكروا ولو لـ«نهلة» فى إزاحة الدكتور فتحى سرور عن موقعه، لا تدعوا شيطانا من شياطين الإنس يصور لكم أن مشكلتنا مثلا تنحصر فى الدكتورة آمال عثمان وابتسامتها الموناليزية الغامضة، أو أننا نحلم فى نومنا برحيل السيد صفوت الشريف الرجل الذى فتح السماوات ففتح الله عليه الأرض.

وايم الله لقد كبرنا ونضجنا واستوينا وعندما يئسنا من الوصول إلى راحة الاحتراق تعلمنا أن مشكلتنا لن يحلها أبداً رحيل أحد منكم، وأن الله أراد لنا أن نكون سويا فى هذا الجزء من العالم حتى يفنى العالم كله، لذلك لا تلعبوا أبدا فى تركيبة القدر التى شاءت أن نظل معا إلى الأبد، ولا تتغيروا أبدا فى هذه الأجواء المتقلبة التى نعلم أنها أجواء عيا، وتذكروا أننا أصبحنا «مِعَلمين» هذه البلاد بكم، ونخشى لو غيرتم أحدا فيها أن نتوه عنها ونحن مروحين.

نرجوكم أبقوا معنا .
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء ديسمبر 01, 2010 9:00 am

إنهم يكتبوننى

بقلم بلال فضل ١/ ١٢/ ٢٠١٠

نصيحة: لا تقرأ لى اليوم. اقرأ لهم، إنهم يكتبوننى.

■ «الكتابة مهنة شاقة حقاً، والدليل على هذا أن بعض كتابنا يقومون بمعجزات لا يستطيعها كاتب من الشرق أو من الغرب، أوليست معجزة أن تظل تكتب كل يوم أو كل أسبوع ولمدة عشر سنوات أو ربما عشرين دون أن تقول للناس شيئاً؟!

إنها لقدرة خارقة فعلاً أن تكتب دون أن تكتب، أن تقول كثيرا دون أن تقول شيئا، أن تصر على أن تظل صاحب قلم وأحيانا صاحب مبادئ دون أن يخطئ قلمك مرة ويأتى برأى مفيد أو بوجهة نظر تورطك فى قضية أو من اتجاه. إنها لعبة تشبه لعبة المشى على السلك المعلق على السيرك، كل ما فى الأمر أن لاعب السيرك يسير أمام عينيك فعلا، أما لاعب القلم فيُمَثِّل أمامك بدقة متناهية وبتقمص زائد أنه أمامك يسير، دون أن يسير».

العملاق يوسف إدريس من كتاب (أهمية أن نتثقف يا ناس)

■ «الثقافة هى المعرفة الممزوجة بالكرامة، فلو كانت الثقافة تعنى المعرفة فقط لما اهتاجت السلطة، فماذا يهمها من سابلة الثقافة ورعاعها، إنما الذى يصنع الأزمة الدائمة هى الثقافة ذات الكرامة.. لها إشعاعها الخاص، تلمحه فى بريق العيون ووضاءة الجبهة وجلال العقل ونصاعة الموقف، إشعاع يكشف الزيف ويصارع التلفيق ويضرب المخاتلة».

عمنا محمد مستجاب من كتابه الجميل (بوابة جبر الخاطر)

■ « السياسيون، إنهم كارثة وطنية، كل شىء يمثل الفقر والتخلف والظلم إما ناتج عن هذه الكارثة أو مُستَثمر من قِبَلها».

ليوبولد لوغونس

■ «الشخص الثائر هو المتفائل حقا، يحيا ويموت فى مسعى يائس وانتحارى لإقناع كل الناس الآخرين كم هم طيبون. كل الثائرين العظام من إسايا إلى شيللى كانوا متفائلين، لقد كانوا ناقمين، لا على الشر فى الوجود، بل على تراخى البشر فى إدراك طيبتهم».

تشسترتون

■ «بعد خطيئة آدم، تفكك الفردوس إلى شظايا عديدة وصغيرة فوق كل الأرض، لهذا من المستحيل العثور عليه».

نوفاليس (نقلا عن يوميات القراءة)

■ «الخدعة الكبرى التى تقترفها الروايات العظيمة هى إقناعنا بأن العالم هو كما ترويه هى.. ليس مهما فى الكتابة أن يكون الأسلوب سليما أو غير سليم، المهم هو أن يكون فعالا ومناسبا لمهمته، وهى نفخ وهم الحياة فى القصص التى يرويها».

ماريو بارجاس يوسا ـ رسائل إلى روائى ناشئ

■ «المصيبة تتضخم من كون المرء عالقا بحرمان واحد، بخيبة أمل واحدة، بتوق واحد، إذا كان البستان لا يعطى خساً فهذا لا يعنى أن علينا أن نتركه بوراً، بل أن نزرعه بخضروات أخرى ونجد فيها تعويضا عنه».

أنطونيو غالا ـ من روايته (الوله التركى)

■ «معوقات الحب دائما هى من صنع الإنسان.. العائق الأكبر للحب هو الخوف من التغيير.. على المرء ألا يقنع أبدا بقدرته على الحب، فمهما بلغ شأنها فهى دائما مجرد بداية، وكما يقول الهايكو اليابانى: (بعد أن احترق مخزن حبوبى وأصبح أنقاضا باستطاعتى الآن رؤية القمر)».

ليو بوسكالجيا ـ من كتاب الحب

■ «يُخَيّل للسُّذّج الأغرار أنه كلما زادت ضخامة الظواهر الاجتماعية زادت مقدرتهم على كشف سريرة الناس، والأمر على العكس، ينبغى أن يدركوا أن فهمهم لهذه الظواهر لا يتاح لهم إلا بفضل قلب إنسان واحد تنفذ فيه نظرتهم حتى تبلغ أعماق أعماقه».

مارسيل بروست

■ «لو النملة بلعت جوز حمام، والناموسة ولدت دكر نعام، عُمر ديل الكلب ما ينقام».

مثل شعبى بألف مما تعدون
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف sose السبت ديسمبر 04, 2010 7:29 am

لازم تكمل بصراحة انا بحب كتابات بلال فضل فيها سخرية سياسية لذيذة thumbs up
sose
sose
شمسولوجي ذهبي
شمسولوجي ذهبي

عدد المشاركات : 1211
البلد : ..
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Tired
اصطباحة - بلال فضل  Notinm10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin السبت ديسمبر 04, 2010 9:46 am

sose كتب:لازم تكمل بصراحة انا بحب كتابات بلال فضل فيها سخرية سياسية لذيذة thumbs up

انا متابع علي قد ما اقدر Smile
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف sose السبت ديسمبر 04, 2010 10:19 am

go on :banana1:
sose
sose
شمسولوجي ذهبي
شمسولوجي ذهبي

عدد المشاركات : 1211
البلد : ..
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Tired
اصطباحة - بلال فضل  Notinm10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأحد ديسمبر 05, 2010 12:59 pm

إنها الحرب

بقلم بلال فضل ٥/ ١٢/ ٢٠١٠

أيها الإخوة المواطنون ننتقل الآن إلى إذاعة خارجية من ميدان المنشية فى مدينة الإنتاج الإعلامى لننقل لكم الخطاب التاريخى الذى طال انتظاره، فإلى هناك.

«بسم الله الرحمن الرحيم (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) صدق الله العظيم. يا أبناء شعبنا العظيم لقد اتخذت قرارا وأرجو أن تعينونى عليه. (صوت من داخل القاعة: لا تتنحى.. لا تتنحى) ومين جاب سيرة التنحى.. استنوا شوية.. الخطبة طويلة، لسه طويلة.. لقد قررت أن أقطع جميع العلاقات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن فاض بنا الكيل بعد تدخلاتها فى شؤوننا الداخلية.. لقد كنا كرماء للغاية مع الولايات المتحدة على مدى الثلاثين عاما الماضية.. سَلّمنا بأن تسعة وتسعين فى المائة من أوراق اللعبة فى يدها.. وقعنا كل اتفاقيات السلام التى دعت لها ووافقنا على كل الشروط المجحفة التى بها.. تخلينا عن السياسات الاشتراكية فى الاقتصاد وتحولنا إلى نظام رأسمالى رسمت لنا معالمه.. دعتنا إلى حرب الخليج فلبينا وأرسلنا خيرة أبنائنا إلى هناك، متحملين هجوما شرسا لم يسبق له مثيل، وقمعنا المظاهرات التى قامت احتجاجا على ذلك.

. سنة بعد سنة استجبنا لكل الطلبات الأمريكية فى مناهج التعليم.. فتحنا بلادنا على مصراعيها للمطاعم الأمريكية والملابس الأمريكية والأفلام الأمريكية والأغانى الأمريكية والمسلسلات الأمريكية وجميع رموز الثقافة الأمريكية.. بدأنا تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية على أوسع نطاق، فألغينا الاستفتاءات الرئاسية التى كنا ننجح بها آمنين مطمئنين واستبدلناها بانتخابات ينافسنا فيها اللى يسوى واللى ما يسواش.. فعلنا كل هذا راضين طائعين صابرين قانتين وحريصين على ألا نقف ضد أقوى قوة فى العالم لأنه لم يعد مكان فى عالمنا للعنتريات الفارغة.. لكن للصبر حدود..

ويبدو أننا قد بلغنا آخر الصبر مع أمريكا التى لم يكفها أننا قمنا بكل ما سبق من أجلها فى زمن قياسى لم تقم به أى دولة فى العالم.. فأخذت تارة تحتج على أننا نقوم بتزوير الانتخابات، وتارة تحتج على قيامنا بضرب أبناء وطننا بالأحذية وسحلهم فى الشوارع وتعرية بنات جلدتنا من ملابسهن وهتك أعراضهن وسوقهن إلى البوكسات كما تساق النعاج، والذى زاد وغطى أنها تحجب عنا بعض معونتها لأننا لم ندعم استقلال القضاء والعياذ بالله.. خسئت والله وخسئ قادتها.. لقد تعدت أمريكا بمثل هذه الاحتجاجات خطا أحمر لا يمكن لنا أن نقبل به أبدا.. إننا يمكن أن نفتح قناة السويس لما شاءت أمريكا من حاملات وطائرات وبوارج لتضرب إخوتنا فى العراق.. يمكن أن نسمح لها بأن تملى علينا كل ما تريد من إجراءات اقتصادية وتجبرنا على توقيع اتفاقية الكويز للتعاون القسرى مع إسرائيل.. يمكن أن نسمح لها بأن تفعل ما تشاء فى المنطقة، وأن تستخدمنا لكى نكون شرطيها الخاص فنخلص لها ما أرادت ونقف حيث تريد لنا أن نقف..نُسَفِّه حزب الله إن أرادت ونضرب حماس تحت الحزام إن أحبت ونُعذِّب لها ما شاءت من متهمين بالإرهاب ترسلهم إلينا عبر البحار.. كل هذا لا غبار عليه..

لكن للصبر حدود.. ونحن لا يمكن أبدا أن نسمح لأمريكا ولا للى خلفوا أمريكا بأن تعترض على سحلنا لمواطنينا.. لأن سحل الدولة لأبنائها قرار وطنى سيادى.. لقد تجاوزت حدك أيتها الدولة الغاشمة.. هل وصل بك الأمر لأن تمنعينا من ضرب مواطنينا بالأحذية وفرق الكاراتيه والعصى الكهربائية.. لا.. أفيقى من غفلتك يا أمريكا، فوالله لن نقبل أبدا تدخلك هذا ولن نسمح أبدا بأن تمنعينا من لذة عظيمة مثل هذه.. خذى ما شئت من امتيازات سياسية وسيادية واقتصادية واجتماعية وثقافية..

خذى السماء والأرض والموارد والمصادر والثروات بل وخذى أعيننا إن شئت.. لكن اتركى لنا مواطنينا نسحلهم كيفما شئنا وانتخاباتنا نزورها على كيفنا وقضاءنا ننتهك حرمته كلما عزنا.. خلى بيننا وبين شعبنا نفعل به ما شئنا، فنحن وحدنا نعرف مصلحته ونحن وحدنا نعرف ما يسعده وما يشقيه.. إننى أوجه تحذيرا نهائيا للولايات المتحدة الأمريكية أن تتوقف عن أى تدخل فيما تقوم به قوات الأمن تجاه أبناء بلادنا وتكتفى بالتدخل فى كل شىء آخر.. وإلا فإننا سنشن عليها حربا لا هوادة فيها، والله أكبر فوق كيد المعتدى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ويا خيل الوطنى اركبى». (هذا المقال التخيلى سبق نشره للأسف فى هذه الصحيفة عام ٢٠٠٥ ويبدو أنه سيظل صالحا للنشر عقب كل انتخابات.. ولا حول ولا قوة إلا بالله).
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الإثنين ديسمبر 06, 2010 5:41 pm

حكاية أثناء النوم

بقلم بلال فضل ٦/ ١٢/ ٢٠١٠

فجأة قرر حاكم مصر أنه يريد برلمانا بلا معارضة، فجأة قرر أنه لا يرغب فى سماع أصوات تزعجه، فجأة شعر أن اللعبة الديمقراطية لم تعد تبهجه، فجأة شعر أن المصريين لم يعودوا يستحقون الحرية التى كان يعتقد أنه الذى منحها لهم، ولذلك أصدر أوامره إلى رجاله فى الإدارة والأحزاب معا بأن ينفذوا رغبته بأى شكل، حتى لو كانت الطريقة مزرية وقميئة ولا أخلاقية.

لا أحد يعرف متى جاءه هذا القرار بالضبط؟، ولا من الذى أشار به عليه؟، ولا كيف شعر أن حلفاءه الغربيين لأسباب تخصهم لن يكونوا مهتمين بأى تزوير يحدث فى الانتخابات؟، لا أحد سأله هل درس هذا القرار جيدا؟، هل فكر فى أن انفراده بالسلطة سيكون حقا فى مصلحة البلاد؟، هل أدرك كم هو موحش وخطير ألا يسمع الحاكم إلا أصداء صوته؟، بالطبع لم يفكر أحد من رجاله فى الحصول منه على إجابة لأى من تلك الأسئلة، فهم جميعا يعلمون أنهم خلقوا فى دنياه لكى يطيعوه، كل ما كان يهمهم أن ينالوا رضاه حتى لو استحقوا سخط الله وسخط الناس، للأمانة هم لم يكونوا يخافون من سخط الله فهم يعتقدون أنه غفور رحيم يمكن أن يسامحهم لأنهم عاثوا فى البلاد فسادا فقط إذا تقربوا إليه بعدد من الحجات والعمرات والصدقات، وهم أيضا لم يكونوا يرون أن الخوف من سخط الناس أمر يستحق أن تلقى إليه بالاً، فالناس لن يعرفوا مصلحتهم مثل ما يعرفها الحاكم ورجاله.

يومها صدرت الأوامر بأن يسقط كل رموز المعارضة فى دوائرهم أيا كان الثمن، وكان رجال الإدارة يقولون للناس جهاراً نهاراً إنه ليس من المعقول أن نخالف الأوامر السامية بعد كل ما قدمه القصر للبلاد، وإنه يجب أن يعلم الجميع أن جلالة الملك الشاب لن يفتتح برلمانا فيه معارضون يكرههم أبوه جلالة الملك فؤاد.. لماذا أنت مستغرب؟، أنا أحدثك عن انتخابات عام ١٩٣٨ التى جرت فى ظل عهد الملك الشاب القادم حديثا من الخارج بعد سنوات من التعليم قضاها فى لندن، هل ظننت أننى أتحدث عن أحد آخر أو عن انتخابات أخرى لا سمح الله؟.

هل كان ينبغى أن أخبرك بذلك من الأول، لأنك شأن الكثير من أبناء بلادنا حكاماً ومحكومين لا نحب قراءة التاريخ ونستثقل دمه ونظن أن التاريخ ليس سوى أرقام سنوات مرتبطة بأحداث وأسماء حكام نحفظها لكى نصبها على ورقة الامتحانات ونحن تلاميذ، ولا ندرك أن التاريخ يحمل إجابات لكل أسئلة الواقع ولكن لمن أراد لها حلا.

عموما أنت تعلم عماذا أتحدث الآن، لكن هل تعلم أن تلك الانتخابات شهدت واقعة برلمانية غير مسبوقة فى تاريخ المجالس النيابية فى العالم كله، يومها كان حزب الوفد حزبا عظيما وليس «هفقا»، وكان يرأسه زعيم عظيم ملو مركزه اسمه مصطفى النحاس كان المصريون يعتبرونه زعيمهم الحقيقى، ولذلك عندما أصدر الملك أوامره لرئيس وزرائه على ماهر بضرورة إسقاط النحاس شخصيا فى دائرته سمنود بالغربية لتمريغ أنف الوفد فى التراب، قرر الوفديون أن يتحدوا إرادة الملك بحيلة غير مسبوقة اقترحها شاب انضم إلى الوفد حديثا اسمه فؤاد سراج الدين، كانت الفكرة أن يتقدم النحاس فى آخر لحظة قبل قفل باب الترشيح بأوراقه كمرشح فى دائرة أخرى اسمها الزعفران يضمن سراج الدين بحكم ما له فيها من أطيان وأنصار ألا يتقدم فيها مرشح منافس للنحاس أبدا.

وبالفعل تقدم سراج الدين بأوراق ترشيح النحاس فى الساعة الخامسة إلا خمس دقائق من يوم قفل باب الترشيح وتأكد من قفل باب الخزينة دون أن يتقدم للنحاس منافس فى الدائرة، وعندما وصل الخبر إلى القصر صدر أمر من فريد أبوشادى، مدير الغربية المنتدب، بفتح الخزينة وإحضار أى شخص من البلد وتقديم أوراق ترشيح له ودفع أى تأمين فورا حتى لو كان هذا الرجل نكرة لا يعرفه أحد، وبالفعل لم يعدم رجال القصر شخصا يبيع نفسه من أجل المال، والشهرة أيضا، فهو سيكون منافسا للنحاس باشا بجلالة قدره، وكتب التاريخ تقول إن هذا الشخص اسمه محمد سعيد، لكنها لا تذكر عنه أى معلومات أخرى، ربما لأنه لم تكن لديه فعلا معلومات أخرى يمكن أن يذكرها أحد، وربما لذلك قال فؤاد سراج الدين للنحاس إن ما حدث أمر ليس له أى قيمة لأن كل مَن فى الدائرة هم إما مستأجرون لديه أو عمال فى مزارعه، وأنهم جميعا يحبون النحاس ولن تجدى أى ضغوط تمارس عليهم.

فى يوم الانتخابات شهدت مصر مهازل لم يسبق لها مثيل فى تاريخ برلماناتها، وصلت إلى حد أن يقوم شيخ بلد كفر الثعبانية أحد أكبر مراكز دائرة سمنود ومعه عدد من الخفراء (الذين كانوا يلعبون دور البلطجية يومها) باقتحام سيارة النحاس أثناء توجهه لتفقد الدائرة، وقاموا فى حضوره بضرب مندوبه فى الكفر بهراوة على رأسه، ثم اختطفوه فى حضور النحاس المذهول مما يجرى، وعندما ذهب النحاس إلى وكيل النيابة الذى يراقب الانتخابات وأبلغه بأن شيخ البلد نبيل غنيم قام بكذا وكذا، تم استدعاء شيخ البلد الذى أنكر ما حدث جملة وتفصيلا، بل وقام بإحضار فلاح طاعن فى السن يرتدى ملابس بالية وقال إنه والد مندوب النحاس، وعندما سألوه عن مكان ابنه قال لهم إنه مسافر إلى القاهرة منذ يومين، قالوا له لكن النحاس باشا يقول إن ابنك كان معه وتم شج رأسه وخطفه، فأنكر الأب ذلك تماما، ووجد النحاس نفسه يواجه تهمتى الكذب وإزعاج السلطات، لولا أن وكيل النيابة كان رجلا شريفا وأدرك ما حدث فأغلق المحضر.

كانت الأخبار تتوالى إلى قيادة الوفد من جميع أنحاء البلاد بسقوط قتلى وجرحى على أيدى رجال البوليس، واختطاف صناديق الانتخابات من داخل مراكز الاقتراع، والاعتداء من قِبَل الخفر والعساكر على رجال الوفد الذين حاولوا حماية الصناديق بشراسة وقرروا الاستمرار فى ذلك مهما كلفهم من تضحيات.

وعندما وصل إلى النحاس أن عددا من كبار رجال الوفد الذين كانوا ينجحون فى كل انتخابات بالتزكية مثل مكرم عبيد فى قنا وعبدالفتاح الطويل فى الإسكندرية وأمين الوكيل فى دمنهور وأمين الإتربى فى أخطاب تم الإعلان عن سقوطهم بنتائج مزرية، أصدر النحاس أوامره إلى كل رجال الوفد بأن ينصرفوا فورا ويتركوا صناديق الانتخابات لرجال البوليس والإدارة لكى يزوروا فيها كما يشاءون.

عاد النحاس إلى القاهرة وبدأت تتوالى تباعا نتائج سقوط مرشحى الوفد والمعارضة فى كل الدوائر، وبقيت دائرتا سمنود والزعفران اللتان ترشح فيهما النحاس فلم تعلن النتيجة فيهما، ويقولون إن على ماهر كان يحاول إقناع الملك بضرورة إعلان نجاح النحاس فى إحداهما غسلا لسمعة البرلمان القادم، لكن إرادة الملك تغلبت وصدر فى ساعة متأخرة من الليل بيان من الداخلية يعلن أن النحاس زعيم الأمة سقط فى دائرتى سمنود والزعفران، أى أن الشعب المصرى قرر من أجل مستقبله أن يختار محمد سعيد بدلا من مصطفى النحاس.

يومها لم يسقط النحاس وحده فقط، بل سقط كل رجال المعارضة الذين قدموا أداء نيابيا راقيا كانت مصر تفتخر به وقتها، وفى المقابل شهد ذلك المجلس أعلى نسبة من كبار ملاك الأراضى قياسا على الهيئات البرلمانية السابقة، بل ووصلت نسبتهم فى الوزارة، التى تشكلت عقب الانتخابات إلى ٦٦ فى المائة من الوزراء كما يقول الدكتور عاصم الدسوقى فى دراسته عن دور كبار الملاك فى الحياة السياسية المصرية، وهى نفس الوزارة التى قام بتشكيلها محمد محمود باشا، رئيس حزب الأحرار الدستوريين، الذى كان يضم أكبر عدد من المثقفين المدافعين عن الليبرالية والديمقراطية والتقدم.

وبرغم رضا وزارته بأن تكون ألعوبة فى يد الملك لضرب إرادة الشعب فقد أصر الملك على إهانتها بأن رفض قائمة الوزراء التى تقدم بها محمد محمود عشر مرات ولم يقبل بها إلا فى المرة الحادية عشرة لكى يوصل رسالة قوية إلى البلاد كلها بأنه لن يسمح بأن يعلو صوت فوق صوته.

لا شك أن الملك كان سعيدا جدا للغاية فى تلك الأيام، لا شك أنه كان يضحك ملء شدقيه، لا شك أنه كان يشعر أنه قام بضرب قادة المعارضة على أقفيتهم، لا شك أن أجهزته الأمنية كانت ترفع له تقارير عن غيظهم وحنقهم وخيبة أملهم، لا شك أنه لم يفكر ولو للحظة فى خطورة ما فعله على مستقبل البلاد لأنه يرى أنه هو وحده مستقبل البلاد، لكن يا ترى هل تذكر الملك كل ذلك وهو يبحر فوق يخته الملكى مطرودا من عرشه وبلده بعد قيام ثورة يوليو التى بدورها استغلت ذلك النوع من الانتخابات ذريعة لإلغاء التمثيل النيابى كله على بعضه؟ يا ترى هل قال الملك لنفسه ما الذى كان سيجرى لو احترمت إرادة الأمة ولم أحول الديمقراطية إلى لعبة سخيفة ولم أسحق الفقراء والبسطاء لصالح الأغنياء والإقطاعيين؟

هل فكر الملك فى ذلك كله؟ لا أحد يعلم ذلك إلا الله، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الإثنين ديسمبر 06, 2010 5:51 pm

يخرب عقلك يابلال Very Happy
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف sose الإثنين ديسمبر 06, 2010 6:00 pm

مااعتقدش انه كان بيتكلم عن الملك فاروق فى معظم المقالة :hush: :hush:
sose
sose
شمسولوجي ذهبي
شمسولوجي ذهبي

عدد المشاركات : 1211
البلد : ..
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Tired
اصطباحة - بلال فضل  Notinm10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الإثنين ديسمبر 06, 2010 6:03 pm


تاريخيا .. آه
اما طبعا المقال كله توريه .. وكل لبيب بالاشارة يفهم Laughing
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 1 من اصل 6 1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى