شمسولوجي - منتدي طلبة طب عين شمس
السلام عليكم

نورتنا يا ....

لو هتتصفح المنتدي كزائر .. توجة للقسم اللي انت عايزة من المنتدي ...

للتسجيل .. اتفضل افعص علي زرار التسجيل ..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شمسولوجي - منتدي طلبة طب عين شمس
السلام عليكم

نورتنا يا ....

لو هتتصفح المنتدي كزائر .. توجة للقسم اللي انت عايزة من المنتدي ...

للتسجيل .. اتفضل افعص علي زرار التسجيل ..
شمسولوجي - منتدي طلبة طب عين شمس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اصطباحة - بلال فضل

+5
Abotreka
snow_white
Just a doctor
sose
Admin
9 مشترك

صفحة 2 من اصل 6 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف sose الإثنين ديسمبر 06, 2010 6:23 pm

طبعا...هو ده بلال فضل..وربنا يستر عليه من البلاك ليست :em2700:
sose
sose
شمسولوجي ذهبي
شمسولوجي ذهبي

عدد المشاركات : 1211
البلد : ..
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Tired
اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Notinm10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 6:18 pm

أسامة الآخر

بقلم بلال فضل ٧/ ١٢/ ٢٠١٠

الاختلاف مع الإخوان المسلمين أمر صعب، ليس لأنه سهل أن تختلف مع غيرهم، فالاختلاف مع أى أحد فى بلادنا أمر صعب، كنت أريد أن أقول لك إنك لن تجد أحدا فى بلادنا المنكوبة بنا يتقبل الاختلاف فى الرأى، لكننى أحاول تدريب نفسى على البعد عن الأحكام العامة القاطعة، لذلك سأقول لك إنك ستجد أن الغالبية الساحقة فى بلادنا لا تتقبل الاختلاف فى الرأى حتى لو ادعت أنها تتقبله، وربما أنا نفسى إلى وقت قصير كنت فردا من هذه الغالبية الساحقة، ومازلت، فى مسألة تقبل الاختلاف من «المؤلفة قلوبهم»، أحيانا أقبله وأحيانا أثور وأنفعل وأطيح فيمن يختلف معى وأجد دائما لثورتى مبررات تجعلنى أقرر أننى لم أثر وأنفعل إلا لسبب وجيه.

يوما بعد يوم أحاول تقليل قائمة الأسباب الوجيهة لغضبى على من يختلف معى وهى تقتصر حاليا على التكفير والتخوين والغباء، ومع أن السببين الأولين قاطعان فى توصيفهما، فقد اخترت السبب الثالث مطاطا فى توصيفه لكى يتسنى لى كحيلة دفاعية استخدامه مع أكبر عدد ممكن من الذين يختلفون معى، وأسأل الله أن أتخلص من ذلك قريبا، وإن كنت عندما أتذكر كيف كنت حتى وقت قريب أكثر فاشية وحدة وعنفا، أدرك دائما أن هناك أملا فى أن أصل إلى الدرجة المثالية التى أحلم بها، فيما يخص تقبل الاختلاف مع الآخرين.

مشكلة الاختلاف مع الإخوان المسلمين أنك تختلف مع أناس يعتقدون أنهم على الحق ويتعرضون للقمع فى الوقت نفسه، لذلك يصبح تقبلهم للاختلاف أمرا أقرب إلى الاستحالة، فهم يتعاملون مع من ينتقدهم على أنه رجل صاحب أجندة خفية يؤدى خدمات لمصلحة أجهزة عليا أو لأنه يكن كراهية للفكرة الإسلامية، وإذا حدث وكان من ينتقدهم من داخلهم فهناك تهمة شائعة له بأنه تعرض لـ«فتنة» جعلته يشق عصا الجماعة ويستجيب لشهوة النقد وغية الاختلاف، وربما يتقبلون منه أن ينتقد الجماعة سرا فى داخل صفوفها، أما إذا قرر أن يخرج هذا الاختلاف إلى النور فهو بذلك يعين أعداء الجماعة عليه، ومصيره النبذ من أفرادها معنويا وعاطفيا حتى لو لم يكن ذلك بتوجيهات عليا من القيادة التى يمكن أحيانا أن تفرمل قرارات قمع المختلفين معها تغليبا للمصلحة العامة للجماعة.

أذكر أننى منذ أشهر استضفت الباحث المتميز الأستاذ حسام تمام لأناقش كتابه المهم (مع الحركات الإسلامية فى العالم) الصادر عن مكتبة مدبولى، الذى يقدم مراجعات نقدية مهمة لعدد من الحركات الإسلامية على رأسها جماعة الإخوان المسلمين يقدمها باحث جاد ومجتهد، قيمته فى استقلاليته وعدم كونه محسوبا على أحد، وبرغم جدية النقاش الذى دار بيننا فإننى فوجئت بعدد من الإيميلات والرسائل يمكن تقسيمها إلى أكثر من مجموعة، الأولى تحذرنى من عذاب الله لأن لحوم الإخوان مسمومة، فهم أناس يعملون من أجل الإسلام، ومجموعة ثانية تسألنى لمصلحة من يتم عرض هذا الكتاب و«اشمعنى دلوقتى بالذات»، وثالثة تسألنى عن طبيعة علاقتى الخفية أنا وحسام تمام بالأجهزة الأمنية، ورابعة تحكى لى عن القمع المحزن الذى يتعرض له الإخوان وأسرهم،

وكل تلك الرسائل والتعليقات كانت تقريبا نسخا من الرسائل والتعليقات التى جاءتنى قبل سنين، عندما كتبت مقالا فى صحيفة الدستور بعنوان (الإسلام هو الحل.. الإخوان هم المشكلة)، وهى تقريبا الرسائل نفسها التى جاءتنى منذ يوم الثلاثاء قبل الماضى بعد أن نشرت فصلا صغيرا من كتاب الإخوانى الشاب أسامة درة (من داخل الإخوان أتكلم)، بعنوان (باتمان والجوكر) يتبنى فيه أسامة فكرة، مفادها أن الإخوان بحرصهم على العمل السياسى الذى يرفع شعارا دينيا يقدمون أكبر خدمة للحزب الوطنى ويسيئون إلى الإسلام من حيث يظنون أنهم قد أحسنوا، والمصادفة أنه كتب هذا الكلام قبل سنة أو أكثر من مشاركة الإخوان فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية والتى لن يعترفوا للأسف الشديد بأنها جاءت خطأ بكل المقاييس بل سيستمرون فى المكابرة متبعين المنهج الحكومى نفسه ومصممين على القول بأن المشاركة التى خذلوا بها رجلا مخلصا وواعيا مثل الدكتور البرادعى أدرك بواخة الفيلم من زمان وقرر أن يحترم نفسه ولا يشارك فيه.

للأسف وجدت أن عددا من الرسائل الغاضبة التى جاءتنى لم تنتبه أساسا إلى أن أسامة فرد من الإخوان يحبهم ويعتز بهم ويتمنى لهم الخير، ومع ذلك فهو يرى أنهم يضرون مصر ويسيئون إلى مبادئهم بعملهم بالسياسة بهذا الشكل الذى لا يفيد أحدا إلا الفاسدين والظلمة، لن أشير إلى هذه الرسائل فأنا أقدر الظروف النفسية التى كتبت فيها، خصوصا فى ظل ما يتعرض له الإخوان من قمع أمنى تمارسه الدولة بسعادة شديدة لأنه يزيدها رفعة وعلوا فى أعين المجتمع الدولى المرعوب من الفزاعة الإسلامية.

فقط اخترت من بين كل الرسائل التى جاءتنى رسالة لشاب من الصعيد اسمه أسامة رشدى لأنه قرر أن يمارس الاختلاف فى الرأى بشكل محترم، ويبتعد عن الاتهامات الشخصية ويناقش صلب الفكرة التى وردت فى كلام أخيه الدمياطى أسامة درة، وإن كان لم يستوعب ما فى كتابة أسامة الفنية من خيال محلق، فإن ذلك لا يعيبه بقدر ما يكشف عن اختلاف المدخلات الثقافية لكل من الاثنين، وكيف أنتجت كل منها طريقة تفكير مختلفة، وأتركك لقراءة الرسالة التى تحتم علىّ الأمانة نشرها كما جاءتنى، على أمل أن تتاح مناقشة فكرتها الأساسية فى وقت مقبل بإذن الله.

«... أنا أدعى أسامة أيضاً شاب فى السابع والعشرين من العمر وأتشرف بالانتماء لـ(الإخوان المسلمون). أقرأ كلام الأخ (أسامة درة) لأول مرة، وأثارت فكرته عن الصراع بين الدولة والإخوان إعجابى. ولكن عندما انتهيت من القراءة خرجت مشتتاً، فلقد أحسست بعدم وضوح فى رؤية الأخ أسامة، هل يرى أن الخطأ يكمن فى فكر الإخوان نفسه الداعى لحل مشاكلنا عن طريق العودة لتطبيق النظام الإسلامى فى شتى مناحى الحياة مرة أخرى، أم تراه فى الأساليب التى ينفذها الإخوان لنشر فكرهم؟. تفكرت جيداً فى منطق الأخ أسامة الذى يرى – أو يتساءل – أن فكرة الإخوان – أو ربما الطريقة التى ينفذون بها الفكرة – ذاتها هى السبب فى استجلاب العداء مع الأنظمة الحاكمة كلها. وهى السبب فى استمرار الظلم والعداء من جانب الدولة. ضارباً بـ«باتمان والجوكر» مثالاً لما عليه الحال بين الإخوان والنظام الحاكم.

نعم، لم أشاهد فيلم (فارس الظلام)، ولكنى أدعى فهم المثال الذى ضرب من سابق معرفتى وقراءتى لقصص باتمان عندما كنت صغيراً، لكن المثال نفسه ليس صحيحاً، فأنا أزعم أنه لولا الجريمة لما كان هناك داعٍ لظهور باتمان، ولو اختفت الجريمة لما كان هناك سبب لوجود باتمان. إن باتمان ككل أبطال القصص الخارقين، لا قيمة ولا معنى لوجودهم إلا بوجود ما يستدعى ظهورهم. إن المنطق الذى كتبت به الفكرة معكوس تماماً، فكيف يمكننا أن نلوم باتمان – الذى يمثل جانب الخير – لأن هناك عدواً، بالتأكيد، لا ينتمى لجانب الخير ولا يريده، يريد أن يعيث فى الأرض الفساد وكل ما يمنعه ويقف فى طريقه هو باتمان وذكاؤه والتقنية المتقدمة التى يستخدمها، وبالتالى فإنه يستجمع كل قواه ويبتكر ويتفنن فى كيفية إيجاد الطريقة المثلى للقضاء على باتمان حتى يتسنى له أن يفسد فى الأرض. فأى منطق هذا الذى تلام به قوى الخير لتصديها لقوى الشر؟

ثم نأتى للسؤال: لو لم يكن هناك باتمان، هل كان يمكن أن تصبح الأمور أسوأ؟.. وهل هناك ما هو أسوأ؟. وللجواب يكفينا أن نتخيل مدينة جوثام دون باتمان. فى الحقيقة لا أستطيع تصور حال المدينة عندما يظهر فيها الجوكر وباتمان ليس له وجود. إن المقولة التى تدعى أن الجوكر هو نتيجة وجود باتمان هى خاطئة بكل تأكيد، فالجوكر كان لابد له من الظهور، وعدم وجود باتمان لم يكن ليؤثر فى شىء من حيث ظهور الجوكر من عدمه. وليس ذنب باتمان أنه يستخدم كل ما أوتى من قوة ليحارب الجوكر، ومن ثم يأتى رد فعل الجوكر فى نفس قوة باتمان وربما أكبر ليتخلص منه.

وإلا فإن المطلوب من باتمان هو أن يقبع فى مخبأه راضياً بما يقع من الجريمة والفساد، رافضاً التدخل وإحقاق الحق والقبض على المجرم مخافة أن تشتعل النار التى ستأتى دون شك نتيجة المواجهة بين الخير والشر. إن الجوكر مجرم ظهر ولا أحد يريده، لكن باتمان بطل نذر نفسه للخير ومكافحة الجريمة، ويكفى النظر لبداياته ونشأته لمعرفة سبب وجوده فهو لم يسخر أمواله وقواه لمحاربة الشر إلا بعد رؤيته لمقتل والده أمام عينيه صغيرا.

إن الخير لا يتبرع دائماً بإدخال قوة مفرطة «غير ضرورية» هكذا من تلقاء نفسه ودون مبرر، بل يستلزم ذلك وجود شر يملك القوى التى تستدعى استنفار طاقات الخير فى المجتمع لمجابهته. إن فيلماً – أؤكد لم أشاهده – لا يمكن أن يكون بطبيعة الحال حكماً على الواقع. بل دعونا ننظر بعين الواقع لعالمنا. إن الأصل فى ظهور الدعوات الإصلاحية هو وجود الفساد. ودعوة «الإخوان المسلمين» الإصلاحية لا يمكن لها أن توجد وأن تكون لها قيمة لو لم يوجد الظلم والفساد حتى تتصدى له، وإلا فإنها تفقد قيمتها ومعناها ويهجرها الناس من تلقاء أنفسهم. والإخوان لا يرجون ولا يتمنون الصراع ولا الصدام مع النظام الحاكم ولا المجتمع. ولكن ماذا تنتظر من نظام ديكتاتورى مستبد يفرض نفسه على المجتمع بشتى أساليب القهر والترهيب، فينشأ الصدام الذى لابد له أن يكون ليميز الله الخبيث من الطيب ويميز الناس الخير من الشر.

ثم دعنى أتساءل: هل هذه الأنظمة الحاكمة تتعامل بهذه الطريقة القاسية التى تتخذ طبيعة الصراع الحاد والعنيف مع الإخوان فقط؟ الإجابة هى: لا بكل تأكيد. فماذا عن الجمعية الوطنية للتغيير وما أثير مؤخراً عن زرع أجهزة تنصت؟ وماذا عن شباب ٦ أبريل والقبضة الحديدية والاعتقالات التى يقابلهم بها النظام؟ وماذا عن مجموعة ٩ مارس لاستقلال الجامعات وتجنيد البلطجية لإرهابهم وإرهاب الطلبة؟ وماذا عن المعارض «د. أيمن نور» والعمل على إنهاء مستقبله السياسى وتدميره؟ وماذا عن د. «البرادعى» وحملات التشويه شبه المنظمة التى يتعرض لها؟ وماذا عن الصحفى الحر «إبراهيم عيسى» والإعلامى الجرىء «حمدى قنديل» وغيرهم وغيرهم.... ما الذى يملكه النظام لكل من يتجرأ ويقول لا أمامه سوى الإرهاب والقبضة الحديدية؟!! إنها اللغة الوحيدة التى يفهمها نظام ديكتاتورى يستمد قوته من عسكره، ويستميت فى البقاء على الكرسى (حتى آخر نفس).

إن العيب ليس فى الإخوان لأنهم ينطلقون من منطلق إسلامى بحت ويرفعون شعار (الإسلام هو الحل)، بل العيب فى نظام ارتأى أن تداول السلطة بطريقة سلمية من المحرمات، مهما كانت أفكار ومنطلقات الذى يطالب بذلك (إسلامى، ليبرالى، اشتراكى... إلخ)، وأن الكرسى من المقدسات التى يجب صونها بكل الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة. ولو أننا تركنا الآليات المجتمعية الطبيعية تعمل فهل سنستيقظ ذات يوم لنرى النظام نادماً على سنين القهر والتخلف الذى أرسى دعائمه بين أركان هذا المجتمع وترك الفساد ينتشر فى أوصاله حتى صار الفساد ركنا من أركانه وركيزة من ركائزه؟ وهل سيدع للناس حرية اختيار من يحكمهم ويترك السلطة ليتم تداولها سلمياً؟!! على الجانب الآخر، لا يمكن بحال أن أدعى براءة أفراد الإخوان من الوقوع فى الزلل والخطأ ولو دون قصد أو بحسن نية أو حتى عن عمد وتقصير، فإنما هم بشر لا يملكون من الله صكاً بالغفران لأنفسهم حتى يمنحونه لغيرهم. إنما اعتقادى أن الإخوان يجتهدون فيما هو متاح أمامهم من الوقائع والمتغيرات، ويتخذون كل السبل الشرعية والمشروعة لتحقيق غايتهم وهدفهم.

أقول الشرعية لأنهم لا يتخذون وسيلة لا يرضى عنها الله ورسوله، وأقول مشروعة لأنهم لا يخالفون قانون الدولة التى يعملون بها لتبليغ فكرتهم ودعوتهم للناس. وتمسك الإخوان بفكرتهم والعمل على نشرها وتحقيقها هو شىء مشروع ومطلوب كونهم يسعون لتحقيق هدف نبيل وسامٍ، ومع ذلك فهم مطالبون بتقبل الآخر وتقبل نصحه والعمل فى بيئة متعددة الأفكار والتوجهات، وأظنهم يفعلون ذلك. وليس عليهم التوفيق فيما مضوا فيه، فحظهم من العمل السعى لتحقيقه، وأما التوفيق والنجاح فإنما هو بيد الله. فلا سعى لمنصب زائل ولا فرح بنصر مؤقت، لأننا نعلم أن غايتنا هى رضا الله تعالى، وليس للدنيا نصيب فيما نقول ونفعل. أو هكذا نرجو أن يتقبل الله منا.

الخلاصة أن الفكرة نفسها مثيرة للاهتمام، وهى نقد ذاتى يسترجع مرارات لأشياء ليس لها وجود إلا من وجهة نظر الكاتب. وتنبع أهمية الفكرة من حيث كونها دعوة لمراجعة الذات والعمل على عدم التقوقع داخل أفكار هدفها نبيل لكنها – حسب رأيه – تأخذ منحى سلبياً لعدم قدرة من يدعون إليها لتقبل رؤى أخرى لتلك الأفكار. والظاهر لى أن الكاتب يرجو أن ينتهى ذلك الصدام الحاصل بين الدولة والإخوان.

ويرى أنه ربما كان أصل الخطأ الناجم عنه الصدام عند الإخوان لتمسكهم – كما يرى الكاتب – برؤى أحادية الجانب لأفكار عظيمة وخلاقة تحتمل أكثر من وجه للعمل عليها. لم يدع الإخوان احتكارهم للفهم الصحيح للإسلام، لم أسمعها من أحد من أفراد الإخوان أو أساتذتنا. بل الصحيح الذى فهمته من قراءاتى ومن دروس أساتذتنا أن «الإخوان المسلمين» جماعة من المسلمين، لا تدعى أنها فهمت الدين فهماً خاصاً بها هو الصحيح دون غيره. وإنما تدعى أنها اتخذت الوسيلة الأصوب والأقرب للتوفيق للتغيير ونصرة الإسلام.

فهى لم تنزع الإسلام والإيمان والجهاد عن غيرها، بل على العكس تفرح بأن الله وفق الآخرين لخدمة الإسلام. لذا، لا أظن أن الكاتب وفق فى طرحه، بل أرى أنه حاد عن الصواب فى فكرته، داعياً إياه إلى التأمل فى فكرته من جديد، وأرجو إن كنت مخطئاً أن أعود إلى رشدى وإن كنت مصيباً ألا يحرمنى وألا يحرم الأخ «أسامة درة» وألا يحرمك يا أستاذنا من ثواب ما قرأناه وكتبناه وعملناه. والله أرجو وأدعو، وهو وحده من وراء القصد».
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء ديسمبر 08, 2010 12:06 pm

حدث فى ليلة الانتخابات

بقلم بلال فضل ٨/ ١٢/ ٢٠١٠

أرجو من السادة القراء الذين أرسلوا إلىّ عشرات الرسائل التى تحكى وقائع عن تجاوزات المسرحية الانتخابية أن يتكرموا بإرسالها إلى منظمات حقوق الإنسان التى لعبت بإخلاص دور الناقد الفنى فى المسرحية، ليس فقط لأن المساحة المخصصة لى تضيق عن نشر هذه الرسائل،

ولكن لأننى بصراحة شديدة لست متعاطفا مع كل من شارك فى هذه المسرحية دون الحصول على أى ضمانات سياسية أو قانونية تكفل نزاهتها النسبية، ليمنحوها بمشاركتهم الشرعية السياسية اللازمة لأى انتخابات، وسواء كان ذلك القرار قد تم بناؤه على وعود كاذبة لم تنفذ أو بناء على حسابات سياسية خاطئة، فالذى حدث أن تلك المشاركة منحت الانتخابات الشرعية السياسية التى كان يحتاجها الحزب الوطنى، وحتى عندما تم إعلان الانسحاب بعد فوات الأوان، كان ذلك القرار قد فقد معناه،

برغم محاولة المنسحبين تصوير أنفسهم أنهم سددوا ضربة قاصمة للحزب الوطنى، وأنه ظهر أمام العالم بأنه يسحق المعارضة، وهى سذاجة سياسية تفترض أن الحزب لم يكن يرغب فى هذا منذ البداية، مع أنك لو سألت أى طفل يلعب فى الشارع السياسى لقال لك إن هذا السيناريو كان مخططا له منذ البداية بهدف إحكام السيطرة على الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومنع تسلل أى مستقل ذى شعبية إليها بعد حصوله على الأصوات النيابية المنصوص عليها فى مادة الدستور المطبوخة سلفا حسب رغبة الزبون الوحيد، وهو الهدف الذى تحقق ببراعة وساعدت على تحقيقه، إما تواطؤا أو غباءً، قيادات المعارضة من جميع التيارات.

على أى حال اخترت أن أنشر من بين كل الرسائل رسالة لا يبدو أن لها علاقة مباشرة بوقائع المسرحية الانتخابية أرسلها إلىّ الكاتب الشاب كريم الشاذلى، المتخصص فى التنمية الذاتية، يحكى فيها عن تجربة شخصية حدثت له فى ليلة الانتخابات، لكنها تقول الكثير عنها، تقول الرسالة: «لعله فى زوبعة الانتخابات والقضايا الكبرى التى تفرزها تلك المعركة الشرسة لا يوجد مكان لطرح قضايا جانبية ،

لكن الأشياء الصغيرة فى كثير من الأحيان تعطى دلالات أكثرخطورة لأنها تعبر عن واقع من الممكن أن يجد أحدنا نفسه عالقا به وقد كان يقرؤه أمس وهو يحتسى فنجان قهوته الصباحية. يوم السبت كان يوما عاديا لا تنذر سماؤه بأى شىء مختلف، اللهم إلا الضباب الكثيف الذى يغطى سماء القاهرة، كان عندى يومها صباحا حديث فى برنامج (صباح الخير يا مصر) للحديث عن كتابى الجديد، وبعض الأعمال الخاصة بشركتى، ومساءً حضور حفل توقيع الصديق العزيز عمر طاهر فى مكتبة ألف بالزمالك..

وبعد انتهاء الحفل قررت العودة إلى بلدتى حيث أقطن فى محافظة الدقهلية، كان معى صديق أقللته فى سيارتى إلى حيث سيهبط فى مدينة قها على طريق مصر - إسكندرية الزراعى، وما إن توقفت السيارة وهمّ بالنزول إلا ووجدت فى أقل من ثانية اثنين من البلطجية يحمل كل منهما ما ظننته سيفا واتضح أنه سنجة بعد ذلك،

وعيونهما الغائمة تؤكد أن أذهانهما ليست حاضرة معهما، ودون كلمة واحدة كانت سنجة واحد منهما تصنع خطا دمويا على ظهرى لتؤكد أن الأمر جد وليس بالهزل، ولأنى أحمل مبالغ مالية كبيرة خاصة بعملى وجهاز الكمبيوتر المحمول خاصتى وغيرها من المتعلقات المهمة، فقد اتخذت قرارى بالاشتباك معهما، وكل أملى أن ألفت نظر إحدى السيارات المارة فى الطريق، كان الاشتباك مفاجئا لهما وهو ما أعطانى تفوقا لحظيا سمح لى بأن ألقى الشخص الواقف أمامى فى إحدى الترع الصغيرة على يمين الطريق وأهبط خلفه

محاولا جذب الآخر بعيداً عن السيارة وإعطاء صديقى المرعوب الفرصة لإيقاف إحدى السيارات، المدهش فى الأمر أن الأمور جرت وفق ما أشتهى إلا أن السيارات التى توقفت ما إن رأت السيوف المشهرة إلا وعادت أدراجها كالريح، سيارة بها أحد عشر راكباً وأخرى نقل وثالثة ملاكى، تبطئ قليلا ثم تُسرع مرة ثانية.


لعل الشىء الجيد أن أنوار السيارات وهى تبطئ دفعت أحدهما لأن يسرق هاتفين محمولين من السيارة والاختفاء وسط الزراعات دون أن يلفت انتباهه الشنطة الصغيرة الموضوعة أسفل الكرسى الخلفى، قبل أن يعاجلنى الشخص الأخير بضربة على رأسى ويختفى هو الآخر..

بلا إبطاء وبدافع الخوف والرعب ركبت سيارتى متوجها إلى قسم شرطة قها، متوهما أن الشرطة مازالت فى خدمة الشعب، لن أحدثك سيدى عن حالة الخمول التى وجدتها واللامبالاة، ولا تخشب الضابط أمام الشاشة متابعا لفيلم أجنبى وهو يشير لهم بإشارة لها مغزاها أن يعيدونى إليه بعد انتهاء الفيلم، ولن أحدثك عن الساعات الأربع التى قضيتها وأنا أنزف من أجل عمل محضر رسمى، ولا بإخبارهم أننى مصاب ويجب الذهاب للمستشفى لأنى أشعر بدوار شديد، ولا بتلك الحباية المجهولة التى أعطاها لى أحدهم فى ود وهو يؤكد أنها ستجعلنى لا أشعر بأى ألم،

لن أحدثك عن الجولة التى قاموا بها بسيارتى فى مكان الحادث بعد ساعة كاملة، وليس بعد وصولى وكأن اللصوص سينتظرون أن يلتقط لهم البعض بعض الصور التذكارية، لكننى يا سيدى سأترك رد (البيك) رئيس المباحث وهو يقول لى بعدما قرأ المحضر (أنت ثالث حالة تُسرق بهذه الطريقة، الفرق بينك وبين الحالتين الأخريين أنك الوحيد الآتى على قدميه، ونصيحتى إذا ما حدث لك شىء مشابه أن تعطى اللص ما يريد حتى لا تأتينى فى المرة القادمة جثة هامدة)، ثم أتبع وهو ينهى كلامه (المشكلة فى التوقيت، انتخابات الإعادة غدا كما تعلم..

اتوكل على الله واحنا هنعمل المطلوب)، فتركته ذاهبا للمستشفى وقد وعيت الدرس جيدا، إذا ما أردت أن أكون ضحية فى مرة قادمة فيجب ـ كى أكون حسن الحظ ـ ألا أقاوم اللصوص، وألا يكون ذلك عشية إجراء الانتخابات، بيد أن الدرس الأصعب والأسوأ والأكثر مرارة يا سيدى أننى لا يجب أبداً أن أراهن على شهامة المواطن المصرى.. فربما يكون الثمن المرة القادمة هو عنقى. أعتذر للإطالة.. كريم الشاذلى.. أحد من يكتبون عن الأمل والتفاؤل والغد المشرق».
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف sose الأربعاء ديسمبر 08, 2010 2:58 pm

الشرطة ليست فى خدمة الشعب
بس نفسى اعرف فى خدمة مين :furious:
sose
sose
شمسولوجي ذهبي
شمسولوجي ذهبي

عدد المشاركات : 1211
البلد : ..
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Tired
اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Notinm10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأحد ديسمبر 12, 2010 12:25 pm

اليد الثالثة

بقلم بلال فضل ١٢/ ١٢/ ٢٠١٠

ربما ترانى قريباً من هول ما بى، أجرى فى الشوارع وأنا أحمل فى عنقى فرخا كبيرا من الورق أُلصِقَت عليه مجموعة منتقاة بفظاعة من أبشع صور الحرب الأهلية فى لبنان، صور بها أحياء مهجورة وبيوت ميتة وشوارع يغطيها دخان القنابل وجثث منتفخة ملقاة فى الشوارع لأطفال ونساء وشيوخ وشباب كانوا كالورد، وكلهم قُتِلوا على الهوية، لأن قاتليهم ظنوا أنهم ينتصرون لدينهم ويتقربون إلى الله، ولأن أغلب القتلة لديهم دائما أسباب للقتل تبدو وجيهة، خصوصاً أولئك الذين يقتلون نيابة عن الله.

أعلم أن كثيرا من الذين سيروننى وأنا أجرى سيشيحون بنظرهم عنى وسيصبون علىّ اللعنات لأننى أُبَشِّر على مصر لأن «إحنا مش كده»، وللأسف سيضطروننى لأن أبذل مزيداً من الجهد فى الأرشيف لكى أعلق إلى جوار الصور قصاصات ورقية من صحف لبنان كانت تتحدث قبل اندلاع الحرب الطائفية عن «لبنان بلد التعايش بين الطوائف وجنة الله فى الكون»، سأفعل لعلّى أذكّرهم بأن نيل الأمانى ليس بالتمنى، وأن النجاة من السقوط فى الهاوية تكون ببساطة باتخاذ طريق آخر غير الطريق المتجه إليها «دايركت»، لن ننجو من الهاوية ونحن نجرى نحوها بكل إصرار يُغَذيه يقينٌ غبىّ بأن الله سيلطف بنا، لأنه كما نعتقد زوراً، يضعنا فى منزلة أخرى دوناً عن كل عبيده الذين اختصهم بسننه وقوانينه.

أعلم أيضاً أن كثيراً من الذين سيروننى وأنا أجرى فى الشوارع بصورى وقصاصاتى، سيستوقفوننى لكى يقولوا لى «أصلك مش فاهم.. الغلطة بدأت إمتى.. طب إنت عاجبك كده.. طب يرضيك اللى قاله فلان.. طب يصح إننا نسكت على علان»، وللأسف لا أدرى إذا كنت سأجد من يساعدنى على إيجاد تسجيلات صوتية ومرئية يتحدث فيها فرقاء الفتنة فى لبنان قبل اندلاعها، لنكتشف أن كل فريق كانت لديه وجهة نظر تبدو له صائبة ومنطقية وواقعية وتستحق الدفاع عنها حتى الموت، والشهادة لله أن الجميع لم يقصروا أبداً فى ذلك، فحتى عندما عاد لبنان إلى الحياة بعد سنوات من الموت، لايزال فرقاء الفتنة مصممون على بقائه فى حالة موت إكلينيكى أبدى، ولايزال الجميع يعتقدون أنهم على حق، فهل نفيق قبل الأوان وندرك أن الحق متعدد، أما الخراب فليس له سوى طريق واحد يُشترط على كل من يسير فيه أن يعتقد أنه على حق؟!

قبل اندلاع الحرب الأهلية فى لبنان مباشرة ظهر على الساحة الإعلامية تعبير «اليد الثالثة» للإشارة إلى حوادث غامضة كانت سبباً فى تأجيج نيران الفتنة، وعندما وقعت حوادث فتنة طائفية غامضة الملابسات فى ثمانينيات القرن الماضى، استخدم أكثر من كاتب ذلك التعبير اللبنانى فى محاولة للفت الأنظار إلى خطورة ما يحدث، لعل الدولة تنتبه وتفيق من غفلتها.

والآن وبعد كل ما جرى فى «مجارى» الفتنة الطائفية لسنين طويلة قد يبدو لك أنه من العبث أن نشير إلى «يد ثالثة»، فأيدينا كمسلمين ومسيحيين تقوم بالواجب وزيادة من أجل تخريب الوطن. ومع ذلك سأظل مؤمنا بنظرية المؤامرة، ليس عن هوس عقلى أو خلل نفسى، بل عن إدراك ويقين تسنده المعلومات والوثائق بأن عدونا الإسرائيلى سيكون مختلاً عقلياً لو توقف عن التآمر ضدنا، وهو ليس كذلك أبداً، فهو عدو عاقل يدرك أن قوته لن تستمر إلا إذا ظللنا ضعفاء وغارقين فى التطرف والفتنة والتعصب، يعرف ذلك جيداً لأنه هو ذاته يعانى داخلياً من الهوس الدينى والتطرف العقائدى والتوترات الإثنية، لكنه استطاع أن يخفف من آثار ذلك على مصيره ومستقبله بالديمقراطية الحقيقية لا الشكلية والتقدم العلمى والتكنولوجيا، والاثنان كفلا له البقاء رغم كونه كياناً استيطانياً غاصباً يفتقر إلى الشرعية اللازمة لإبقاء دولة على قيد الحياة،

بينما نحن بكل تاريخنا وحضارتنا وتراثنا مهددون بالفناء فقط فى اعتقادى لأننا شغّلنا الديمقراطية فى خدمة بيوت الاستبداد، ووظّفنا العلم بعقد عمل دائم لدى الجهلة. لكن ولكى لا يصبح كلامنا عَمّالا على بَطّال، دعونا فى الغد بإذن الله نتحدث بالوثائق عن دور اليد الثالثة فى ملف الفتنة الطائفية فى بلادنا، هذا إذا عشنا وكان لنا نشر.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء ديسمبر 14, 2010 8:00 am

النصر الذى هزمناه

بقلم بلال فضل ١٣/ ١٢/ ٢٠١٠

٢- حتى لو لم تكن مؤمنا بنظرية المؤامرة، ستجد أن الإيمان بها مريح جدا، فما أسهل أن ترمى على عدوك مسؤولية أشياء لا تفهم لماذا تحدث، ولا لماذا ينساق وراءها الناس من حولك بكل هذه السذاجة، لكن من قال لك يا عزيزى إن المؤامرة لا تلعب على مواجع جاهزة وتقوم بتقليبها وتوظيفها وتصعيدها وتضخيمها؟.

من قال لك إننى أقول لك كل ما أقوله لكى أدعوك لأن نكتفى بلعن إسرائيل، ونتوقف عن لعن أنفسنا، الحقيقة أننى أتمنى أن نلعن أنفسنا فى الفترات التى نرتاح فيها من لعن إسرائيل، لأننا أصبحنا نحقق لإسرائيل ما ترغب فيه دون حتى أن تقوم أجهزة مخابراتها بتقديم طلب إلى وزارة ماليتها لرفع مخصصات إثارة الفتنة فى مصر التى تعلم إسرائيل أنها ستظل عدوها الأول والأخطر دائما وأبدا،

هكذا تؤمن إسرائيل، فهى تعتقد أنها ستحيا إلى الأبد، وتخطط من أجل ذلك، وتعمل فى كل لحظة من أجل حياة أبدية لها، لأنها تدرك أن الأمم التى انقرضت هى التى ظنت أن بقاءها على قيد الحياة أمر مفروغ منه ولا يستحق العمل والكفاح والتغيير.

لن أكل ولن أمل أبدا من دعوة كل من أعرف إلى قراءة كتاب مهم ومظلوم للكاتب الكبير محمود عوض، رحمه الله، اسمه (وعليكم السلام.. مصر وإسرائيل والعرب الجذور والمستقبل) صدر سنة ١٩٨٦ عن دار المستقبل العربى، وللأسف لم تتم إعادة طبعه، برغم أنه لم يكن كتاباً إنشائياً أو خطابياً، بل كان قراءة تحليلية فى كل ما وقع تحت يدى مؤلفه فى ذلك الوقت من وثائق ومؤلفات أمريكية لأناس كانوا شركاء فى صنع القرار فى المنطقة فى تلك المرحلة وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكى وصديق إسرائيل الأول هنرى كيسنجر.

عندما تقرأ هذا الكتاب اليوم وبعد أكثر من ربع قرن على نشره، ستجد أن ما حدده من ملامح مستقبلية للسياسة الإسرائيلية فى المنطقة هو الذى فعلته إسرائيل بالمللى ولازالت تفعله حتى هذه اللحظة، لا يتسع المقام للتذكير بهذه الملامح، لكننى أعتقد على حد قراءاتى المتواضعة أن الكتاب كان رائدا فى رصد وتحليل دور إسرائيل فى ملف الفتنة الطائفية أو ما سماه اللعب بورقة الأقليات فى أكثر من دولة عربية من الجزائر إلى لبنان إلى مصر، مع تحفظى على وصف المسيحيين المصريين بالأقليات لأسباب مبدئية لا علاقة لها بدقة التوصيف العلمى.

يحدد محمود عوض، رحمه الله، عام ١٩٧٢ بوصفه تاريخ البدء لاستخدام إسرائيل لسلاح الفتنة الطائفية فى ضرب المصريين، «ففى الوقت الذى كانت مصر تشهد مظاهرات طلابية تضغط من أجل شن الحرب التى طال الاستعداد لها لتحرير سيناء، فجأة وخلال وقت وجيز عقب المظاهرات استقبلت صناديق البريد المنزلية لعدد معروف من الشخصيات العامة منشورات تطالب لأول مرة بحقوق سياسية للأقلية القبطية فى مصر التى تتعرض لاضطهاد من الأغلبية المسلمة».

كان كل ما تتحدث عنه المنشورات أمرا حقيقيا وواقعيا ومشروعا، لكن توقيت وطريقة ظهورها كان أمرا مثيرا للاهتمام، وطبقا لما يقوله محمود عوض فإن الأجهزة المعنية فى مصر «لاحظت أن المنشورات مطبوعة بحروف وعلى ورق ليس من الأنواع التى تستخدم فى مصر أو تنشر فى مطابعها، وبالاستمرار فى البحث تبين أنها مطبوعة فى إسرائيل، وقد سربها إلى مصر عملاء لجهاز الموساد، وهو الأمر الذى سجلته لجنة تقصى الحقائق التى شكلها مجلس الشعب فى حينها.

ولأن الأمر لم يعالج بحسم وحزم فى تلك المرة، ولأنه لم تتم التوعية بدرجة كافية بدور المخابرات الإسرائيلية، فإن هذه الفتنة الطائفية سرعان ما عادت تتكرر بعدها بفترة وجيزة، خاصة بعد أن أصبحت الرغبة فى تمزيق مصر من الداخل أكثر إلحاحا».

وقبل أن يقفز أحد ليستنتج أننى أعتبر أى حديث عن مطالب سياسية للأقباط أو شكوى من التمييز الذى يتعرضون له سياسيا وإعلاميا، أمر بالضرورة مدفوع الأجر من الموساد، أؤكد ثانية أن أهم خطوة فى أى منهج تآمرى تقوم به أجهزة تدار بأسلوب علمى، هو أن يستند إلى مشاكل واقعية وحجج منطقية قابلة لحشد أنصار لها، ولعلى هنا أختلف مع أستاذنا محمود عوض، رحمه الله، كما فعلت فى حياته، بأن أؤكد أن مواجهة الأمر لم يكن ينبغى فقط أن تتم بالحسم والتوعية بدور إسرائيل، بقدر ما كان ينبغى أن تتم بالتأكيد على مدنية الدولة المصرية وضمان الحقوق المتساوية لكل المصريين بغض النظر عن ديانتهم ومحاربة كل الأفكار المتطرفة التى ظلت دائما كامنة فى البنيان المصرى منذ مئات السنين، ولم تتح الفرصة ولا لمرة فى مواجهتها بشكل جذرى من خلال مناهج التعليم ووسائل الإعلام بعيدا عن الطبطبة وتبويس اللحى، وكل ذلك لم يحدث للأسف، بل حدث العكس تماما كما تعلم.

لذلك إذا كانت إسرائيل قد ساهمت يومها فى طبع الأوراق التى تحمل مطالب المسيحيين فى مطابعها، فقد نجحنا بغبائنا السياسى وتخلفنا الفكرى فى تكريس تلك الأوراق فى واقعنا لتصبح أسسا لفتنة دائمة اليقظة، بدلا من أن نستغل روح الانصهار الوطنى التى تجلت فى حرب أكتوبر بين المسلمين والمسيحيين التى كانت يمكن أن تشكل نقطة انطلاق لتطهير الجيوب الطائفية إلى الأبد، وأرجو منك الرجوع مثلا إلى العدد التذكارى المتميز الذى أصدرته قبل شهرين مجلة الإذاعة والتليفزيون عن حرب أكتوبر المجيدة، وضم صفحات مشرقة ومذهلة حول تفاصيل العلاقة بين المسلمين والمسيحيين فى حرب أكتوبر،

ولو كان لهذه الدولة عقل لما قامت فقط بتحويل هذه القصص إلى أعمال درامية وفنية، بل لأدمجتها بشكل مشوق وإبداعى ضمن مناهج التعليم، للأسف سيتمزق قلبك وأنت تقرأ تلك الوقائع المجيدة ثم تتذكر كيف قمنا بأنفسنا ودون أى تدخل خارجى بهزيمة ذلك النصر بمجموعة من السياسات الحمقاء جعلت الكنيسة تتحول شيئا فشيئا إلى ممثل سياسى للمسيحيين الذين انعزلوا عن المجتمع أكثر وأكثر، وجعلت الدين يتحول إلى وسيلة يبرر بها الحاكم كل قراراته الخاطئة والمتخبطة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وها نحن بعد عشرات السنين من رفعنا لشعار دولة العلم والإيمان، أصبحنا دولة لا فيها علم ولا فيها إيمان من ذلك الذى يقر فى القلب ويصدقه عمل يجعل الناس يغيرون واقعهم ويصنعون لأنفسهم مستقبلا أفضل.

لكن ذلك كله للأمانة لم يكن خطأ فرد وحيد، حتى لو سلمنا بكل ما للحاكم الفرد فى مصر من دور مركزى وخطير، بقدر ما كان خطأ أمة بأكملها، أمة لا تقرأ ولا تعقل ولا تعرف عدوها، أو بمعنى أصح لا تعرف من هو عدوها، ولا تتعلم من هذا العدو وتقدمه وديمقراطيته، ولا تخطط لمستقبلها مثلما يخطط هذا العدو لمستقبله، ولو كانت تفعل كل ذلك لعرفت أن ما يحصل فى المنطقة من لعب بسلاح الفتنة الطائفية الفتاك كانت إسرائيل تخطط له وبدقة منذ مطلع عام ١٩٥٤، وغدا أعرض لك ذلك بالوثائق إذا عشنا وكان لنا نشر.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء ديسمبر 14, 2010 8:00 am

من ديفيد إلى ديختر

بقلم بلال فضل ١٤/ ١٢/ ٢٠١٠

٣- مشكلة كثير من أبناء وطننا الذين يلعبون بالنار فى ميدان الفتنة الطائفية أنهم يعتقدون أن نهاية ما يقومون به محسومة لا محالة، وأن الطرف الآخر سواء كان مسلما أو مسيحيا سيتراجع حتماً ولزماً فى وقت ما، لأن طبيعة الأمور فى مصر أن يتراجع الكل فى توقيت ما، لتستمر الحياة على طريقة (ومازال النيل يجرى)، دون أن يتذكر الجميع أنه لا توجد فى هذه الدنيا حقيقة خالدة أبدية سوى الموت، وأن كل شىء قابل للتغير والتبدل بما فى ذلك النيل الذى لم نتعلم شيئا حتى الآن من تلك الحقيقة المفزعة الطازجة وهى أنه حتى النيل يمكن ألا يجرى إلى الأبد، إذا لم نجتهد من أجل أن يستمر جريانه وتدفقه.

دائما عندما يتحدث هؤلاء عن سيناريو الفتنة الطائفية الذى شهدته دول مثل لبنان والعراق، ستجد ردودا جاهزة كلها من نفس قطعية (ومازال النيل يجرى)، ستجد من يحدثك عن فكرة الأقلية العددية، أو عن فكرة الشخصية المصرية المسالمة، وما إلى ذلك من الأفكار التى تتخذ دائما ذريعة لإغلاق أى نقاش جاد يمكن أن يثير القلق حول المحاولات المستمرة لتفتيت المجتمع المصرى. ولهؤلاء جميعا سأسأل: ما رأيكم فى الفقرة التالية التى سأضعها بين أيديكم الآن: «من الواضح أن لبنان هى أضعف حلقة فى سلسلة الجامعة العربية، لكن مصر هى الأشد تماسكا ورسوخا بين الدول العربية، والأقلية المسيحية لا تمس سلامة الدولة والأمة، وهذا الوضع لا ينطبق على المسيحيين فى لبنان، فإنهم أغلبية، ولهذه الأغلبية تقاليد وحضارة تختلف كلية عن تقاليد وحضارة باقى بلاد الجامعة العربية، وإنشاء دولة مسيحية هنا هو شىء طبيعى له جذور تاريخية، وسيلقى تأييد قوى كبيرة فى العالم المسيحى». هل تبدو هذه الفقرة متسقة تماما مع تفكيركم الذى تطمئنون به أنفسكم بأنه لا يمكن أبداً أن نخشى من تفاقم ملف الفتنة الطائفية فى مصر؟

طيب ما رأيكم أن هذه الفقرة مقتطعة من رسالة أرسلها ديفيد بن جوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، إلى خليفته فى رئاسة الوزراء موشى شاريت بتاريخ ٢٧ فبراير ١٩٥٤، وكان بن جوريون وقتها متقاعداً فى مستعمرة سديه بوكر، لكنه لم يكن منشغلا بلعن سنسفيل من أخرجوه من الحكم دون أن يدرى لماذا دخل ولا لماذا خرج، ولم يكن منشغلا بمحاولة إقناع من حوله أن إسرائيل لن تشوف خيراً من بعده، بل كان منشغلاً برسم تصورات لمستقبل إسرائيل فى الخمسين عاما القادمة، وكان خليفته بدوره مهتما بمناقشة هذه التصورات وتأملها والبحث فى كيفية وضعها فى اعتبار جميع صناع القرار فى إسرائيل.

ورغم أن موشى شاريت وعدداً من السياسيين الإسرائيليين على رأسهم إلياهو ساسون وجهوا رسائل إلى بن جوريون يعترضون فيها على تصوراته بضرورة السعى لإقامة دولة مسيحية فى لبنان بكل ما أوتيت إسرائيل من قوة، فإن ذلك الحلم الذى تخيله بن جوريون لم يمت أبداً بل وجد بمرور السنين - كما يرصد الأستاذ محمود عوض - من يواصل اعتناقه والسعى له، بدأ ذلك على يد إسحاق رابين فى سنة ١٩٧٥، ثم استمر على يد مناحم بيجن فى سنة ١٩٧٧، واعتبره إسحاق شامير فى ١٩٨٣ ضرورة حيوية، ثم أصبح مع الوقت ثابتا فى السياسة الإسرائيلية يتوارثه جميع الزعماء على اختلاف توجهاتهم.

هذا عن لبنان، لكن ماذا عن مصر؟ وإذا كان بن جوريون قد أدرك فى ذلك الوقت المبكر جداً من عمر إسرائيل الوليدة أن اللعب بالورقة الطائفية فى مصر أمر يكاد يصل إلى درجة المستحيل، فهل يعنى ذلك أن إسرائيل استسلمت لهذه الحقيقة وركنت لها؟. بالعكس تماما، لقد قضت إسرائيل سنوات طويلة تحاول بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات التغلب على هذه الحقيقة التى رصدها بن جوريون، وفى خلال أقل من ثلاثين سنة كانت ملامح الاستراتيجية الإسرائيلية قد تغيرت تماما، ففى وثيقة إسرائيلية خطيرة نشرت فى فبراير ١٩٨٢ وينقلها الأستاذ محمود عوض، رحمه الله، فى كتابه المهم المظلوم، وعنوانها (استراتيجية إسرائيل فى الثمانينات) نقرأ بصراحة ووضوح ما يلى: «إن مصر إذا ما قُسمت فإن بلادا مثل ليبيا والسودان وحتى الدول الأكثر بعداً، لن تستمر فى البقاء بصورتها الحالية، وسوف تلحق بسقوط وتفسّخ مصر.

إن وجود دولة قبطية مسيحية فى صعيد مصر إلى جانب عدد من الدويلات الضعيفة ذات السلطة المحلية جدا وبلا حكومة مركزية، ما هو قائم حتى الآن، هو المفتاح لتطور تاريخى، يبدو فقط حتميا على المدى البعيد».

سأترك لك التعليق بعد أن تلتقط أنفاسك قليلا، فى حين سيضطرنى ضيق المساحة إلى أن أقفز زمنيا إلى وثيقة إسرائيلية خطيرة عبارة عن محاضرة ألقاها آفى ديختر، وزير الأمن الداخلى الإسرائيلى، أمام معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى بتاريخ ٤ سبتمبر ٢٠٠٨، عن تقدير الكيان الصهيونى للوضع فى المنطقة خلال الفترة المقبلة، ولست أنا أول من أشير إليها، بل سبقنى الكثيرون، وعلى رأسهم الكاتب الكبير الأستاذ فهمى هويدى فى أكثر من مقال له بجريدة الشروق، ورغم أنه لا توجد صحيفة فى مصر أيا كانت يمكن أن توفر سقفا واسعا من الحرية يسمح بنشر تلك الوثيقة كاملة، إلا أن العثور على نصها ليس مستحيلا على شبكة الإنترنت، وأستطيع أن أقول إنه رغم ما يبدو فى تلك الوثيقة من حرص على استقرار الوضع السياسى فى مصر بتركيبته الحالية وضرورة إنجاح مشروع التوريث وتمتين العلاقة مع طبقة رجال الأعمال الحالية، إلا أن أخطر ما فى الوثيقة هو تأكيد آفى ديختر بالنص على أن «قاعدة (مصر خرجت ولن تعود إلى المواجهة مع إسرائيل) هى الحاكمة لموقفنا تجاه مصر وهو موقف يحظى بالدعم القوى والعملى من جانب الولايات المتحدة»، ولا أظن أن وضع هذه العبارة فى سياق كل ما سبق التخطيط له بدءا من الخمسينات يمكن أن يجعل عاقلا يغفل عن أن أبرز ضمان لتحقيق هذه القاعدة هو الاستمرار فى إضعاف مصر اجتماعيا وثقافيا وفكريا ليتم بسبب كل ذلك الاستمرار فى تفتيتها طائفيا، ويتم ضمان دوام ذلك الإضعاف والتفتيت بعدم السماح بأى تجربة ديمقراطية حقيقية يمكن أن تحدث تغييرا جذريا فى مصر لتتبوأ بعد سنوات مكانها الطبيعى فى المنطقة، لأن إسرائيل تعلم أن ذلك إذا حدث، فإن المواجهة مع مصر ستكون حتمية، ولن تكون فى صالح إسرائيل أبدا.

السؤال المهم، الآن وهنا: هل يدور كل هذا الكلام فى ذهن كل من تراهم حاضرين فى الملف الطائفى فى مصر من مسلمين ومسيحيين، سواء كانوا رعاة أو رعايا أو رعاعا؟ والله العظيم ليس عندى شك فى حسن نيتهم جميعا، ليس عندى شك فى أنهم جميعا يعتقدون أنهم يدافعون عن مبادئ عظيمة لا مجال للتنازل عنها، وأنهم مستعدون لأن يموتوا من أجلها لكى يدخلوا الجنة بغير حساب، لكن عندى شكا عظيما فى أن أحدا منهم يفكر جادا فى أن ما يفعله يمكن أن يصب فى مصلحة العدو الحقيقى لمصر، يفكر فى أنه يمكن أن يبنى كنيسة ليهدم وطنا، وأن ما يفعله يمكن أن يعيد سيدة إلى الإسلام لكنه يمكن أن يكون خطوة نحو خروج شعب بأكمله من التاريخ.

ختاما، مهما تآمرت إسرائيل وخططت وتصورت أنها قادرة على صنع المستقبل، فإن كل تآمرها يمكن أن يسقط أمام إرادة وطنية تدرك أنه لا خلاص للمصريين إلا بدولة مدنية يتساوى فيها الجميع أيا كانت دياناتهم ومعتقداتهم أمام القانون، دولة تدرك أن التدين الحقيقى جوهره العدل والحرية والعقل، وما عدا ذلك فكله أمور يحاسب عليها الله عبيده، لكن المشكلة أن كل ذلك لن يأتى إلا بالديمقراطية الحقيقية القائمة على تداول السلطة، والتى لم يخترع الإنسان حتى الآن نظاما أفضل منها لجعل حياته أقل سوءا.

هذا أو الطوفان.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأحد ديسمبر 19, 2010 2:45 pm

رسالة فى جدعنة الكلاب

بقلم بلال فضل ١٩/ ١٢/ ٢٠١٠

أحياناً عندما أسمع أحداً يحذر أبناء الوطن من أولئك الذين يريدون أن يعيدونا إلى الماضى، أقول متحسراً: يا ليتنا يا قوم نعود إلى الماضى أو إلى بعض منه على الأقل، فقد كان فى الماضى أشياء كثيرة عاشها أجدادنا واستمتعوا بها، بينما هى فى أيامنا هذه باتت تدخل تحت بند الحرام أو بند العيب وأحيانا فى بند المستحيل. قد تفهم من كلامى أننا فارقنا الماضى وتقدمنا بحمد الله، أنا آسف كنت أتمنى أن أزف إليك بشرى كهذه، ستقول لى: طيب طالما أننا لا نتقدم فنحن بحكم القوانين الطبيعية إما نتأخر أو فى أحسن الأحوال مستقرون فى أماكننا، للأسف لسنا مستقرين فى أماكننا وإلا لما كنت تشم الآن هذا الغبار الناتج عن الحفر المنتظم، فى الوقت نفسه أعتقد أنه لا يمكن لأى جهاز يرصد حركة أجسام الشعوب أن يثبت أننا نتقدم ولو حتى إلى الأسفل، بالعكس ستثبت جميع مؤشراته أننا نعود، ولكننا بالتأكيد لا نعود إلى الماضى، بل نعود إلى وجهة غير معلومة أتمنى أن يكون تحديدها المهمة العلمية القادمة للعالم الجليل الدكتور أحمد زويل وفريقه البحثى، وأنا أضمن له «برقبتى» وسلسلة ظهرى أنه سيحصل على جائزة نوبل ثانية، لأنه لن يكتشف هذه المرة وحدة جديدة لقياس الزمن، بل سيكتشف زمنا جديداً غير جميع الأزمان المتعارف عليها فى حصص اللغة العربية والإنجليزية وسائر اللغات الرسمية والمحكية.

أنت تعلم أننى تقدمى بالسليقة، وأكره كل ما يمت لكلمتى «الزمن الجميل» بصلة، لدرجة أننى ضيعت وقتا لا بأس به من زمنى الجميل فى محاولة فضح تلك الأكذوبة بالوثائق والمستندات، لكننى أثق أنك ذكى ولا أظنك تحتاجنى أن أعدد لك الأشياء التى نتمنى لو ظلت لدينا كما كانت فى الماضى، لأننى لو فعلت ستبدأ فى «التعديد» واللطم قبل أن أنتهى من تعدادها.

سأكتفى اليوم بأن أذكرك بأننا عشنا زمنا كنا نعرف فيه قيمة الكلاب، فلا يغضب أحدنا إذا تم وصف من يرتكب أحط الأفعال بأنه كلب، لن يجد أحداً يتهمه بأنه أهان الإنسان الذى كرَّمه الله، وقبل أن تتهمنى بالتجديف أو بأننى أهرف بما لا أعرف، دعنى أذكرك بأنه فى الماضى، وبالتحديد فى سنة ثلاثمائة وإحدى وثمانين هجرية، كان مسموحا لعالم جليل، مثل أبى بكر محمد بن خلف، أن يكتب رسالة علمية عنوانها «فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب»، وإذا بحثت عنه فى مواقع كتب التراث على شبكة الإنترنت ستجده يبدأ كتابه قائلاً: «ذكرت أعزك الله زماننا هذا وفساد مودة أهله وخسة أخلاقهم ولؤم طباعهم، وأن أبعد الناس سفرا من كان سفره فى طلب أخ صالح.. وقد يروى عن أبى ذر الغفارى أنه قال: «كان الناس ورقا لا شوك فيه فصاروا شوكا لا ورق فيه».. قال لبيد: «ذهب الذين يُعاش فى أكنافهم.. وبقيت فى خلف كجلد الأجرب».

ثم بعد أن يأخذ مولانا ابن خلف فى تعداد أشهر أقوال ذم الزمان التى وردت من أناس عاشوا فى أزمان الصحابة والتابعين والخلافات الزاهرة، يدخل فى لُبّ موضوع كتابه قائلا «واعلم أعزك الله أن الكلب لمن يقتنيه أشفق من الوالد على ولده والأخ الشقيق على أخيه وذلك أنه يحرس ربه ويحمى حريمه شاهدا وغائباً ونائماً ويقظانا لا يقصر عن ذلك وإن جفوه ولا يخذلهم وإن خذلوه». ثم يروى عن سيدنا النبى عليه الصلاة والسلام أنه رأى رجلا قتله كلب بعد أن حاول سرقة نعجة من قطيع كان يحرسه الكلب فقال صلى الله عليه وسلم «أيعجز أحدكم أن يحفظ أخاه المسلم فى نفسه وأهله كحفظ هذا الكلب ماشية أربابه».

ويُروى أن الأحنف بن قيس قال إذا بصبص الكلب لك فثق بود منه ولا تثق ببصابص الناس فرب مبصبص خوان، وقال الشعبى: خير خصلة فى الكلب أنه لا ينافق فى محبته، وقال ابن عباس رضى الله عنهما: كلب أمين خير من إنسان خؤون. ورُوى عن بعضهم: الناس فى هذا الزمان خنازير فإذا رأيتم كلبا فتمسكوا به فإنه خير من أناس هذا الزمان. وأنشد أبو العباس الأزدى: لَكَلبُ النّاسِ إن فَكّرت فيهم.. أضَرُّ عليك من كلبِ الكلاب. وقال آخر: إن قوماً رأوك شبهاً لكلبٍ.. لا رأوا للظلام صُبحا مُضيّا.. أنت لا تحفظ الزمام لِخَلقِ.. وهو يرعى الزمام رَعياً وفيا.. يشكر النّزر من كريمِ فِعالٍ.. آخرَ الدهر لا تراه نَسِيّا.. وتناديه من مكان بعيد.. فيوافيك طائعا مُستحيّا.. إن سؤالى وبغيتى ومنايا.. أن أراك الغداة كلبا سويا.

وختاما يروى ابن خلف أن الأعمش كان له كلب يتبعه فى الطريق ليحرسه إذا مشى حتى يرجع إلى بيته وما ذاك إلا لأنه رأى صبيانا يضربون الكلب ففرق بينهم وبينه، فعرف له الكلب معروفه وظل له ذاكرا، ثم يتبع الحكاية بقوله «ولو عاش، أيّدك الله، الأعمش إلى عصرنا ووقتنا هذا حتى يرى أهل زماننا هذا لازداد فى كلبه رغبة وله محبة». وأقول لمولانا ابن خلف: لو عشت أنت والأعمش إلى عصرنا هذا لازددتما محبة لكل الكلاب، ولما احتجت إلى كتابة رسالة تثبت فيها أن الكلاب أجدع وأرجل وأكثر إنسانية وشرفا من كثير من لابسى الثياب. وهو المطلوب إثباته بالتفصيل.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 4:32 am

إلى من يهمه الهزل

بقلم بلال فضل ٢٠/ ١٢/ ٢٠١٠

لا أغضب عندما أجد من يسألنى شفاهة أو كتابة: عندما كتبت كذا أو كذا هل كنت جادا أم كنت تسخر؟، فقد رأيت أساتذة لى أشد منى فصاحة وأبرع منى حرفة وهم يصادفون من يسألهم ذلك السؤال، كما أننى لا أمتلك فصاحتهم ولا براعتهم، فأنا لا أمتلك ما كانوا يمتلكونه من جرأة فى الرد على سؤال مثل هذا، ولذلك أكتفى بالرد بجملة واحدة «حضرتك شايف إيه؟»، وعادة يكون رد من أقول له ذلك «حضرتك بتهزر دلوقتى؟»، وعندها أزداد غتاتة وأقول له «حضرتك شايف إيه؟»، وعادة يتركنى السائل ويمشى وهو يغمغم بألفاظ لا أجزم أنها غير لائقة، لكن أجزم أنها تنم عن الغضب.

فى مواقف كهذه من السهل أن تتهم الكاتب لأنه لم يوضح قصده للقارئ، لكن أنا شخصيا أتهم مناهج التعليم لأنها على مدى عقود عديدة فعلت الفاحشة فى قدرة الناس على التذوق، لذلك أصبحنا يوما بعد يوم نعانى تصحر الخيال فى شعب هو الذى ابتكر الخيال، وبعد أن كانت خفة الظل أمرا يرفع من قيمة الإنسان لدينا، صارت الجهامة بيننا دليلا على الأهمية، والنطاعة دليلا على علو المكانة، وصار مما يرفع ذكر الإنسان بين قومه وصفك له بأن «قلبه ميت»، وأصبح مألوفا أن نطلق على من تستحيل قراءة مقالاتهم من فرط غتاتتها لقب «مفكر»، مع أن أهم مفكرى العالم اكتسبوا مكانتهم من براعتهم فى توصيل أفكارهم للناس.

هل أنا الآن جاد أم أسخر؟ لن أغضب عندما تسألنى الآن سؤالا كهذا، لان إجابتى على سؤالك تتوقف على مفهومك الشخصى للجد والهزل، وهو أمر ليس بالهين لو علمت، يكفى أن الكاتب العربى العظيم الجاحظ كتب فى رسائله رسالة بديعة عن «الهزل والجد»، أتمنى أن تسنح الفرصة والمساحة لكى نتصفح بعض أوراقها سوية. ذات يوم غير بعيد ذهبت بذلك المجلد الذى يحتوى رسالة عمنا الجاحظ إلى تحقيق أمام النيابة بعد مقال كتبته عن أحد كبار الساسة، لكننى فى آخر لحظة تراجعت عن فكرة تقديم الكتاب إلى المحقق، لأننى اكتشفت وأنا «أفرّ» المجلد فى انتظار بدء التحقيق أننى كتبت على هوامشه ما يعاقب عليه القانون فعلا وقطعا وفورا، فاكتفيت بأن أقدم للمحقق كتابا لأستاذ الصحافة الجليل الدكتور عبداللطيف حمزة عن فن الهجاء والسخرية، بالإضافة إلى مجموعة من كتب عمى وأستاذى محمود السعدنى لأنه كان يومها يعانى مرضا يمنعه من حضور التحقيق لو دُعى إليه، ربما لذلك لم أقدم للمحقق مجموعة من كتب أستاذنا أحمد رجب لكى لا يتم استدعاؤه إلى التحقيق فأخسر صداقتى به. يومها استبد بى الحماس وأنا أرد على أسئلة النيابة، وفى معرض الإجابة على أحد الأسئلة التى تبدأ عادة بجملة «وماذا كنت تقصد بقولك..»،

قلت إننى أتمنى أن يقوم أحد أساتذة الصحافة فى كليات وأقسام الإعلام التى نمت وترعرعت فى طول البلاد وعرضها بعمل دراسة علمية عن فن الكتابة الساخرة وأدواته وتطبيقاته وتاريخه سواء فى مصر التى تملك تاريخا حافلا فيه أو فى دول العالم التى منحت لهذا النوع من الكتابة حصانة خاصة جعلته يزدهر فى أمان ليصبح واحدا من أبرز فنون الكتابة التى تدرك الدول المتقدمة أهميتها وضرورتها للتقدم، توقفت عن شرح فكرتى بعد أن وجدت الكاتب ينظر إلى رئيس النيابة نظرة استغراب وتساؤل معناها «أكتب الكلام ده ولا إيه سيادتك»، فنظر رئيس النيابة إليه نظرة ذات مغزى، ثم قال لى بحسم «الكلام ده مالوش دعوة بنص التحقيق.. بس ممكن تكتبه فى مقال تشرح فيه فكرتك لأساتذة الإعلام. سين: ماذا كنت تقصد بقولك..».

مرت سنون على تلك الواقعة، ومع ذلك لم أكتب تلك الفكرة فى مقال أوجهه لأساتذة الإعلام، ربما لأن الشيطان وسوس لى بأن أطمع فيها لنفسى، وكلما جاءتنى قضية تأخذنى إلى محكمة أو بلاغ يستحضرنى إلى نيابة، كنت أقول لنفسى: ألم يكن مفيدا لو كانت دراسة علمية عن الكتابة الساخرة موجودة معى فى التحقيق أو أمام المحكمة؟، لذلك قررت أخيرا أن أعمل بنصيحة السيد رئيس النيابة، وها أنا ذا أكتب الفكرة على أمل أن يعجب بها أحد باحثى كليات الإعلام البارعين ويشرع فى تحويلها إلى دراسة علمية، وكل ما أطمعه أن يهدينى تلك الدراسة بعد انتهائه منها، لا أقصد أن يكتب إهداء لى فى مقدمة دراسته، بل أطمع فقط أن يهدينى أكثر من نسخة منها لزوم النيابات والمحاكم والإجابة على سؤال «إنت بتتكلم جد ولا بتهزر؟».
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء ديسمبر 22, 2010 3:25 am

ماتغيرش علينا حال

بقلم بلال فضل ٢١/ ١٢/ ٢٠١٠

لى صديق أهبل يعيش أسود أيامه منذ أن قرأ فى الصحف خبرا عن انتخاب جدو الدكتور فتحى سرور رئيسا لمجلس الشعب لدورة جديدة لا يعلم عددها إلا الله والراسخون فى الحكم، ثم ازدادت أيامه سواداً عندما قرأ خبرا ينفى فيه مصدر حكومى رفيع بشدة ما نشرته صحيفة قومية عن تعديلات وزارية مرتقبة، ولولا أن قلب المصدر كان كبيراً لكان قد دعا إلى تطبيق حد الحرابة على تلك الصحيفة المرجفة فى الأرض التى تطلق مثل هذه التشنيعات عن التغيير، وتقول إننا بلد لا سمح الله يمكن أن يتغير فيه أحد.

صديقى الأهبل مصاب بصدمة عصبية منذ أن قرأ تلك الأخبار، لأنه أجاركم الله يتمتع بعبط سلجوقى يجعله يصاب بنوبات تفاؤل بالتغيير الشامل مع كل فترة رئاسية أو انتخابات برلمانية، وهى النوبات التى تنتهى كالعادة بإخفاق ذريع مما أدى بعد تكرارها إلى إصابته بالتهابات حادة فى الإرادة وشرخ فى فتحة اليأس بالإضافة إلى مشاكل حادة فى الفراش بسبب طول السهاد والتقلب على الجنبين محاولا البحث عن أسباب مقنعة لتمسك الرئيس مبارك كل هذه السنييييييين بنجوم مسرح اللامعقول الذى يحكمنا، بالطبع لم يجد صديقى أسبابا مقنعة ربما لأن سيادة الرئيس لا يمتلك مثل هذه الأسباب المقنعة أساسا، فأغلب الظن أن سيادته يرتاح لوجود هذه الأسماء لأن وشها حلو عليه، ففى ظلها وصل إلى مقعد نائب الرئيس وفى ظلها وصل إلى مقعد الرئيس وفى ظلها أيضا ربما يصل ابنه إلى مقعد الرئيس، لماذا إذن يقوم سيادته بتغيير أناس لم ير منهم حاجة وحشة أبدا.

إذا كان بينكم من يعترض على تفسير كهذا، دعونى أقل له إنه لن يتفهم منطقا كهذا إلا إذا كان صاحب عمل ولم يكن عاطلا والعياذ بالله كالقلة المنحرفة من شباب مصر، وإذا كان كذلك فدعونى أسأله ببساطة: بالله عليك يا شيخ متى كانت آخر مرة غيرت فيها أيا من معاونيك الذين ترتاح إليهم، مثل ساعى المكتب الذى تتفاءل به والذى ربما تكون قد ورثته عن المرحوم باباك؟، هل غيرت مثلا سائقك الذى ترتاح إليه لأنه يطاوعك فى الفاضية والمليانة، هل غيرت يوما ما الشغالة التى تصون بيتك وتراعى طلباته ولا تثير غيرة زوجتك وترضى بأقل القليل من المال؟. بالتأكيد لم تفعل ولا ألومك على ذلك أبدا، فمن حقك أن تأنس إلى من كانت وجوههم حلوة عليك، وتشعر بالغربة والحيرة والضياع لو فارقك أحدهم أو رحل إلى جوار ربه. طيب إذن لماذا تفترض أن هناك حاكما فى العالم الثالث يمكن أن يغير الناس اللى بقالهم معاه سنين واكلين شاربين حاكمين حابسين وممددين وربنا يديهم الصحة وطولة العمر ونشوفهم كده مورثين بإذن الله.

طيب ماذا إذا كنت لا تمتلك شغلة ولا مشغلة، وكنت من الذين لا يلقون اللضا، أو من الذين لقوه وسرقه أحد منهم، إذا كنت من هؤلاء فسأقرب لك المعنى بطريقة أخرى: تخيل يا سيدى أنك فجأة وأنت تقرأ ما أكتبه لك الآن، جاءك على حين غرة تليفون من «برايفت نمبر» يخبرك بأنه وقع عليك الاختيار السامى لتكون نائبا لرئيس الجمهورية أو حتى نائبا لرئيس محطة مصر، بذمتك ألن تظل تتفاءل بى طول حياتك وستعتبرنى كاتبك المفضل مدى حياتك وحياة أولادك من بعدك، ألن تفكر فى البحث عن تليفونى بكل حرارة لتخبرنى أن أطلب منك أى خدمة تعن لى لأن وجهى كان حلوا عليك.

طيب لماذا تستكثر نفس هذا المنطق فى التفكير على أى حاكم يحب أن يظل محاطا برجاله طيلة فترة توليه الحكم. هلا نظرت إلى وجوه قادة الدول الغربية فى اجتماعاتهم كيف ترهقها قترة بسبب قيامهم الدائم بتغيير مساعديهم، دقق فى تعاريج ملامحهم وثنايا ابتساماتهم الزائفة ستجدهم يعانون من غربة الروح، فالواحد منهم يمكن أن يبدأ فترته الرئاسية بطاقم مساعدين وينهيها بطاقم رابع أو خامس، صحيح أن ذلك يحقق له ولشعبه إنجازات طائلة بالمفهوم المادى، لكن قل لى بالله عليك ماذا يفيدك كإنسان لو كسبت شعبك وخسرت روحك.

يا سيدى ضع نفسك مكان الرئيس، لاسمح الله يعنى فهذا مجرد افتراض درامى، وتخيل أنك ستصحو ذات يوم لتحكم فلن تجد حولك الدكتور فتحى وهو يزغر للنواب قائلا: «إجماع.. موافقة.. تصفيق»، ولن تسمع كلمة «ميصر» وهى طالعة زى العسل من بوقّ السيد صفوت الشريف بوقّه أوبوقِه.. مافرقتش ـ، ولن ترى نكشة شعر فاروق حسنى المميزة وهو يحكى لك عن آخر سمبوزيوم أقامه، لن ترى الدكتور زكريا عزمى وهو يدهشك بمعارضته الشرسة تحت القبة ثم يعود إليك بعد الجلسة مواليا شرسا، ولن يهزك حنان أم المصريين آمال عثمان التى تتدفق حكمتها كنهر النيل منذ قديم الأزل، ماذا يبقى لك إذن إذا أخذ الزمن منك كل هؤلاء؟، هل ستكون ذاتك؟، هل ستقبل على الحكم بنفس راضية مطمئنة.. بالطبع لا.. ستهتز من داخلك وستشعر بغربة تعطلك عن استكمال مسيرة الإنجاز، وعندها مصر وحدها ستدفع الثمن غاليا وهذا ما لايرضاه أى مصرى مخلص.

لا يا قوم والله لا عشنا ولا كنا لو رضينا بأن يفقد رئيسنا المحبوب عِشرته الغالية الطيبة لمجرد أن يرضى أشواقنا المريضة لرؤية وجوه جديدة، ولذلك هانحن نطالبه صادقين مهللين بأن يعيد إلينا يوسف والى والسيد راشد ومحمد عبداللاه ومحمد موسى وغيرهم من الذين لم يعرف الشعب غير الناضج خطورة رحيلهم، ونترجاه بألا يسمح للوزراء الذين قيل إنهم سيرحلون لأسباب صحية بالابتعاد فإذا لم نكن سنشيل وزيرا فى مرضه فلا خير فينا والله..

وعلى سيادته أن يعلم أننا نقدر له حرصه على تكريم من تضطره الظروف لتغييره أو إقالته فيحرص دائما على دعوته فى المناسبات الرسمية ليجلس فى الصف الأول جنبا إلى جنب مع من خلفوهم فى المنصب، ليس لتذكير الخلفاء بالمصير الذى سيفضون إليه لو لخبطوا العجين، بل لأننا فى مصر نحترم تراثنا وتقاليدنا، وتقاليد الموت لدى قدماء المصريين تقضى بضرورة أن يشارك جميع الأزواج السابقين فى عزاء الفقيدة.

لذلك ولذلك كله، سيادة الرئيس سِرْ فى طريقك فوالله لو أعدت إلينا باختيار رئاسى الدكتور على لطفى رئيسا للحكومة وبمعجزة ما الدكتور صوفى أبوطالب رئيسا لمجلس الشعب وخضت بنا البحر الأعظم والبحر أبوجريشة لخضناهما معك فنحن نقدر خوفك الأبوى علينا من التغيير فى هذه الأجواء المتقلبة التى يعلم جميع المصريين أنها أجواء عيا.

(عزيزى القارئ: هل ستزعل لو قلت لك إننى نشرت هذا المقال فى سنة ٢٠٠٥ عقب انتخابات مجلس الشعب الماضية؟، حتى لو زعلت، للأسف هذه هى الحقيقة، والحقيقة دائما بتزعل، المشكلة ليست فى زعلك، فهو مقدور عليه فى كل حال، المشكلة فى زعل الذين لا يريدون أبدا أن يتغير علينا حال).

Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء ديسمبر 22, 2010 7:50 pm

سيبوهم يسقّفوا

بقلم بلال فضل ٢٢/ ١٢/ ٢٠١٠

بينما كان سيادة الرئيس يقف منتظرا أعضاء مجلس الحزب الوطنى المنعقد أمامه تحت قبة مجلس الشعب حتى ينتهوا من نوبات التصفيق، هل فكّر سيادته ولو للحظة أن هؤلاء الأعضاء ربما لا يصفقون له لأنه على حق، بل يصفقون له لأنه الرئيس؟. هل تذكّر سيادة الرئيس خلال نوبات التصفيق المتصاعدة أن مقاعد المجلس التى عرفها منذ سنوات بعيدة كانت دائما لا تشهد سوى التصفيق له ولسابقيه؟ هل سأل نفسه ولو للحظة إلى أين ذهب بنا كل ذلك التصفيق؟ وإلى أين ذهب الذين صفّقوا والذين صُفِّق لهم؟ هل فكّر سيادته أن يقطع الخطاب وينظر فى وجوه الحاضرين ويقول لهم ببديهته الحاضرة: «هو فى إيه.. مفيش حد معترض على أى حاجة قلتها؟».

«سيبوهم يتسلوا» كانت هذه الجملة أكثر ما صفق له الأعضاء طربا فى ذلك اليوم الحزين. «سيبوهم يتسلوا»، كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان فى الميزان، رد بهما الرئيس على مئات الكلمات التى قيلت فى محاولة تحميل شخص اسمه «أحمد عز» مسؤولية ما حدث فى مهزلة الانتخابات الماضية.. كلمتان نسفتا كل محاولات بعض البلهاء أو المغرضين أو حسنى النوايا، سمّهم ما شئت، تصوير أن ما جرى فى الانتخابات لم يكن للرئيس علم به.. كلمتان أثبت بهما الرئيس أنه أكبر من أن يلعب الصغار فى حضوره، وأن كل ما جرى كان برضاه وعلمه وتأييده.. كلمتان لو كان بين الحاضرين رجل يخاف على مصر بجد لوقف بكل أدب وقال لسيادة الرئيس إنه كان يجب أن يتذكر ما قاله فى خطابه الذى أعقب الانتخابات، أنه رئيس لكل المصريين، وأنه ليس من مصلحة البلاد أن يتم التعامل بهذا النهج مع أناس من خيرة أبناء مصر لمجرد أنهم قرروا أن يعترضوا على ما نالهم من تعسف وتزوير أيدته أحكام القضاء.

لا أدّعى أننى أشجع الشجعان فى زمانى، ربما لو كنت جالسا فى تلك القاعة أستمع إلى خطاب الرئيس لكنت قد جبنت عن الاعتراض على ما قاله، حتى لو كنت أمتلك حصانة برلمانية تحمى ظهرى، لكنى متأكد أننى لم أكن سأصفق أبدا، كنت سأعارض بالصمت الحزين، كنت سألتزم بأضعف الإيمان وأنكر ما قاله بقلبى، كنت سأعلن خوفى بشدة على مصر من برلمان الرأى الواحد، وربما دفعنى خوفى لأن أقف لأصرخ فى قلب القاعة «تحيا مصر»، أعلم أن البعض كان سينظر لى مستغربا، وربما ظن البعض الآخر أننى هتفت بذلك الهتاف تأييدا للرئيس وربما أخذوا يصفقون له مجددا، ربما، لكن أنا فى داخلى فقط كنت سأعلم أننى هتفت على أمل أن تحيا مصر بلدا عظيما كبيرا، وأنا أعلم أنها لن تكون كذلك إلا بالديمقراطية الحقيقية، إلا بأن يكون الحاكم لكل شعبه، إلا بأن يجد الحاكم من يقول له بين الحين والآخر «أنت لست خالدا.. أنت لست مُلهَما.. أنت بشر.. أنت تخطئ.. أنت تحتاج إلى من يختلف معك أكثر ممن يصفق لك.. مصر أحوج ما تكون الآن إلى من يعترض وينقد ويحاور ويتناقش ويختلف وليس إلى من يصفق ويهلل ويبايع».

أنا لم أكن جالسا فى تلك القاعة، وربما لو دُعيت لأن أجلس فيها لما كنت قد ذهبت مثل قادة المعارضة الكرتونية، ومع ذلك سأفترض أن أحدا ما سيوصل صوتى إلى الرئيس، فليس حيلتى إلا أن أحلم بأنه سيسمعنى وأنا أقول: يا سيادة الرئيس.. أنا حزين لأنك تصورت أن المعارضة تسلية مع أنها أمر شاق على النفس. سيادة الرئيس.. كم كنت أحب أن أؤيدك بشدة، فأنا ربما موهوب فى المديح بشكل لا يتخيله أحد، على الأقل أنا أحفظ كل مدائح أبى الطيب المتنبى وأستطيع أن أنسج من وحيها ما يفوق كل ما قيل فى مدحك، أنا أيضا يا سيدى أمتلك كفين عريضتين قادرتين على صنع تصفيق له دوّى، لكنك لم تعطنى ما أُصفق من أجله.. لا أظن أن سيادتك مهتم بأن تسألنى لماذا أقول ذلك، لأنك لو كنت مهتما به لطلبت رأى أحد الذين ظننت أنهم يتسلون بالمعارضة.

يا سيادة الرئيس، تحيا مصر.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الخميس ديسمبر 23, 2010 7:43 am

جاسوس ومايبانش عليه

بقلم بلال فضل ٢٣/ ١٢/ ٢٠١٠

أنت تعلم اهتمامى الدائم بسفاسف الأمور، ولذلك ربما لن تستغرب ما سأكتبه اليوم.

أنا كمواطن واقعى أحرص دائما على تذكير نفسى بأن الإنسان مخلوق من طين لازب، لذلك يمكننى أن أتخيل أن يبيع إنسان وطنه ليصبح جاسوسا، نعم أدين فعله وأرفضه، لكننى أتخيل إمكانية حدوثه فى ظل الوطاية العمومية للعنصر البشرى، وفى ظل إيمانى بحتمية خسران الإنسان إذا لم يتواص بالحق والصبر، لا تنس أن هناك من يبيعون شعوبا وأوطانا بأكملها دون أن يكونوا فى حاجة ماسة إلى المال، وأن هناك من يحققون لإسرائيل أهدافا أهم بكثير من التى تحلم بها، دون أن تنشئ لهم إسرائيل شركات أو تمنحهم رواتب شهرية.

للأسف يمكن أن نتخيل أن يكون الإنسان جاسوسا، لكن ما لا يمكن تخيله ولا فهمه أبدا هو الإصرار الدائم لكل جيران المقبوض عليهم بتهمة التجسس أثناء اشتراكهم فى اللقاءات التى يجريها مراسلو المحطات التليفزيونية على أن جارهم المتهم «كان طيب وغلبان ومؤدب، فى حاله والله.. لا والله عمرنا ما شفنا منه أى حاجة وحشة.. بصراحة دى حاجة مش متوقعة أبدا.. إحنا مش مصدقين اللى حصل ده خالص».

يا ناس، يا بشر، يا خلق، الجاسوس بالذات المفروض ألا ترى منه أى حاجة وحشة، المفروض ألا ترى منه أى حاجة خالص، وطبعا لابد ألا تتوقع عدم كونه جاسوسا، وإلا فحرام فى جتته الفلوس التى يسفحها نظير تجسسه،

يعنى لا يوجد أى أمل فى أن نرى يوما أحد جيران المتهمين بالتجسس وهو يقف أمام كاميرا تليفزيون ليقول بمنتهى الثقة «بسم الله الرحمن الرحيم الإجابة أيوه كنت متوقع إنه جاسوس، عشان فعلا كنت بالاحظ إنه دايما بيخش العمارة وهو شايل علب حبر سرى، ده غير إنه كان راجل شرّانى ومن صغره بيعذب القطط فى الشارع، وأذكر إنه مرة فتح كيس زبالة بتاع أم عصام ونطور الزبالة على السلم.. لعلمك بقى أنا الوحيد اللى كنت متوقع إنه جاسوس وماكانش حد مصدقنى فى الحتة كلها».

الناس فى بلادى طيبون ويحبون المجاملة، ولذلك يتصورون أنهم عندما يقولون كلاما طيبا عن المتهم بالتجسس فإنهم يخففون عن أهله عناء الصدمة، ولذلك فهم حتى إذا لم يقولوا كلاما طيبا بحق المتهم، يقولون كلاما رائعا عن أهله ويتغزلون فى جمالهم وطيبتهم وجدعنتهم وعدم تأخرهم عن أحد، على أساس أن هذه كلها قرائن يمكن أن تخفف خطورة موقفه فى القضية، يا سادة متشكرين، لكن هل سمع أحد منكم عن اختراع اسمه «ما أعرفش»،

لا أحد يطلب منكم أن تقفوا أمام المحطات لترتجلوا خطبة عصماء تتبرأون فيها من الجاسوس اللعين الذى لطخ سمعة المنطقة، فالمتهم برىء حتى تثبت إدانته، وإن كان متهما بالتجسس، لكن فى المقابل لماذا هذا الحرص المذهل لدينا على أن نفتى فى أى شىء، حتى لو كنا لا نعرف عنه أى شىء؟

لا تسألنى لماذا يذيع مراسلو المحطات التليفزيونية من أرفعها إلى أوطاها مثل هذا الكلام الفارغ، فهم يتصورون أن هذه شطارة مهنية للتغلب على عدم وجود معلومات كثيرة فى قضايا حساسة كهذه غير التى تصرح الأجهزة الأمنية بتداولها، فضلا عن استضافتهم لأشخاص من ذوى النزعة البطيخية ليقولوا كلاما أبله عن دور الفقر والبطالة فى تشجيع الشباب على الجاسوسية والوقوع فى الإغراءات الإسرائيلية، مع أن مصر بها ملايين الفقراء الذين يفضلون الموت على خيانة بلادهم، ويقبلون استضافة فيروس سى فى أجسادهم بينما يرفضون استضافة السفير الإسرائيلى،

لاحظ أن هناك من أدينوا فى قضايا تجسس ولم يكونوا عاطلين عن العمل ولا فقراء، ومن بينهم المتهمون فى شبكة التجسس الهاتفى التى ينظرها القضاء حاليا، ومع ذلك لايزال هناك من يتصور أن تركيزه على منظر الشارع الفقير لمنزل المتهم بالتجسس وشكل النشع الموجود على حوائط عمارته هو سبق إعلامى يؤكد الارتباط الشرطى بين الفقر والجاسوسية.

لا يمكن أن ننكر أن الإغراء المادى يشكل حافزا على التجسس، لكن الإغراء المادى لن تكون له أى قيمة لو صادف إنسانا يحب وطنه، ويفهم لماذا يستحق هذا الوطن أن نحبه، حتى لو كان يحكمه أناس بشكل ردىء لا يشجع على هذا الحب، لو كان هذا الشاب يعرف تاريخ بلاده ويعرف عدوه حقا، ولو كان متأكدا أنه لن يُضرب على قفاه ولن تنتهك كرامته إذا عبر عن رأيه، لصب ذلك الشاب سخطه وغضبه فى عمل سياسى يجعله يستعيد حقوقه المسلوبة ويعيش فى وطنه موفور الكرامة ولو كان على قد حاله.

الإغراء المادى سينجح فقط عندما يصادف أجيالا نشأت فى ظل تعليم مضطرب الهوية وإعلام منزوع الكرامة وثقافة مائعة رخوة، وعندما يرى الشباب رموزا سياسية وإعلامية ومجتمعية تتسابق فى إعلان صداقتها وعلاقاتها بقيادات إسرائيلية، وتكسر الإجماع الوطنى على مقاومة التطبيع، وعندما يرى دولته تُصدر الغاز لإسرائيل برخص التراب، وعندما تختل المعايير فيصبح الشقيق عدوا والعدو حليفا من أجل السلام، عندما يحدث كل ذلك سيتكرر للأسف اليوم الذى تسقط فيه أجهزة الأمن القومى اليقظة شبكة تجسس جديدة، بطلها شاب يقسم الجيران بالأيمان المغلظة أنه كان ابن حلال وجدع وماكانش يبان عليه خالص إنه جاسوس.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأحد ديسمبر 26, 2010 10:09 am

بعض ما عندكم

بقلم بلال فضل ٢٦/ ١٢/ ٢٠١٠

شفت يوم الاثنين الماضى كنت أحدثك عن علاقتى بكل من الجد والهزل، وكالعادة ظننت أننى أهزل، أو ربما ظننتنى جادا، الله أعلم، ليس هذا المهم، المهم أن تقول لى كيف يمكن أن أرد على رسالة غاضبة جاءتنى تعليقا على مقال نشرته يوم الخميس قبل الماضى عن طقوس الكتابة، كتبها قارئ كريم اسمه بسام لم يعرّفنى على بقية اسمه، لكنه حرص على أن أعلم أنه «مهندس مدنى والحمد لله متزوج وعندى ثلاثة أولاد»، وبمحبة شديدة أخذ يلومنى لأننى كتبت فى المقال جملة تقول إننى «لست ضد التعرى مادام يخدم الدراما»، ثم قال لى غاضبا، وسأنقل نص رسالته دون تصليح أو تعديل: «هذا القول الذى قلته يا أستاذ ضد رغبة الله ورسوله، ولا أدرى هل أتبعك بمنهجك التنويرى الإصلاحى كما تقولون حتى لا أتهم بالرجعية والتشدد والسلفية،

بالتأكيد لا أريد أن أتهم بالرجعية والتشدد، ولكن كيف أوفق بين آرائكم وبين أحكام الله ورسوله، لا أستطيع التوفيق إلا بلىّ أعناق النصوص الصريحة.. يا أستاذ بلال إنك ميت وإننا ميتون وهذه هى النهاية الحقيقية ثم إننا معرضون على الله وحده لا أحد سواه، فيجب أن تكون أعمالنا وآراؤنا موافقة لمعايير الله وليست لمعاييرنا الشخصية حتى ننجو وندخل الجنة، وهذه نصيحة من أخ ولا أقصد فرض الرأى ولا التجريح وإنما هى نصيحة لوجه الله».

طيب، كيف أرد عليك يا أستاذ بسام، خاصة أننى تأثرت بحماسك الشديد الذى يبدو أنه جعلك لم تلتفت إلى أننى قلت قبل الجملة التى أغضبتك بالنص «أنا مثل نجمات الإغراء»، وإذا لم تنتبه إلى ما فى هذه الجملة من سخرية واضحة، فأخشى ما أخشاه الآن أنك عندما قرأت الجملة التالية لها يمكن أن تكون قد تخيلتنى وأنا أتعرى مثل نجمات الإغراء، على أى حال أشكرك على تذكيرك لى بالموت، مع أن زوجتى تعتقد أننى أفكر فيه أكثر من اللازم، أنا فقط أريد أن أذكركّ بقراءة المقال ثانية وأسأل الله لنا ولك ألا نتعرى أبدا ولو كان ذلك فى خدمة الدراما. ـ على أى حال، من بين حوالى أربعين رسالة إلكترونية وهاتفية علقت على المقال كانت رسالة صديقنا بسام الوحيدة التى أساءت فهم المقال فيما يخص التعرى،

هناك ثلاثة آخرون من بينهم صديقنا الكاتب الجميل د. كمال مغيث والباحث المدقق سامح فرج، صاحب معجم فرج للعامية، والدكتور فخر الدين أحمد قناوى قرأوا جملة «لا أعرف على وجه الدقة ما الذى يعنيه خرط القتاد»، وشعروا أن القارئ الكريم ربما لا يكون كسولا مثلى فلا يبحث عن المعنى فى القواميس، فأرادوا له أن يعرف على وجه الدقة ما الذى يعنيه خرط القتاد، وقد جاء فى رسائلهم أن «القتاد نوع نادر من نبات صحراوى له أشواك صلبة وحادة، لاحظ المسافرون أن الإبل تهيم حبا فى مذاقه وتستطيع التهامه رغم أشواكه بسبب طبيعة فكها، وعندما حاولوا أن يحملوا معهم هذا النبات بخرطه أى بمحاولة حشه بأيديهم، اكتشفوا استحالة ذلك عليهم بسبب قسوة أشواكه، ومن هنا جاء تعبير دونه خرط القتاد كناية عن الأمر الذى يستحيل تحقيقه». للأصدقاء الأعزاء الشكر على تعميمهم الفائدة، وللقارئ الكريم الدكتور فوزان شلتوت أستاذ الطب (أرجو ألا أكون قد أخطأت فى الاسم والصفة لأن رسالته جاءتنى بالإنجليزية) فقد نبهنى إلى أن دى إتش لورانس ليس أمريكيا بل هو بريطانى، وكم هو جميل ألا يمر هذا الخطأ على أستاذ طب، بينما مر على مراجعى ومحررى المجلة العريقة الذين وقعوا فى فخ معلومتى التى نقلتها خطأ، وشكرا للدكتور شلتوت أنه منحنى فرصة التصحيح.

ـ فى الخميس قبل الماضى أعجب العديد من القراء بما كتبته عن موقع «بلاويكى ليكس» الذى قلت إننى أفكر فى إنشائه لفضح بلاوى بلادنا المحروسة، وبعضهم تصور أننى فعلا بدأت فى إنشاء الموقع فأرسل إلىّ يعرب عن استعداده للتعاون معى لتنفيذه، لا أريد أن أذكر أسماءهم لكى لا يظن بعض أولاد الذين يقرأوننى بتركيز أكثر من اللازم، أن لديهم وثائق فعلا تنتظر الكشف، فأكون قد أسديت إليهم منكرا لا يستحقونه، فقط أقول لهم إذا كانت الفكرة قد أعجبتكم فحلال عليكم، اشرعوا فى تنفيذها، فقط انسبوها إلىّ إذا تكرمتم، وإذا كانت لديكم وثائق تخص بلاوينا فتوكلوا على الله، ولتكن لكم فى جوليان أسانج أسوة حسنة، وليكن لكم فيما انتهى إليه أسوة سيئة تجعلكم تفكرون فى مخارج أخرى لنشر هذه الوثائق على الملأ. أما إذا كنتم معجبين بالفكرة من حيث المبدأ وليس لديكم وثائق تخص بلاوينا، فلتنشئوا الموقع وتتركوه هناك يسبح فى الفضاء التخيلى، لعله يصادف ذات يوم ذات لحظة ذات ناس لديها ذات ضمير يدفعها لنشر ما لديها من وثائق تخص بلاوينا، ولو أن أغلب بلاوينا مالهاش ورق.

ونكمل غدا بإذن الله إذا عشنا وكان لنا نشر.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الإثنين ديسمبر 27, 2010 9:25 am

المزيد مما عندكم

بقلم بلال فضل ٢٧/ ١٢/ ٢٠١٠

٢- تعليقاً على مقال (كرباج شريعى) الذى نشرته فى الأسبوع الماضى، تلقيت ردود أفعال عديدة من محبى ومريدى وأتباع الموسيقار الأجمل عمار الشريعى، على رأسها رسالة صوتية جاءتنى من الناقدة الكبيرة ماجدة موريس التى قالت لى إن المقال أيقظ لديها حلما كانت قد انشغلت عنه لسنوات، وهو كتابة كتاب يحكى سيرة عمار الشريعى الفنان والإنسان، أتمنى أن تبادر الأستاذة ماجدة إلى تحقيق حلمها الذى يستحقه عمار ويتمناه كل محبيه، خصوصا أن الأستاذة ماجدة حققت تجربة رائعة فى العام الماضى بكتابة كتاب رائع عن المبدعات التليفزيونيات فى جيل الستينيات أصدرته مكتبة الأسرة، أعترف بأننى وأنا أستمتع بقراءته كنت أتمنى لو تحول إلى نواة مشروع قومى يقوم بتكريم وتوثيق مسيرة أهم رموز فن الدراما التليفزيونية لدينا، وهو الفن الذى تفردت به مصر منذ تاريخ إنشاء التليفزيون، ثم نسيت كيف تكرم رموزه بسبب انشغالها بالتفنن فى إضاعة ريادتها لفن الدراما.

أجمل ردود الأفعال على المقال كان مكالمة ساحرة بديعة رائقة من مالك كرباج السعادة عمنا عمار الشريعى الذى قرنت اسمه على تليفونى المحمول بـأغرب رنة فى الدنيا، لا أعتقد أن أحدا سيتعامل بشكل طبيعى مع شخص يضع على تليفونه المحمول رنة لأغنية تقول كلماتها «الدم اللى فى إيديا بالليل ينده عليا.. ويقولى قتلت مين»، لم أضع الأغنية على تليفونى لأنها أجمل ما لحن وغنى عمنا عمار الشريعى ومن أجمل ما كتب الخال الأبنودى، فالأستاذ عمار لا يتصل بى كل يوم، ولكنى وضعتها لأننى أحب بين الحين والآخر أن أستمع إلى الأغنية لأذكّر نفسى أننى لم أصنع بعد فيلما فى عظمة (البرىء) للعظيمين وحيد حامد وعاطف الطيب، وإن كان يصعب أن يصنع أحد فى عظمة فيلم (البرىء)، لكنه ليس مستحيلا بإذن الله.

تصوروا، عمار الشريعى يعتقد أنه لا يستحق ما كتبته عنه، وأنا عقابا له على هذا التواضع الذى أعلم للأسف أنه حقيقى، فكرت أن أقرأ له الرسائل التى جاءتنى من محبيه من أنحاء متفرقة فى الكون، لكننى خشيت أن أعطله بذلك عن جملة موسيقى جديدة أو تيتر ساحر جديد.

سأكتفى فقط بأن أؤدى الأمانة وأنقل إلى الأستاذ عمار ما يجأر به محبوه من شكاوى بأنهم لا يجدون فى الأسواق أغلب ما يحبونه له من تيترات المسلسلات وأغانيها، أما وقد فعلت فإننى أذكرهم جميعا بأن مهمة كهذه تحتاج قرارا قوميا من وزير الإعلام أنس الفقى يصدره للمهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، يتم على إثره جمع تيترات وأغانى المسلسلات بعد شراء حقوقها من منتجيها ودفع حقوق المطربين والمؤلفين، ليتم إصدارها فى أسطوانات وشرائط كاسيت بأسعار رمزية، بدلا من أن يدوخ السميعة بحثا عنها، ويضطروا لتحميل بعضها بصوت ردىء من بعض مواقع الإنترنت التى تُشكر على أى حال.

لا أريد هنا أن أُفوّت الفرصة لكى أشكر شركة صوت القاهرة على قيامها أخيرا بطباعة عدد كبير من الأسطوانات، عليها حلقات رائعة من برنامج عمار الشريعى الأشهر والأجمل (غواص فى بحر النغم)، وإن كنت أتمنى أن تقوم الشركة بالتعاون مع قناة «دريم» بإصدار أسطوانات لبرنامج (سهرة شريعى)، كما أناشدها وأقبّل سلالم مبناها أن تقوم بإصدار أسطوانات لأشهر البرامج الإذاعية خصوصا تلك التى استضافت أشهر وأعظم رموزنا فى جميع المجالات، ومستعد لأن أكتب مهللا ومؤيدا لكل من يتخذ خطوات كهذه، بل مستعد لأن أقرض الشعر فى مدحه إن فعل.

وبما أن الكلام يجيب بعضه، أتمنى ألا يكون المهندس أسامة الشيخ قد نسى وعده بأن يقوم اتحاد الإذاعة والتليفزيون بإعادة إخراج الروائع التى يمتلكها فى مكتباته وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر رباعيات صلاح جاهين وسيد مكاوى ومسحراتى فؤاد حداد وسيد مكاوى، والتى لو تم إخراجها بأسلوب بصرى يستخدم أحدث فنون الجرافيك فيمكن أن تكون شيئا يبهج النفس ويرتقى بالوجدان فى هذه الأيام المهببة التى لا يعلم بيها إلا اللى خلقها.

صدقونى، نحن يا سادة عندما نحمى هذا الفن العظيم الذى أبدعه عظماؤنا من الشعراء والملحنين والمطربين والمذيعين والمخرجين، فإننا نحمى وجودنا ذاته من الانقراض، فلم يعد لمصر فى العالم العربى مكانة إلا بفضل هؤلاء العظماء، كنت بهذه المناسبة أتمنى أن أنشر لكم نص رسالة مطولة جاءتنى من مدونة عمانية من مدينة مسقط كتبتها لى تعليقا على مقال (كرباج شريعى)، مع أنها لم تزر مصر فى حياتها حتى الآن، ومع ذلك فهى تقول إنها عندما زارت صديقتها مصر فى الأسبوع الماضى طلبت منها قائمة الطلبات التى أنقلها بالنص من رسالتها «كتبت لها قائمة الطلبات الآتية: لب مصرى سوبر جريدة المصرى اليوم أو صوت الأمة ولا تقتربى أبدا من الدستور إذا لم يكن اسم إبراهيم عيسى على أولى صفحاتها، أعداد من سلسلة كتاب خالد فلاش لخالد الصفتى، كتاب زملكاوى لعمر طاهر الرواية المصورة المحاكمة لكافكا التى أصدرتها دار الشروق، كتاب السكان الأصليين لمصر..

طبعا صديقتى اتصدمت من طلباتى، وفى رحلتها للبحث عنها صادفت سيلا من الضحكات المستهزئة بها، خصوصا حين ذهبت للفجالة لفرع المطبعة العربية الحديثة لتبحث عن أعداد فلاش، فقالوا لها جاية من عمان تدورى على فلاش»، ثم تتحدث عن عشقها للكتابات المصرية الساخرة وقراءتها اليومية للصحف المصرية على الإنترنت، وتنقل لى حوارا كاملا نشرته صحيفة عمانية للموسيقار عمار الشريعى الذى حضرت له عزفا مشتركا مع الأوبرا السلطانية العمانية فى كونشيرتو العود، عزفه هناك فى مسقط، لحسن حظى أمتلك تسجيلا لذلك العزف قمت بتحميله من على الإنترنت، ولذلك فهمت كيف قامت بوصفه بانبهار شديد، هو أقل مما يستحقه ذلك التحليق الكونى الذى قام به يومها عمار الشريعى، قبل أن تختم رسالتها المؤثرة بقولها «آسفة على هذه الإطالة التى لا أعلم كيف أبررها، لكن أنت من مصر التى أحبها كثيرا».

رسالة أخرى جاءتنى من القارئ الكويتى محمد العرادة يأمل فى أن أهديه نسخة من ملف عمار الشريعى الموجد فى ملف «ماى ميوزيك»، والذى اعترفت بامتلاكه فى سطور مقالى، وأعترف الآن يا أخ محمد بأن ذلك الاعتراف كان خطأً استراتيجياً وقع بتأثير عاطفى كشأن كل الأخطاء الاستراتيجية، ليجعلنى هدفا سهلا للكثير من الأصدقاء العشمانين فى كرمى، قبل أن يصدموا فى اضمحلال قدرتى على الكذب حيث قلت لهم وأنا أتصنع الأسى (بسبب خوفى من ضياع الوقت والهارد ديسك) إن الملف اختفى فجأة من على سطح الكمبيوتر بعد نشر المقال، والغريب أنه لم يصدقنى أحد منهم، وأرجو أن تصدقنى أنت باعتبار أنك لا تشك لحظة فى أننى يمكن أن أكذب.

بمناسبة رسالتى القارئين الكريمين من عمان والكويت، صدقونى أتمنى أن يتاح لى يوما ما نشر جميع الرسائل التى تأتينى من كل أنحاء العالم العربى سواء على البريد الإلكترونى الخاص بهذا العمود، أو على البريد الإلكترونى لبرنامج (عصير الكتب)، ليرى الذين لا يعرفون قيمة هذا البلد العظيم والذين حاولوا بشراسة واستماتة عزله عن محيطه العربى، كيف لايزال لثقافة وفن مصر مهاويس ومريدون وتلاميذ، وكيف يتم خذلان هذا الإنجاز الثقافى والفنى فى كل لحظة على أيدى حكام هذه البلاد، وعلى أيدى الكثيرين من أبناءها الذين يستسلمون للإحباط واليأس ويصدقون أن هذه البلاد يمكن أن تموت.

ختاما لهذه المقتطفات من ردود الأفعال التى أثارها مقال (كرباج شريعى) أشكر القارئ الكريم «ماين سويبر» وهذا هو الاسم الذى وقّع به رسالته، والذى نبهنى إلى أن مقطع «لابد من بكره اللى طال انتظاره» والذى استشهدت به فى مقالى، هو من ألحان الموسيقار الكبير ميشيل المصرى الذى لحن مقدمة ونهاية المسلسل العظيم (ليالى الحلمية)، وقد قمت بتصحيح ذلك فى بروفة كتابى الذى يضم المقال، فله خالص الشكر، وللموسيقار ميشيل المصرى خالص الأسف.. ونكمل فى الغد بإذن الله إذا عشنا وكان لنا نشر.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 8:34 am

آخر ما عندكم

بقلم بلال فضل ٢٨/ ١٢/ ٢٠١٠

٣- سألنى عدد من القراء بإلحاح أين يجدون كتاب (وعليكم السلام) للراحل الكبير محمود عوض الذى استشهدت به فى أكثر من مقال خلال الفترة الماضية، للأسف لن يكون متاحا العثور على نسخة من الكتاب إلا ربما فى سور الأزبكية، لأنه منذ أن صدر فى عام ١٩٨٦ عن دار المستقبل العربى لم تتم إعادة طبعه، لا أريد أن أخوض ثانية فى الحديث عن الظلم الذى تعرضت له أعمال محمود عوض فلكل مقام مقال، فقط أبشر السادة القراء بأن الأستاذ طه، شقيق الراحل الكبير أرسل إلىّ رسالة يخبرنى فيها بأنه ستتم إعادة طبع هذا الكتاب، وأنا واثق أنك عندما ستقرأه ستدرك أهميته وخطورته وحاجتنا الماسة إليه.

فيما يخص الكتب أتلقى دائما أسئلة تطلب منى أن أرشح لها قائمة للكتب التى تستحق القراءة، وبما أن معرض الكتاب على الأبواب، أود أن أشير مجددا إلى قائمة من مائة وخمسين كتابا أتشرف بأننى نشرتها فى هذه الصحيفة يوم ١ يناير ٢٠٠٩، وستجدونها على موقعها الإلكترونى فى ذلك اليوم فى باب مساحة رأى، وهى اجتهاد متواضع حاولت أن أضمن فيه بعضا من الكتب التى أحبها، وبحمد الله فقد نالت الكتب، التى جرب الكثيرون شراءها باستخدام تلك القائمة، الرضا والإعجاب، وأتعشم أن يكون ذلك فى ميزان حسناتى، وفى الحسابات البنكية لناشرى تلك الكتب.

بمناسبة ما كتبته عن ضرورة وجود دراسات أكاديمية عن فن الكتابة الساخرة لمساعدة الكتاب الساخرين فى النيابات والمحاكم، تلقيت رسالة جميلة من الباحث المتميز الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، مدرس الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، (التى أفخر بأننى واحد من خريجيها) قال فيها (.. على الرغم من أن مهمة تعريف السخرية أو إجراء دراسة أكاديمية عن السخرية مهمة ليست جذابة كالكتابة الساخرة، فإننى مهتم بهذه الظاهرة الإعلامية منذ سنوات محاولا ربطها بالمقاومة السياسية.

ولقد انتهيت من دراستين عن السخرية الصحفية، الأولى بعنوان: استخدام السخرية فى الأعمدة الصحفية: دراسة مقارنة بين الكاتبين أحمد رجب وجلال عامر، وقد نُشرت بالفعل فى إحدى الدوريات الأكاديمية، ويسعدنى أن أرسلها لك بالبريد الإلكترونى. والثانية بعنوان: رجال الأعمال فى خطاب الكاريكاتير: دراسة علاماتية وثقافية للصحف اليومية المصرية، وهى بصدد النشر قريبا«. وأنا أشكر الدكتور محمد على دراسته البديعة التى استمتعت بقراءتها وسأرسلها لأستاذى الكاتب العظيم أحمد رجب وصديقى العم جلال عامر لكى يستمتعا بها ويستعينا بها على الاحتشاد لإمتاع الناس، ولعلها مناسبة أن أبشر القراء بقرب صدور كتاب رائع قرأت بروفاته منذ أيام عن عمنا الكبير أحمد رجب كتبه الصحفى الشاب المتميز محمد توفيق وأعتقد أن الأستاذ أحمد رجب سيكون سعيدا به، ليس لأنه يوثق مسيرته بحب شديد وتقدير يستحقه، وإنما لأنه ستُنشر فى الكتاب نصوص نادرة كان الأستاذ أحمد رجب يبحث عنها، وكان سعيدا للغاية عندما قلت له إن هناك كاتبا شابا قام بجمع هذه النصوص. أتمنى أن تتحمس دار نشر كبيرة لطبع كتاب محمد توفيق عن عمنا أحمد رجب، ولجمع دراستى الدكتور محمد حسام الدين عن الكتابة الساخرة فى كتاب، وأتمنى أن يكون ذلك سريعا لأننى سأحتاجه فى أكثر من جلسة قضائية الشهر المقبل.

ختاما لهذه السلسلة من الردود على رسائل وتعليقات القراء، وصلتنى رسالة من القارئ محمد عبدالله عبارة عن سطر واحد يقول لى فيه (هل أنت علمانى؟)، وعندما رددت عليه بإجابتى المفضلة «سيادتك شايف إيه؟«، أرسل إلىّ رابطا لموضوع على مدونة للأستاذ وائل عزيز الذى لم أتشرف بمعرفته، وإن كنت قد قرأت له مقالا مكتوبا بشكل جيد نشرته له صحيفة العربى، فك الله أزمتها، فى صفحة جميلة كانت تنشر فيها مختارات من المدونات، وعلى حسب ما فهمت فهو ابن أحد قادة جبهة علماء الأزهر الشيخ عبدالغفار عزيز،

وقد جاء فى مقال الأستاذ وائل نصيحة للشباب المتدينين، مفادها أن يتحلوا بالصبر ولا يقوموا برفض كل «ما يكتبه أمثال علاء الأسوانى أو إبراهيم عيسى أو بلال فضل أو المعتز بالله عبدالفتاح أو حمدى قنديل أو غيرهم من الكتاب العلمانيين»، وبناء عليه فقد أرسل القارئ الكريم إلىّ هذا الرابط لكى ينبهنى إلى أن شخصا يثق فيه مثل الأستاذ وائل قد وصفنى بالعلمانية، وينبغى علىّ أن أدافع عن نفسى إزاء هذه التهمة، وبما أن الأمر لم يعد مجرد حوار ثنائى على البريد الإلكترونى بل أصبح مطروحا على شبكة الإنترنت، بل ووجدت بالبحث أنه موجود فى عدد من المواقع.

فيجب هنا التنويه إلى أننى لست ضد أن يصفنى أى شخص بما يشاء، سواء كانت العلمانية أو غيرها، فقط أرجو أن يتكرم بتنبيهى إلى أننى صرت علمانيا أو ليبراليا أو اشتراكيا لكى «أعمل حسابى وأنا خارج»، ثم أقول للقارئ الكريم إن العلمانية ليست تهمة، بل هى اختيار فكرى مركب ومعقد، ولا يصح أن نتعامل معه على طريقة «هل أنت شيوعى زنديق؟» أو فى أحسن الأحوال «هل أنت نباتى؟»، وأظن أن الكتَّاب الأفاضل الذين أشار إليهم الأستاذ وائل عزيز ليسوا فى حدود علمى من معتنقى الاختيار العلمانى، ومن يقرأ كتاب المعتز بالله عبدالفتاح البديع (المسلمون والديمقراطية) وكل كتب الأستاذ إبراهيم عيسى وسلسلة الكتب التى ضمت مقالات علاء الأسوانى وكلها كتب موجودة فى الأسواق، سيجد فيها إجابات وافية عن مواقفهم الفكرية إذا كان مهتما بمعرفتها، أما عن نفسى فقد سبق أن أجبت عن كل الأسئلة التى تأتينى من نوعية (هل أنت...؟)، وكان عنوان المقال «معانا ولا مع التانيين»، وأتمنى أن تبحث عنه على شبكة الإنترنت وتنشره على تلك المواقع، لا لكى تعم الفائدة، بل لتقل تلك النوعية من الأسئلة الراغبة فى وضع الناس فى ملفات ليتم وضعها بعد ذلك فى أدراج ومن ثم فى دواليب، على طريقة الجهات إياها، كفانا الله وإياكم شر التصنيف والتفتيش فى النوايا.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء ديسمبر 29, 2010 9:18 am

صباح الخير يا جارى

بقلم بلال فضل ٢٩/ ١٢/ ٢٠١٠

كلما سمعت حس جارى «أبويحيى» اطمأننت على حال مصر.

كل يوم قبل صلاة الفجر بعشر دقائق تقل قليلا أو تزيد قليلا، أسمع صوت باب شقة «أبويحيى» يفتح ثم يغلق بكل ما تيسر من هدوء، لم أسمعه ولو لمرة يذكر الله بصوت عال وهو يستدعى الأسانسير أو وهو يفتحه عند عودته إلى شقته، دائما أشعر أنه حريص على عدم إيقاظ أحد أثناء ذهابه إلى المسجد وعودته منه. «أبويحيى» بسم الله ما شاء الله يصلى الصلوات الخمس فى المسجد «حاضر»، ومع ذلك فهو ليس متشددا ولا متطرفا، لا تسألنى كيف تأكدت من ذلك؟ فنحن لم تدر بيننا أبدا أى مناقشات فكرية أو دينية، لكنك أصبحت فى مصر الآن تستطيع أن تدرك بسهولة التدين المصرى الوسطى الذى يرتقى بأخلاق صاحبه ويزيده تحضرا وإنسانية، فتميزه عن التدين المتصحر المتجهم الذى يزيد أحيانا صاحبه انحطاطاً وغلظة.

أسرة «أبويحيى» من ذلك النوع من الأسر التى تعودنا أن نسمع من أهالينا فى وصفها تعبير «ماتسمعلهمش صوت»، لا أذكر أننى سمعت ضجة تأتى من نواحى شقتهم إلا فى المناسبات السعيدة، وللأمانة لا تكون أبدا ضجة مبالغا فيها، بل تشعر أنها ضجة محترمة من ذلك النوع الذى يدخل السرور إلى القلب. لا أعرف إذا كان «أبويحيى» سيقرأ هذا الكلام، ربما تشجعت للكتابة عنه لأننى أظن أنه لن يقرأه، فأنا لم أره يوما متلبسا بوضع صحيفة تحت باطه، ربما كان يقرأ الصحف على الإنترنت، فنحن مشتركان سويا فى خدمة الـ«دى. إس. إل»، ومع أننى أنسى منذ أشهر دفع نصيبى من اشتراك الخدمة إلا أنه لا يذكرنى بذلك أبدا، وكلما تذكرت وذهبت لأدفع وأنا غارق فى خجلى، يزيدنى غرقا وهو يقول بأدب من ذلك النوع الذى هو أدب بالفعل وليس تلزيقا ينتحل صفة الأدب «خلاص مافيش مشكلة والله».

لم أخذل أبا يحيى فقط فى الانتظام فى دفع اشتراك الـ«دى. إس. إل»، بل خذلته أكثر من مرة عندما حاول أن يشركنى معه فى سعيه لإصلاح بعض شؤون العمارة، لكنه فى المقابل لم يتوقف عن المبادرة إلى لفت انتباهى لأكثر من مرة إلى مشاكل تتعلق بمواسير شقتى رغم أنها لا تؤثر عليه مباشرة بقدر تأثيرها على من هم أسفل منى، وفى كل مرة كان يحرص على أن يُشعرنى أنه اكتشف تلك المشكلة بالصدفة.

لم أشعر أن سلبيتى وطناشى وتعللى الدائم بالانشغال عن مساندة «أبويحيى» قد خيبت أمله فىّ، بقدر ما شعرت بخيبة الأمل تلك عندما تخانقت يوما مع أحد الجيران، وتسببت غتاتة الجار فى انفجار ماسورة شتائم من فمى، لكنها توقفت عن الانفجار فورا بعد نظرة صدمة لمحتها فى عينى «أبويحيى»، لأتحول من شاتم إلى مبرراتى لما صدر عنى من شتائم بالفعل، ومنذ ذلك اليوم توقفت عن الخناق مع ذلك الجار، وحتى عندما أفكر أحيانا فى إشعال خناقة عاتية معه، أستعصم بالصبر لأننى لا أريد أن أخيب أمل «أبويحيى» فىّ مجددا.

للأسف أصبحت أعانى مشكلة فى تذكر الأسماء، ولذلك كنت أحيانا أنسى اسم «أبويحيى«، مع أننى لم أنس كنيته أبدا، ومع ذلك كلما رأيته شعرت بألفة بالغة تجمعنى به أكثر من أصدقاء ورفاق طريق أحفظ أسماءهم الرباعية. سأدهشك أكثر، أنا مثلا أعرف أن «أبويحيى» منذ عام وربما أكثر صار على المعاش، لكننى لم أعرف أبدا أين كان يعمل «أبويحيى»، ولا ماذا كان يعمل، فلست من الذين يحبون التطفل على جيرانهم، لكننى أحسب أن «أبا يحيى» كان رجلا شريفا جدا طيلة مشواره المهنى، وأنه كان قطعا مخلصا فى عمله، وأنه لم يتلوث بفساد أبدا، ولم يأكل حراما يوما ما، ولم يظلم أحدا مطلقا.

ليس لأنه فقط يصلى الفجر فى المسجد، بل لأنك لو كنت جارا له ستعرف ذلك وستكون مثلى متأكدا من ذلك بعون الله، فالمال الحرام ينضح على كل شىء فى البنى آدم بدءا من سحنة وجهه و«تون» صوته، ووصولا إلى ذوقه فى اختيار الزينة التى يضعها أمام باب شقته.

ربما كان «أبويحيى» يعرف ما أفعله فى الحياة، وربما لا، فهو لم يحدثنى أبدا عن فيلم شاهده لى أو مقال قرأه أو برنامج ظهرت فيه، ولم يفاتحنى أبدا فى موضوع بخصوص أى شىء، ولم يفكر فى طلب شىء منى، مع أنه لو فعل لخدمته بعينىّ، لكننى أشعر دائما أنه نموذج للإنسان الذى لو قال لك «أنا مش عايز حاجة من حد» فهو يعنى ذلك بالفعل، ولن يتبع جملته بقوله «بس إنت مش أى حد».

ابنتى الصغرى كلما جاءنا ضيف تشير إلى باب الشقة المقابلة وتقول له بفخر شديد «إنت عارف مين اللى ساكن هنا.. أم يحيى»، فـ«أم يحيى» كزوجها تماما، مقترنان بالخير فى وجدان كل من يعرفهما، اللسان الطيب، المقابلة الحلوة، والبِشر الدائم فى وجوه الأطفال والكبار، ومفهومهما لواجب الجيران مع بعضهم لم أشهده من قبل إلا فى مسلسلات عمنا أسامة أنور عكاشة، أحيانا لا آخذ بالى أننا «دخل علينا موسم»، إلا عندما أجد زوجتى وقد دخلت علىّ بطبق عاشوراء أو كنافة أو بليلة أو فتة أو كعك لتقول لى بتأثر «أم يحيى باعتاه وبتقول كل سنة وإنتوا طيبين.. أنا مش عارفة أعمل إيه مع الست الجميلة دى»، وبعد أن نأكل بتلذذ من عمايل إيد «أم يحيى»، نعقد على الفور جلسة مباحثات للتوصل إلى وسيلة حاسمة يمكن لها أن تجعلنا نتغلب على لطف هذه العائلة وذوقها، وحتى الآن لايزال لدينا أمل فى أن ننجح فى ذلك قبل دخول الموسم المقبل.

فى الصيف الماضى لم أحضر زفاف ابنة «أبويحيى» لأننى كنت مسافرا، لكننى كنت سعيدا جدا لأن جارى المحترم أدى جزءا من رسالته فى الحياة، قلت له هاتفيا إننى أتمنى أن يرزقه الله الصحة والعافية لكى أعزمه على فرح بناتى بقلب جامد، ربما تخيل أننى أجامله، لكننى والله كنت صادقا فيما تمنيته لأن الفرح سيمثل بالتأكيد فرصة سانحة لكى أسأله ونحن على ترابيزة بعيدة عن الدوشة «ألا صحيح يا أبويحيى حضرتك بتشتغل إيه؟.. ده لو ماكانش سؤالى يضايقك».

صدقونى، لا يمكن أن تضيع مصر طالما ظل فيها أمثال «أبويحيى»، لكن هل يتوقف حكامها عن تضييع الملايين من «آباء يحيى» ودفعهم إلى الانقراض؟ هذا هو السؤال الذى يتوقف عليه مستقبل مصر.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Just a doctor السبت يناير 01, 2011 10:42 pm

تُبنا إلى الحزب


بقلم
بلال فضل

١/ ١/ ٢٠١١
ليس
عيباً أن نتحلى بالشجاعة ونعترف بأن المعارضة ليست أكثر من شهوة نجرى
وراءها، وآن الأوان لنا فى أول يوم من هذا العام الجديد أن ننبذ هذه
الشهوة، ونعود إلى وعينا ونراجع أنفسنا فى حق هذا العهد المبارك، وأن
نستجيب لدعوات وعاظ الصحف القومية فنتوب إلى الحزب الوطنى ونندم على ما
فعلنا ونعزم على ألا نعود أبدا. بصراحة ما الذى نريده أكثر مما
لدينا بالفعل، لدينا حاكم محبوب يجبره دائما الشعب على أن يبقى فى سدة
الحكم مع أنه لا يريد ذلك أبدا، ولدينا مشروع رئيس قادم تحسدنا عليه الدول
الصناعية السبع والدول الزراعية التسع، لدينا لجنة أخطر من كل لجان الكبارى
اسمها لجنة السياسات يمكن أن تمنح أو تسحب الرخص السياسية لمن شاءت متى
شاءت. لدينا أطول نهر فى العالم وأطول ليل بهيم فى العالم. لدينا
أكثر وزراء الأرض نزاهة ونضافة يد وعقل وعفة لسان ودماثة خلق وبُعدا عن
مطامع الدنيا وشهواتها، كلما أقبلت الدنيا على وزير منهم انتفض وقال لها
غُرّى غيرى غُرّى غيرى، وهى ترفض وتأبى إلا أن تقبل عليه فلا يرضى أن يكسر
بخاطرها، لدينا أقوى صحف قومية فى العالم، توزيع كل منها يفوق العشرة
ملايين نسخة، يرأسها أكثر صحفيينا موهبة وتميزا وحرفية، تنفرد كل منها كل
يوم بعشرات الأخبار التى لا يعلمها أحد وتشارك فى صناعة القرار بشكل فعّال
وتُسقِط وزارات وتأتى بأخرى، لا يمكن أن تُكمل أى مقال لرؤساء تحريرها لكى
لا تَسقط مغشيا عليك من فرط تأثرك بما يكتبه وانبهارك الشديد به. لدينا
أحزاب جماهيرية يرأسها رجال صدقوا ما عاهدوا رئيس الجمهورية عليه، منهم من
قضى نحبه ومع ذلك يستمر فى رئاسة الحزب ومنهم من ينتظر. لدينا أقوى
اقتصاد فى «المنتئة» بحالها، لدينا أقوى حركة ترجمة فى العالم بدليل أننا
قضينا ربع قرن كامل فى محاولة ترجمة الوعود البراقة إلى واقع ملموس، لدينا
أطيب وأحن نباتات فى العالم جاهزة للتعايش مع أى مبيدات أو هرمونات أو
مخلفات بشرية أو بلاء أزرق نيلى، لدينا أكبر سجون فى العالم تتسع للمّ كل
من لا يقتنع بأن المعارضة تماما كالجريمة لا تفيد. لدينا أقوى مصانع لتجميع
كل شىء تصنعه الشعوب الأخرى. لدينا أقوى مستهلك فى العالم معدته تأكل
الزلط وجوارح الطيور ولحوم الحمير، لأنه يؤمن بأن الحياة حلوة بس نفهمها،
لدينا أكثر دساتير الأرض جلالاً وبهاءً وتعقيداً، دستور يليق بأمة مثلنا.
لدينا أكبر حملة تضامن مع مرضى السرطان فى العالم وأكبر عدد من مرضى
السرطان أيضا لكى نتمكن من التضامن معهم. لدينا ألذ مشايخ فى العالم
يرفعون راية الإسلام الدايت الذى لا يقول لا أبدا إلا لمن شذ عن السبيل
واتخذ سبيله فى المعارضة سَرَبا، لدينا وحدة وطنية تجعل الشيخ والقسيس
يتفقان على تأييد الرئيس لكن ذلك لا يجعلهما يفرطان فى دينهما بحيث يطبقان
فى زمارة رقبة بعضهما مع أول شائعة عن تنصير فتاة مراهقة أو إسلام فتى
عاشق. لدينا أكبر عدد من الكبارى التى تتيح لنا حكومتنا فرصة يومية للوقوف
عليها بالساعات لكى نتعارف على بعضنا أكثر ونقوى أواصر اللُّحمة تعويضا لنا
عن غلاء أسعارها لدى الجزارين. لدينا أضخم محطات صرف صحى فى الشرق الأوسط
تُمكننا من ألا نشيل جوانا شيئا كما كنا نفعل قبل ذلك، لدينا أضخم مبنى
تليفزيون فى العالم به أضخم مذيعات فى العالم وأكثر البرامج عمقا ونضجا
ووعيا وجذبا للمشاهدين.لدينا أضيق وأطول عنق زجاجة فى تاريخ البشرية
وأحرج لحظة سياسية و«أخلد» مسيرة تنمية وأعرض ملحمة بناء، لدينا أكبر عدد
من الآثار التى تركها لنا الأجداد، ربنا يخفف عليهم سؤال الملكين، نعرف كل
شىء عنها ونتعلم فى مدارسنا كيف نحبها ونصونها ونحافظ عليها، لدينا مراكز
للإشعاع الثقافى بناها لنا أقدم وزير ثقافة فى العالم تكاد تحترق من فرط
التنوير الذى يشع فى جنباتها، لدينا مستشفيات تتمنى أن تموت فيها من كثرة
ما تلقاه فيها من عناية ورعاية، لدينا أقوى مدارس وجامعات فى العالم لا
يستطيع حتى أينشتاين أن يقضى فيها يوما واحدا لو كان طالبا فيها، لدينا
أقوى قاعدة علمية شَعَر الدكتور أحمد زويل بجلالة قدره بالتضاؤل عندما وقف
إلى جوارها، لدينا أكبر عدد من الأغانى الوطنية التى تصور كفاحنا وتتغنى
بإنجازاتنا وتسجل حبنا لقائد مسيرتنا التى لا يبدو أنها ستنتهى أبدا. لذلك
ولذلك كله علينا أن نقول بصوت عال: تُبنا إلى الحزب، ورجعنا إلى الحزب،
وندمنا على ما فعلنا، وعزمنا على ألا نعود أبدا. بس ناخد الفيزا الأول
يارب. (صفحة من مذكرات شاب مصرى كتبها أثناء تسلية نفسه فى طابور
الانتظار أمام واحدة من السفارات الأجنبية التى أدمن التردد عليها بناء على
نصيحة طبيبه النفسى الذى يعالجه من إدمانه محاولة الانتحار)
Just a doctor
Just a doctor
من شموس شمسولوجي
من شموس شمسولوجي

عدد المشاركات : 4835
البلد : هنا القاهرة
تاريخ التسجيل : 20/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Depressed
اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 3rd_ye10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف sose الأحد يناير 02, 2011 7:53 am

هم Crying or Very sad وهم Laughing
ياعينى عليكى يامصر
sose
sose
شمسولوجي ذهبي
شمسولوجي ذهبي

عدد المشاركات : 1211
البلد : ..
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Tired
اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Notinm10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الأحد يناير 02, 2011 12:07 pm

ماذا أحدثوا بعدك؟

بقلم بلال فضل ٢/ ١/ ٢٠١١

سيدى ومولاى وقُرّة عينى ومَنْ أرجو شفاعته يوم القيامة: حضرة النبى العربى أبوالقاسم محمد بن عبدالله ابن امرأة كانت تأكل الثريد بمكة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم. سيدى ومولاى لولا أننى أستحضر إنسانيتك الطاهرة وهى ترفض أن تدعو بالهلاك على الذين أخرجوك من أحب بلاد الله إليك لعل الله يخرج من بين أصلابهم من يوحد الله ويعلى كلمته، لولا ذلك لما كنت قد جرؤت على أن أخط كلمة أضعها بين يديك ولو حتى مجازا، فأنا واحد من المنتسبين إلى أمتك التى لا تدرى بَعدُ ماذا أحدثت بعدك، ستعرف يوم القيامة عندما تهرع برحمتك التى وسعت الكون كله هاتفا «يا رب أمتى أمتى»، فيجيبك الله عز وجل «يا محمد إنك لا تدرى ماذا أحدثوا بعدك»، وأسأل الله ألا أكون من بين أولئك المخيبين لآمالك والحائدين عن طريقك، لست أدرى إلى ماذا أستند فى هذا الأمل، فقد أمرتنا فلم نتبع، ونهيتنا فلم نرتدع، وتركت لنا ما نسمو به فأبَيْنا إلا اتباع ما ننحط إليه وابتداع ما يبعدنا عن دربك، فكيف يكون لى قلب بعد ذلك كى أكتب جوابا لحضرتك أبثك فيه مواجعنا وأشكو لك فيه حالنا وأعترف لك بما أحدثناه من بعدك.

أشعر بخجل شديد وأنا أتصور، مجرد تصور، أن كلماتى قد تصل إليك، دون أن تعلم أنها كلمات شخص أثقلت المعاصى حُموله وسَوّدت الخطايا صحائفه، لكنه مازال آملاً فى رحمة الله وشفاعة نبيه، ومعتذراً إلى الله بيقينه فى مغفرته وسعيه لرحمته، لكنك يا سيدى ومولاى أرفق بنا من أنفسنا، وأرحم بنا ممن حولنا، ومازلنا نتلمس الأمل فى قصص إنسانيتك ورحمتك وحنانك وعطفك على الخطاة وضعاف النفوس والمشمولين بستر الله عز وجل.

صدقنى يا سيدى ومولاى أننى أشعر بخجل مُذِلٍّ مُضِنٍّ مُمِضٍّ عندما أفكر أنك تحملت بطش كفار مكة وتنكيلهم بك ووضعهم الشوك والروث والقاذورات على جسدك الطاهر وتسفيههم لك ومنعهم الناس عنك وتعذيب أصحابك وأحبابك وإخراجك من ديارك والتفريق بينك وبين من تحب، تحملت كل ذلك يا سيدى وأنت لا تعلم أنه سيأتى أناس ينتسبون إلى أمتك فيفعلون ما كان يُفعل بك بأناس آخرين مثلهم دون أن يرعوا فيهم إِلاًّّ ولا ذمة، يبلغ منى القهر كل مبلغ عندما أتذكر أنك تحملت شج رأسك وكسر رباعيتك ونزيف دمائك الطاهرة فى غزوة «أُحد» دون أن تعلم أن دينك الذى حاربت من أجله سيتحول إلى وسيلة لقتل الأبرياء وترويع الآمنين وتكفير المفكرين وتثبيت عروش الطغاة، وكل ذلك على أيدى مَنْ يدّعون انتسابهم إليك وإليه.

لم يكن هذا يا سيدى ومولاى ما حلمت به، وما عشت ومُتَّ من أجله، وما غرسته فى نفوس أصحابك، نحن نذكر اسمك فى اليوم عشرات المرات، ونتوسل به لمن نحب، ونتقى به شر من نكره، ونتوعد به من نعادى، لكننا لا نذكر منك إلا اسمك، لا نذكر أبدا خصالك الحميدة ولا أفعالك الطيبة ولا أقوالك الحكيمة، ونتبجح بعد كل هذا فنعلن نسبتنا إليك ونصلى عليك بألسنتنا وأفعالنا خليقةٌ بأن تُصْلينا سواء الجحيم.

دعوتنا إلى العلم فجهلنا، وإلى أن تكون الحكمة ضالّتنا فأضللناها، وإلى أن نتراحم فتراجمنا وتعادينا وصِرنا شِيَعاً يضرب بعضها رقاب بعض، وكل ضارب يضرب محتمياً بحديث منسوب إليك أو أثر منحول عنك، نهيتنا عن الظلم فصار لنا شِرْعةً ومنهج حياة، وأمرتنا بتوقير الكبير فعبدناه من دون الله.

أمرتنا أن نزوج بناتنا لمن نرضى دينه وخلقه فلم نعد نزوجهن إلا لمن يرضينا ماله ونسبه وإن قل دينه وانعدم خلقه، نفيت صفة الإيمان عمن يبيت شبعان وجاره إلى جنبه جوعان وهو يعلم، فصرنا نحرص على ألا نعلم، يعيش بين ظهرانينا أفحش الناس غنى وأدقع الناس فقراً، تُنفَق الأموال بالملايين تحت أقدام الراقصات وعلى موائد القمار ولتأمين مواكب الحكام،

بينما ينتحر الناس مضحّين بكل شىء خجلا من أسئلة عيون أطفالهم، يسرق فينا الكبير فلا تُشاكه شوكة ويسرق الصغير فتُنشر صوره فى صفحات الحوادث تشهيرا وتجريسا وعقابا، نقيم الحدود فقط على من يدعو للخروج على الحاكم والأخذ على يده، بأسنا بيننا شديد، وذِكْرنا خافٍ بين الأمم، أصبحنا عالة على الدنيا، وحقل تجارب لأقويائها، وهُنّا على أنفسنا فَهُنّا على الناس، أكبر علمنا الدنيا ومبلغ أملنا انقضاء اليوم دون خسائر، وغاية رغبتنا أن يكفينا الله بطش حكامنا بنا، تسلط علينا حكامنا بفضل علماء يُجرون سُنّتك على ألسنتهم فيكتمون منها ما شاؤوا ويجهرون منها بما شاء حكامنا،

أصبح أبناء أمتك يا سيدى ومولاى يُقتلون بأيدى بعضهم البعض، ولا يرعون فى ضعيف أو مقهور إِلاًّ ولا ذمة، ولم يعد للضعفاء والمقهورين فى أمتك إلا أن يتمثلوا سيرتك وأنت تجلس فى بستان الطائف غريباً حزيناً مكسوراً دامياً ضعيفاً وحيداً شريداً طريداً، ترفع يديك إلى السماء وتقول دعاءك الذى صار لنا وَنَساً وأُنساً وبلسماً وشفاء من كل داء «يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربى.. إلى مَنْ تكلنى.. إلى قريب يتجهمنى أم إلى عدو ملَّكته أمرى.. إن لم يكن بك علىّ غضب فلا أبالى ولكن عافيتك أوسع لى.. أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بى غضبك أو ينزل بى سخطك.. لك العُتْبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله».

ذنوبنا كثيرة يا رسول الله، ومازلنا نتمادى فيها ومازلنا نؤجل التوبة طمعا فى الدنيا واغترارا بطول الأجل، ولا ندرى أنُدرك اليوم الذى نشرب فيه من يدك الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبدا، أم أننا لا قدر الله سنعيش بحسرتنا وحيرتنا وظمأ قلوبنا دنيا وآخرة، ولا ندرى قبل ذلك أندرك اليوم الذى لا يُذكر فيه اسمك على لسان فاسد أو ظالم أو موالس أو لص بنوك أو مغتصب سلطة يدعى أنه ينتسب إليك، فاسمك أَجَلُّ من أن يتاجر به أحد هؤلاء، اسمك يخصنا نحن العصاة الراغبين فى التوبة، والخطاة الحالمين برحمة الله، والحائرين اللائذين بأمانك لمن يحتار، والعاشقين عفة وطهراً، والمشتعلين عزما وعزيمة، والباحثين عن طريق يوصلنا إلى حوضك المرصود وِوِرْدِك المورود، والظالمين لأنفسهم المتظلمين بين يديك.. نحن أمتك يا رسول الله فاغفر لنا ما أحدثناه من بعدك، واسق العطاشِ تكرماً فالقلب طاش من الظمأ.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء يناير 04, 2011 9:29 am

«بيرم» وسفلة الأديان

بقلم بلال فضل ٤/ ١/ ٢٠١١

غداً يمر نصف قرن على وفاة فنان الشعب المصرى العظيم بيرم التونسى، للأسف لم تحتفل مصر بالذكرى، ليس لأنها حزينة على تفجيرات الإسكندرية، بل لأنها ليست مهتمة أصلا بأن تحتفى كما يليق بذكرى بيرم وفنه وفكره، فمصر بلاد عظيمة لكنها للأسف يحكمها أناس لا يرتقون إلى مستواها، ولذلك فهم لا يدركون أن الثقافة والمعرفة والفنون والآداب هى وحدها سُبُل الخلاص من أى مشاكل تواجه البلاد أو أزمات تعصف بها.

دائما ما أفتقد بيرم التونسى وأحرص على استعادة فنه وسيرته، لكننى أشعر أن مصر تفتقده الآن بشدة، أشعر أنه لو كان حيا وعايش معنا ما يحدث الآن فى مصر لانفجر بقصيدة بيرمية غاضبة يهاجمنا فيها كلنا، حكومة وشعبا ونخبة وعامة ومشايخ وقساوسة، قصيدة يفتتحها بمطلعه الشهير «أول ما نبدى القول نصلى على النبى نبى عربى.. يلعن أبوك يا..»، ثم ينهال بعدها بفنه لعناً لكل مُتاجر بالدين ومحتكر للسياسة وناشر لليأس وزانٍ بعفيف القول وإرهابى غاشم ومستبد غشيم.

لم تكن مصر معصومة من التطرف الطائفى فى عهد بيرم، لكن الأمر لم يكن قد وصل إلى ما نعيشه الآن من جنون، فى أيامه عندما قام مسيحى متعصب اسمه جرجس قلدس بتوجيه شتيمة إلى النبى عليه الصلاة والسلام متصورا أنه يجامل الإنجليز بذلك، صرخ بيرم بعلو صوته «من عهد ما القرآن هبط.. نزل هنا عمرو وربط.. بينّا وبينكم يا قبط.. عهود وداد متسجلة.. قرآن محمد قال لنا.. عيسى المسيح روح ربنا.. والست مريم ستنا.. تنزل فى أكبر منزلة.. وكان محمد لك نسيب.. يا قبطى دون أهل الصليب.. أبويا ناسب بسخروس.. اسم خالى جرجيوس.. وجد أمى فلتاؤوس.. وأنا اسمى طه أبوالعلا.. قلدس يا جرجس يا غبى.. كل القبط كهل وصبى.. يقولوا من سب النبى.. ينزل لسانه بالبلا»، لكن أبيات بيرم تبدو الآن بدائية للغاية فى هذه الأيام التى تشتعل البلاد فيها من أجل خلاف عائلى بين مسيحى وزوجته، أو بسبب غرام عفيف، وأحيانا غير ذلك، بين مسلم ومسيحية، ولو وقف اليوم شاعر فى محفل عام ليردد للناس أبيات بيرم لسبه الكثيرون فاتهمه بعضهم بالكفر لأنه يُحب المسيحيين وبالتالى سيُحشر معهم يوم القيامة طبقا للفهم الغبى الأجوف للنصوص الدينية، الذى استشرى بين ملايين المصريين، واتهمه بعضهم الآخر بتزييف التاريخ والاحتفاء بمحتل اسمه عمرو بن العاص.

لو كان بيرم حيا بيننا الآن لتمزق قلبه حزنا على الإسكندرية، فهو أجمل مَنْ غنى لها، ولم يكن سيرضيه أن يرى إسكندرية على ما هى عليه اليوم، ربما أجد الآن متنطعاً يعشق التشدق بالكلام الأجوف يقول لى «ومالها إسكندرية.. إسكندرية بخير والوحدة الوطنية زى الفل.. وإحنا نسيج واحد واللى حصل ده سحابة صيف وهتعدى طول ما إحنا واقفين صف خلف القيادة السياسية الحكيمة»، وأنا لن أرد بل سأقرأ الفاتحة وأدعو بالرحمة للذين سقطوا شهداء أمام كنيسة سيدى بشر، والذين سقطوا شهداء تحت أنقاض المصنع المنهار وركام العمارات المبنية بالغش وتحت أقدام المخبرين، وسأكتفى بأن أغنى مع بيرم لإسكندرية مدينتى الجميلة المنتهكة «يا مسلمين لما اسكندر.. حكم على الدنيا ودبّر.. شاف المداين واتخيّر.. إسكندرية وسماها.. يونانى ويحب الغارة.. ورُخره زيه أم منارة.. جبار وعاشق جبارة.. طلع هواه وفق هواها.. اسكندر اللى بجنوده.. الشرق والغرب فى إيده.. والإنس والجن عبيده.. بإسكندرية يتباهى».

بيرم التونسى لا يستحق الاحتفال والاحتفاء، لأنه فقط «أبوشِعْر العامية المصرية»، ولا لأنه أيضا «أبوالصحافة السياسية الساخرة» فى مصر، ولا لأن له فوق كل هذا أيادى بيضاء على السينما المصرية والمسرح المصرى والغناء المصرى والإذاعة المصرية، ولكن لأنه أيضا مفكر من الطراز الرفيع، أعترف أننى كنت أجهل جانبه الفكرى المشرق وجانبه القصصى أيضا، حتى وقعت بالصدفة على الجزء الثانى من مجلدين جمعا آثار بيرم التونسى فى منفاه فى تونس فى مطلع الثلاثينيات، وهى الآثار التى جمعها الكاتب التونسى محمد صالح الجابرى وصدرت ببيروت فى عام ١٩٨٧، ولم تكلف أجهزة الثقافة الرسمية فى بلادنا نفسها عناء إعادة طبعها، فضلا عن أنها لم تكلف نفسها عناء إعادة طبع وتوثيق وتصنيف وتحقيق تراث بيرم التونسى المطبوع والمسموع والمرئى رغم أن ذلك التراث يعتبر تاريخا فنيا وأدبيا للحياة السياسية والاجتماعية فى مصر منذ عشرينيات القرن العشرين وحتى رحيله فى ٥ يناير ١٩٦١، أعلم أن هناك سلسلة كتب صدرت فى مطلع الثمانينيات عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بإشراف الأستاذ رشدى صالح بها أعمال مجمعة لبيرم، لكنها كانت مجمعة تجميعا عشوائيا ليس به تحقيق ولا تدقيق فضلا عن تكرار نشر القصائد ذاتها فى أكثر من جزء، على عكس ما قام به أخونا التونسى الجميل الذى أعقب كل مقال وقصيدة لبيرم بتاريخ نشرها وملابسات ذلك النشر وشرح للأعلام والأماكن والأحداث الوارد ذكرها فى النص، بحيث تشعر أنك تقرأ تاريخا كاملا لبيرم ولتونس فى تلك الفترة.

بهرتنى أعمال بيرم الفكرية والقصصية والدينية المنشورة فى المجلد الذى قرأته، ومازلت أبحث بشغف عن الجزء الأول لتلك الأعمال، توقفت طويلا عند مقال كتبه بيرم بعنوان (هل تحترمون دينكم؟) تعليقا على حملة قامت بها بعض الأقلام المتشددة تكفيرا لمسرحية تونسية كتبها عالم إسلامى، كشف بيرم فى مقاله أن الحملة التى تم شنها على المسرحية لم يكن هدفها الغيرة على الدين بل كانت مدفوعة من جمعية إسلامية منافسة للجمعية التى قدمت المسرحية، وكانت النتيجة ضرب المسرحية بسلاح التكفير الفتاك ليتم وقفها فورا.

كنت أتمنى أن أعيد نشر المقال كاملا، لكننى اخترت لظروف المساحة أن أعيد نشر هذا الجزء منه، يقول بيرم فى وصف بعض من يزعمون أنهم يدافعون عن الإسلام «هذه الطغمة الفاسقة تقترف من ضروب المعاصى ما يلحقها بسكان السعير الأسفل، وتبيت ناسية جرمها مطمئنة إلى إثمها، لا تذكر من كتاب الله آية زجر، ولا من حديث نبيه كلمة وعظ، حتى إذا اشتجر منها رجلان على موسى، أو حذاء قديم، خرج الاثنان إلى الميدان متسلحين بالمصحف، يتقاذفان بآياته الكريمة فى خصامهما الوضيع، ومن هذه الطغمة وحدها تسمع الترامى بكلمات الكفر والإلحاد، بينما المكلفون بالمحافظة على الدين خرس بكم، لا وجود إلا لأشباحهم.

كل السفلة تتغير أساليبها فى الحياة، فلا تبقى اللصوص على طريقة واحدة، ولا الظالمون على وتيرة واحدة، إلا سفلة الأديان، فالدين هو السلاح القديم والجديد، لا يعنيهم أن الناس عرفتهم واستسمجت دعاواهم، ومعظم هؤلاء الرعاع يحمل القلم ليستعمله فى تكفير من لا يعجبه، أو من لا ينتظر منه فائدة، ولكن لا يكون هذا التكفير إلا على صفحات الجرائد، وأما فى أوكارهم التى ينكمشون فيها فالدين أول مسبوب على ألسنتهم، والتاجر ورفقاؤه لا عمل لهم إلا أكل لحوم المسلمين بالغيبة، وتدبير المؤامرات لعباد الله الجادين المخلصين، ثم لا يجدون ما يسترهم إلى التلفع بجبة التقوى يمشون بها فى الأسواق، ولو كان لأحدهم بدلا من هذه الجبة قليل من المال المهم أو الجاه، لما ظهر إلا فى المواخير، ولا ذكر الدين بلسانه طول حياته مهما انمحق هذا الدين وكثر عدد الكفار والملحدين. ويا ضيعة الدين الذى لا يجد من الأنصار غير مخنث يستغفر الله ويذكره، ولص يستنجد بالله ويستنصره، وجهول لا يعرف الإيمان من الكفر، تطوع للجهاد فى سبيل الله فوضع قُبلته على يد المجوسى وبصاقه فى وجه المؤمن ولا يدرى الفرق بين العملين. ويا ضيعة جيش جرار من المسلمين الذين يحترفون الإسلام بمرتبات شهرية يأخذونها فتنسيهم العالم بما فيه من أديان وأنبياء، ولا يحمدون الله إلا يوم الجمعة فى ورقة يقرؤونها فوق المنبر، وكفى بالله شهيدا».

ستُصعق عندما تعرف أن بيرم كتب هذا المقال فى ١٢ ديسمبر سنة ١٩٣٣ فى صحيفة الزمان التونسية، لكنك ربما فهمت من قراءته لماذا لم تحتفل مصر أمس بذكرى بيرم التونسى، ولعلك تجد فى أفكاره مدخلا إضافيا لفهم ما أصبح عليه اليوم حال مصر وحال تونس أيضا، وحال هذا الوطن العربى الذى عاش بيرم ومات حالما بنهضته.

اليوم وأنا أستعيد فن بيرم وسيرته، أبكى من قلبى على حال بلادنا العظيمة لكننى لا أجد أن فى البكاء، رغم نُبله، ما يمثل وفاء أو ردا للجميل أو جدعنة تنتظرها مصر، فأختار أن أهتف بمصر مع بيرم «قومى اقلعى الطرحة السودة يا أم الهرمين.. وركّبى الوردة الموضة.. بين النهدين.. يا أم الخصال المعبودة.. أنا أحطك فين»، لكننى أرى أن مصر لن تستجيب لذلك النداء طالما ظل الملايين من أبنائها فريسة للجهل والتطرف والتعصب، فأتمنى لو امتلكت سبيلا إلى عقل وقلب كل مصرى لأهتف بكلمات بيرم «يا مصرى ليه ترخى دراعك.. والكون ساعك.. ونيل جميل حلو بتاعك.. يشفى اللهاليب.. خلق إلهك مقدونيا.. على سردينيا.. والكل زايطين فى الدنيا.. ليه إنت كئيب.. ما تحط نفسك فى العالى.. وتتباع غالى.. وتتف لى على اللى فى بالى.. من غير ما تعيب».

ألف رحمة ونور يا عم بيرم.
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف sose الثلاثاء يناير 04, 2011 5:50 pm

صرخة على هامش المجزرة

بقلم بلال فضل ٣/ ١/ ٢٠١١

توقفوا عن اللعب بالألفاظ، توقفوا عن الضحك على الذقون، توقفوا عن الكذب، كم عدد الضحايا اللازم لكى تكونوا على قدر المسؤولية وتدركوا أننا أمام مسألة حياة أو موت لهذه البلاد، ولن تزيدها تصريحاتكم البلاغية إلا عكاً وتعقيداً. لا تكذبوا على أنفسكم وعلينا بكلامكم الكبير، مجزرة الإسكندرية كانت موجهة إلى المسيحيين المصريين، ولا تتصوروا أنكم عندما تطلقون تصريحات طنانة رنانة ستخفون تلك الحقيقة المرة، لا تتحججوا بوجود مسجد مواجه للكنيسة لتدعوا أن المجزرة كانت تستهدف المسلمين والمسيحيين، فأنتم تعلمون أنه لا توجد كنيسة فى مصر كلها غير محاطة بمسجد وأكثر، صارحوا أنفسكم ولو لمرة لكى لا تغرق هذه البلاد بنا جميعاً.

كنت قد كتبت مراراً وتكراراً عن دور «اليد الثالثة» فى إشعال الفتنة الطائفية فى مصر، لكننى أعتقد أن هذه المجزرة، أياً كان المستفيد منها أو المخطط لها أو الممول لها، فالذى نفذها على الأغلب شاب يائس يظن أنه يتقرب إلى الله، يريد أن يدخل الجنة لأنه على مدى أشهر متواصلة تعرض لشحن مهول من عشرات الجهات والشخصيات المسلمة والمسيحية كل على طريقته، أصوات تحدثه عن ضرورة التحرك لإنقاذ الأسيرات فى الكنائس، وأصوات تدعى أن الكنائس مليئة بأسلحة مهربة من إسرائيل دون أن يتحرك أحد لمحاسبتها، وأصوات تدعى أن المسلمين ضيوف على مصر وأن «القرآن» محرف، دون أن يتحرك أحد لمحاسبتها ويجبرها على الاعتذار، وأصوات تتحدث فى ميكروفونات المساجد عياناً بياناً عن تحريف الإنجيل ومؤامرات التنصير وتستصرخ الشباب لنصرة الإسلام، كل هذا الخليط من الأصوات المتطرفة كان هو الوقود الذى فجر القنبلة.

أما مكونات القنبلة فلم تكن مسامير ولا باروداً، بل كانت تعليماً منحطاً، وثقافة مشوشة، وتديناً منقوصاً، ووطنية مهزومة، وسلطة مختلة الأولويات، ونفوساً ضائعة مكبوتة الشهوة مقموعة الأحلام منعدمة الخيال. لم يرتكب الجريمة شاب وحيد أو ثلاثة أو أربعة، بل ارتكبها تشكيل عصابى يتزعمه ساسة انشغلوا بمصالحهم الضيقة وكراسيهم ومستقبل أبنائهم، ولذلك سمحوا باستخدام الدين فى لعبة السياسة، وتركوا الكنيسة تتحول إلى دولة للمسيحيين، وسمحوا للمتطرفين المسلمين بأن يعيثوا فى مصر جهلا وتطرفاً، قتلوا السياسة خوفاً على كراسيهم فهرب الناس إلى الدين، احتكروا مباهج الدنيا فلاذ الناس بأحلام الخلاص فى الآخرة، كَرّهوا الناس فى الوطن فبدأوا يهتفون باسم الصليب تارة وباسم القرآن تارة أخرى.

الأخطر من المجزرة هو ما تلاها، أعتقد أن المتآمرين ربما اندهشوا مما حدث، لأن ما حلموا به جاء أسرع مما توقعوه، لعلهم قبل حدوث المجزرة تحسبوا أنها ربما أدت إلى عكس هدفها، فيبادر المسلمون والمسيحيون فور وقوع المجزرة ليتحدوا صفا واحدا وينقذوا بلادهم من الضياع، لكنهم ربما لم يتوقعوا أننا لم نعد شركاء فى الوطن بقدر ما بتنا شركاء فى التخلف، لعلهم اندهشوا وهم يرون كيف جرى المسيحيون الغاضبون إلى المسجد المجاور لينفسوا برعونة عن غضبهم وإحباطهم، لعلهم لم يصدقوا كيف تحول الأمر بسرعة مذهلة إلى معركة بين المسيحيين وقوات الأمن المرتبكة والمسلمين الذين جروا بالشوم لكى يحموا المسجد، كل هذا قبل أن تجف الدماء التى سالت على الأسفلت.

ما أسهل أن نكذب على أنفسنا، ما أسهل أن ندعى أن كل شىء على ما يرام، ما أسهل أن نستسلم لراحة البلاغة الرسمية وخدر الشعارات الشعبية، ما أسهل أن ينشكح المسؤولون لأن كل واحد منهم طلع فى نشرة الأخبار وضرب عيارين استنكار وعاد إلى قصره المنيف مستريحا، لكن ما أصعب أن نتحمل مرارة تنظيف الجراح الملوثة المتعفنة، ما أصعب أن نواجه أنفسنا بالحقيقة المرة أننا لم نعد كما كُنّا، وأن التطرف نخر فى البنية التحتية للمجتمع المصرى، وأن مواجهته أصبحت مسألة حياة أو موت، وأن خلاصنا الوحيد فى التغيير، تغيير أفكارنا المتعصبة ومفاهيمنا البائسة للكون والحياة، والأهم من ذلك كله تغيير ساستنا الفشلة.

رحم الله شهداء الإسكندرية، ويا بخت المستبدين بالإرهابيين، ولا خلاص لمصر إلا بالخلاص من الاثنين.
sose
sose
شمسولوجي ذهبي
شمسولوجي ذهبي

عدد المشاركات : 1211
البلد : ..
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Tired
اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Notinm10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء يناير 04, 2011 6:30 pm


شكرا سوسي ع المتابعة Smile
Admin
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 13407
البلد : هنـا .. في مكـاني
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Innocent

http://www.shamsology.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف snow_white الأربعاء يناير 05, 2011 6:45 am

«بيرم» وسفلة الأديان

غداً يمر نصف قرن على وفاة فنان الشعب المصرى العظيم بيرم التونسى، للأسف لم تحتفل مصر بالذكرى، ليس لأنها حزينة على تفجيرات الإسكندرية، بل لأنها ليست مهتمة أصلا بأن تحتفى كما يليق بذكرى بيرم وفنه وفكره، فمصر بلاد عظيمة لكنها للأسف يحكمها أناس لا يرتقون إلى مستواها، ولذلك فهم لا يدركون أن الثقافة والمعرفة والفنون والآداب هى وحدها سُبُل الخلاص من أى مشاكل تواجه البلاد أو أزمات تعصف بها.

دائما ما أفتقد بيرم التونسى وأحرص على استعادة فنه وسيرته، لكننى أشعر أن مصر تفتقده الآن بشدة، أشعر أنه لو كان حيا وعايش معنا ما يحدث الآن فى مصر لانفجر بقصيدة بيرمية غاضبة يهاجمنا فيها كلنا، حكومة وشعبا ونخبة وعامة ومشايخ وقساوسة، قصيدة يفتتحها بمطلعه الشهير «أول ما نبدى القول نصلى على النبى نبى عربى.. يلعن أبوك يا..»، ثم ينهال بعدها بفنه لعناً لكل مُتاجر بالدين ومحتكر للسياسة وناشر لليأس وزانٍ بعفيف القول وإرهابى غاشم ومستبد غشيم.

لم تكن مصر معصومة من التطرف الطائفى فى عهد بيرم، لكن الأمر لم يكن قد وصل إلى ما نعيشه الآن من جنون، فى أيامه عندما قام مسيحى متعصب اسمه جرجس قلدس بتوجيه شتيمة إلى النبى عليه الصلاة والسلام متصورا أنه يجامل الإنجليز بذلك، صرخ بيرم بعلو صوته «من عهد ما القرآن هبط.. نزل هنا عمرو وربط.. بينّا وبينكم يا قبط.. عهود وداد متسجلة.. قرآن محمد قال لنا.. عيسى المسيح روح ربنا.. والست مريم ستنا.. تنزل فى أكبر منزلة.. وكان محمد لك نسيب.. يا قبطى دون أهل الصليب.. أبويا ناسب بسخروس.. اسم خالى جرجيوس.. وجد أمى فلتاؤوس.. وأنا اسمى طه أبوالعلا.. قلدس يا جرجس يا غبى.. كل القبط كهل وصبى.. يقولوا من سب النبى.. ينزل لسانه بالبلا»، لكن أبيات بيرم تبدو الآن بدائية للغاية فى هذه الأيام التى تشتعل البلاد فيها من أجل خلاف عائلى بين مسيحى وزوجته، أو بسبب غرام عفيف، وأحيانا غير ذلك، بين مسلم ومسيحية، ولو وقف اليوم شاعر فى محفل عام ليردد للناس أبيات بيرم لسبه الكثيرون فاتهمه بعضهم بالكفر لأنه يُحب المسيحيين وبالتالى سيُحشر معهم يوم القيامة طبقا للفهم الغبى الأجوف للنصوص الدينية، الذى استشرى بين ملايين المصريين، واتهمه بعضهم الآخر بتزييف التاريخ والاحتفاء بمحتل اسمه عمرو بن العاص.

لو كان بيرم حيا بيننا الآن لتمزق قلبه حزنا على الإسكندرية، فهو أجمل مَنْ غنى لها، ولم يكن سيرضيه أن يرى إسكندرية على ما هى عليه اليوم، ربما أجد الآن متنطعاً يعشق التشدق بالكلام الأجوف يقول لى «ومالها إسكندرية.. إسكندرية بخير والوحدة الوطنية زى الفل.. وإحنا نسيج واحد واللى حصل ده سحابة صيف وهتعدى طول ما إحنا واقفين صف خلف القيادة السياسية الحكيمة»، وأنا لن أرد بل سأقرأ الفاتحة وأدعو بالرحمة للذين سقطوا شهداء أمام كنيسة سيدى بشر، والذين سقطوا شهداء تحت أنقاض المصنع المنهار وركام العمارات المبنية بالغش وتحت أقدام المخبرين، وسأكتفى بأن أغنى مع بيرم لإسكندرية مدينتى الجميلة المنتهكة «يا مسلمين لما اسكندر.. حكم على الدنيا ودبّر.. شاف المداين واتخيّر.. إسكندرية وسماها.. يونانى ويحب الغارة.. ورُخره زيه أم منارة.. جبار وعاشق جبارة.. طلع هواه وفق هواها.. اسكندر اللى بجنوده.. الشرق والغرب فى إيده.. والإنس والجن عبيده.. بإسكندرية يتباهى».

بيرم التونسى لا يستحق الاحتفال والاحتفاء، لأنه فقط «أبوشِعْر العامية المصرية»، ولا لأنه أيضا «أبوالصحافة السياسية الساخرة» فى مصر، ولا لأن له فوق كل هذا أيادى بيضاء على السينما المصرية والمسرح المصرى والغناء المصرى والإذاعة المصرية، ولكن لأنه أيضا مفكر من الطراز الرفيع، أعترف أننى كنت أجهل جانبه الفكرى المشرق وجانبه القصصى أيضا، حتى وقعت بالصدفة على الجزء الثانى من مجلدين جمعا آثار بيرم التونسى فى منفاه فى تونس فى مطلع الثلاثينيات، وهى الآثار التى جمعها الكاتب التونسى محمد صالح الجابرى وصدرت ببيروت فى عام ١٩٨٧، ولم تكلف أجهزة الثقافة الرسمية فى بلادنا نفسها عناء إعادة طبعها، فضلا عن أنها لم تكلف نفسها عناء إعادة طبع وتوثيق وتصنيف وتحقيق تراث بيرم التونسى المطبوع والمسموع والمرئى رغم أن ذلك التراث يعتبر تاريخا فنيا وأدبيا للحياة السياسية والاجتماعية فى مصر منذ عشرينيات القرن العشرين وحتى رحيله فى ٥ يناير ١٩٦١، أعلم أن هناك سلسلة كتب صدرت فى مطلع الثمانينيات عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بإشراف الأستاذ رشدى صالح بها أعمال مجمعة لبيرم، لكنها كانت مجمعة تجميعا عشوائيا ليس به تحقيق ولا تدقيق فضلا عن تكرار نشر القصائد ذاتها فى أكثر من جزء، على عكس ما قام به أخونا التونسى الجميل الذى أعقب كل مقال وقصيدة لبيرم بتاريخ نشرها وملابسات ذلك النشر وشرح للأعلام والأماكن والأحداث الوارد ذكرها فى النص، بحيث تشعر أنك تقرأ تاريخا كاملا لبيرم ولتونس فى تلك الفترة.

بهرتنى أعمال بيرم الفكرية والقصصية والدينية المنشورة فى المجلد الذى قرأته، ومازلت أبحث بشغف عن الجزء الأول لتلك الأعمال، توقفت طويلا عند مقال كتبه بيرم بعنوان (هل تحترمون دينكم؟) تعليقا على حملة قامت بها بعض الأقلام المتشددة تكفيرا لمسرحية تونسية كتبها عالم إسلامى، كشف بيرم فى مقاله أن الحملة التى تم شنها على المسرحية لم يكن هدفها الغيرة على الدين بل كانت مدفوعة من جمعية إسلامية منافسة للجمعية التى قدمت المسرحية، وكانت النتيجة ضرب المسرحية بسلاح التكفير الفتاك ليتم وقفها فورا.

كنت أتمنى أن أعيد نشر المقال كاملا، لكننى اخترت لظروف المساحة أن أعيد نشر هذا الجزء منه، يقول بيرم فى وصف بعض من يزعمون أنهم يدافعون عن الإسلام «هذه الطغمة الفاسقة تقترف من ضروب المعاصى ما يلحقها بسكان السعير الأسفل، وتبيت ناسية جرمها مطمئنة إلى إثمها، لا تذكر من كتاب الله آية زجر، ولا من حديث نبيه كلمة وعظ، حتى إذا اشتجر منها رجلان على موسى، أو حذاء قديم، خرج الاثنان إلى الميدان متسلحين بالمصحف، يتقاذفان بآياته الكريمة فى خصامهما الوضيع، ومن هذه الطغمة وحدها تسمع الترامى بكلمات الكفر والإلحاد، بينما المكلفون بالمحافظة على الدين خرس بكم، لا وجود إلا لأشباحهم.

كل السفلة تتغير أساليبها فى الحياة، فلا تبقى اللصوص على طريقة واحدة، ولا الظالمون على وتيرة واحدة، إلا سفلة الأديان، فالدين هو السلاح القديم والجديد، لا يعنيهم أن الناس عرفتهم واستسمجت دعاواهم، ومعظم هؤلاء الرعاع يحمل القلم ليستعمله فى تكفير من لا يعجبه، أو من لا ينتظر منه فائدة، ولكن لا يكون هذا التكفير إلا على صفحات الجرائد، وأما فى أوكارهم التى ينكمشون فيها فالدين أول مسبوب على ألسنتهم، والتاجر ورفقاؤه لا عمل لهم إلا أكل لحوم المسلمين بالغيبة، وتدبير المؤامرات لعباد الله الجادين المخلصين، ثم لا يجدون ما يسترهم إلى التلفع بجبة التقوى يمشون بها فى الأسواق، ولو كان لأحدهم بدلا من هذه الجبة قليل من المال المهم أو الجاه، لما ظهر إلا فى المواخير، ولا ذكر الدين بلسانه طول حياته مهما انمحق هذا الدين وكثر عدد الكفار والملحدين. ويا ضيعة الدين الذى لا يجد من الأنصار غير مخنث يستغفر الله ويذكره، ولص يستنجد بالله ويستنصره، وجهول لا يعرف الإيمان من الكفر، تطوع للجهاد فى سبيل الله فوضع قُبلته على يد المجوسى وبصاقه فى وجه المؤمن ولا يدرى الفرق بين العملين. ويا ضيعة جيش جرار من المسلمين الذين يحترفون الإسلام بمرتبات شهرية يأخذونها فتنسيهم العالم بما فيه من أديان وأنبياء، ولا يحمدون الله إلا يوم الجمعة فى ورقة يقرؤونها فوق المنبر، وكفى بالله شهيدا».

ستُصعق عندما تعرف أن بيرم كتب هذا المقال فى ١٢ ديسمبر سنة ١٩٣٣ فى صحيفة الزمان التونسية، لكنك ربما فهمت من قراءته لماذا لم تحتفل مصر أمس بذكرى بيرم التونسى، ولعلك تجد فى أفكاره مدخلا إضافيا لفهم ما أصبح عليه اليوم حال مصر وحال تونس أيضا، وحال هذا الوطن العربى الذى عاش بيرم ومات حالما بنهضته.

اليوم وأنا أستعيد فن بيرم وسيرته، أبكى من قلبى على حال بلادنا العظيمة لكننى لا أجد أن فى البكاء، رغم نُبله، ما يمثل وفاء أو ردا للجميل أو جدعنة تنتظرها مصر، فأختار أن أهتف بمصر مع بيرم «قومى اقلعى الطرحة السودة يا أم الهرمين.. وركّبى الوردة الموضة.. بين النهدين.. يا أم الخصال المعبودة.. أنا أحطك فين»، لكننى أرى أن مصر لن تستجيب لذلك النداء طالما ظل الملايين من أبنائها فريسة للجهل والتطرف والتعصب، فأتمنى لو امتلكت سبيلا إلى عقل وقلب كل مصرى لأهتف بكلمات بيرم «يا مصرى ليه ترخى دراعك.. والكون ساعك.. ونيل جميل حلو بتاعك.. يشفى اللهاليب.. خلق إلهك مقدونيا.. على سردينيا.. والكل زايطين فى الدنيا.. ليه إنت كئيب.. ما تحط نفسك فى العالى.. وتتباع غالى.. وتتف لى على اللى فى بالى.. من غير ما تعيب».

ألف رحمة ونور يا عم بيرم.
snow_white
snow_white
مــراقــب قـسـم
مــراقــب قـسـم

عدد المشاركات : 3449
تاريخ التسجيل : 03/07/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Depressed
اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 4thyea10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف sose الأربعاء يناير 05, 2011 6:58 am

sorry يا سنو بس دى موجودة فعلا ادمن جابها قبل كده Smile
sose
sose
شمسولوجي ذهبي
شمسولوجي ذهبي

عدد المشاركات : 1211
البلد : ..
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Tired
اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Notinm10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Empty رد: اصطباحة - بلال فضل

مُساهمة من طرف sose الأربعاء يناير 05, 2011 7:01 am

امشوا يرحمكم الله

بقلم بلال فضل ٥/ ١/ ٢٠١١

من قال لحكومتنا التعيسة إن شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف لديهم أصلاً مصداقية عالية وشعبية جارفة فى أوساط المسلمين لكى تقرر أن يكونوا رؤوس حربتها فى معركتها مع الفتنة الطائفية؟. لماذا لم تسأل القيادة السياسية أجهزتها الأمنية عن حجم شعبية هؤلاء المشايخ فى أوساط المصريين المسلمين قبل أن تبعثهم ليتعرضوا للإهانة من شباب مسيحى طائش؟، هل تظن أنها يمكن أن تستفيد من هذه المكانات الدينية الرفيعة شيئاً يُذكر سواء بين المسلمين أو المسيحيين بعد أن ورطت أصحابها عبر السنين فى السكوت على تزوير الانتخابات وانتهاك حقوق الإنسان والتطبيع مع الصهاينة وبيع كل شىء بالرخيص؟

الآن تذكرتم أن هناك مكاناً اسمه الأزهر لابد أن تكون له مكانة وتأثير ودور؟، الآن تذكرتم أن الساحة يجب أن تخلو من أصوات المتطرفين الذين فتحتم لهم منابر المساجد والقنوات الفضائية على البهلى وجعلتموهم يُخصون قدرة الناس على التفكير والإبداع؟، الآن فقط تنتظرون نجدة من الأزهر ودار الإفتاء بعد أن أصبح أى شيخ يخطب فى جامع بمنطقة عشوائية أكثر تأثيراً وانتشاراً من كل مشايخ الأزهر ودار الإفتاء؟، الآن بعد أن حولتم شيوخ الأزهر إلى موظفين لا يمتلكون استقلالية ولا خيالاً تنتظرون منهم أن يبعثوا الدين الصحيح فى نفوس الشباب؟، هل تتوقعون أن الشباب الذى احتل التطرف فكره وعقله سيقشعر جسده من حديث الدكتور زقزوق الذى لا يبعث إلا على الرغبة فى النوم؟

اتقوا الله فى هذه البلاد، وجربوا سكة السلامة ولو لمرة واحدة، لقد فات الوقت على حلول المرحوم حسن الإمام يا سادة، احتضان الشيخ للقسيس كان مجدياً عندما كان عدونا واحداً، عندما كان عدونا خارجياً، أما الآن فبفضل سياساتكم الفاشلة المستبدة قصيرة النظر المتخبطة عبر عشرات السنين فقد صرنا أعداء لأنفسنا، لقد فعلتم بالمصريين ما لم تفعله بهم جيوش العدوان الثلاثى مجتمعة، كسرتم إرادتهم التى لم تنكسر أمام الأساطيل والطائرات والدبابات، هزمتم هذا الشعب من الداخل، جعلتموه شعباً يحتار فيه أطباء النفس وخبراء الاجتماع، وظننتم أن هناك استقراراً يمكن أن يحدث فى ظل شعب بلا تعليم ولا ثقافة ولا خيال ولا إبداع. إذا كان هناك حل يمكن أن نبدأ به ضمن حزمة حلول معقدة وطويلة المدى فهو بالضرورة حل سياسى يمكن تلخيصه فى كلمتين لا ثالث لهما: الدولة المدنية.

ينبغى أن يكون الهدف القومى لمصر فى المرحلة القادمة، من أكبر رأس إلى أصغر رأس، هو استعادة المصريين جميعاً إلى حضن الدولة، نعم، الدولة، هذه الكلمة التى صارت ببركاتكم سيئة السمعة، نريد دولة لا يتحدث فيها قسيس باسم المسلمين ولا يتحدث فيها شيخ باسم المسلمين، نريد دولة تتحدث باسم الجميع، دولة تكفل حرية العقيدة للجميع، دولة يكون بها قانون موحد لدور العبادة ويكون فيها المسجد مقدسا كالكنيسة دون أن تجعله تلك القداسة مكانا فوق طائلة القانون، دولة لا يكون فيها للمسيحى ولا للمسلم وكلاء يتحدثون باسمه أو يأتون له بحقه، دولة يسودها العدل الذى هو أساس الملك، تلك الجملة التى يبدو أنكم لم تأخذوها أيام المدرسة، دولة تمنع التمييز بين المصريين على أساس الدين أو الجنس أو اللون أو الثروة أو العِزوة، دولة تجعل الدين سلوكا لا مظهرا.

دولة تُعَلِّم أطفالها فى جميع مناهج التعليم كيف يُحيون روح الدين، ولا تطبق سياسات تزهق روح الدين والدنيا معا، وهى بالمناسبة دولة لن يصنعها أبداً محترفو انتخابات مزورة ولا أصحاب مصالح ضيقة ولا عديمو خيال ولا مهاويس سلطة، بل سيصنعها الشعب المصرى إذا أراد الحياة، وإذا أدرك أنه يقف على آخر مفترق طرق، وأنه لن يحصل على جنة السماء إلا إذا حاول أولاً صنعها على الأرض.
هذا الحل، أو حَلّ وِسطنا جميعا.
sose
sose
شمسولوجي ذهبي
شمسولوجي ذهبي

عدد المشاركات : 1211
البلد : ..
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
المود : اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Tired
اصطباحة - بلال فضل  - صفحة 2 Notinm10

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 6 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى