من محاسن الشريعة و سماحتها في التعامل مع غير المسلمين
صفحة 1 من اصل 1
من محاسن الشريعة و سماحتها في التعامل مع غير المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد
إن الله تبارك وتعالى شرع لعباده دينا قويما وهداهم صراطا مستقيما من اتبعه رشد واهتدى ، ومن ضل عنه فقد خسر خسرانا مبينا ، وهذا الدين الذي بعث الله به سيد المرسلين دين خاتم مهيمن على جميع الأديان قبله ، وهو رسالة الله الخاتمة إلى جميع الثقلين إلى قيام الساعة ، واقتضى ذلك أن يكون في هذه الرسالة من الخصائص والسمات ما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان إلى جميع أمم الأرض ، ومن هذه الخصائص السماحة واليسر في كل شأن من شئون الحياة في العبادات والمعاملات والأخلاق والآداب مع المسلمين وغير المسلمين
قد قضى الله سبحانه وتعالى وقدر أن لا يؤمن أهل الأرض كلهم وله الحكمة التامة في ذلك والحجة البالغة ، قال تعالى ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ )(سورة يوسف الآية 103) وقال تعالى ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(سورة يونس الآية 99) .
ولذلك فإن التشريع الإسلامي نظم علاقة المسلم مع غيره من بني جنسه أفرادا ومجتمعات ووضع الضوابط الكاملة في ذلك داخل المجتمع الإسلامي وخارجه .
و قد شرع الإسلام لغير المسلمين المعاملة الحسنة لقوله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين } [ الممتحنة : 8 ] وهذه الآية أصل في معاملة غير المسلمين المعاهدين، وحكمها باق غير منسوخ
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : معنى الآية الرخصة في الإحسان إلى الكفار والصدقة عليهم إذا كانوا مسالمين بموجب عهد أو أمان أو ذمة.
إن فهم مدلول السماحة وأنها تعني المسامحة والمساهلة لا يعني بحال التفريط في شيء من أصول الدين أو فروعه ، كما أن التفريط في فهم سماحة الإسلام وتطبيقها قد يفضي إلى التشديد والتنفير من هذا الدين وقد قال تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(سورة الحج الآية 78) وقال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(سورة البقرة الآية 185) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : هلك المتنطعون قالها ثلاثا ، والمتنطعون : المتشددون في غير موضع التشديد .
والسماحة لا تعني الضعف والإسلام يأبى الضيم ويرفض لأتباعه الذل والهوان والمؤمن عزيز بإيمانه وإسلامه قوي بهما ، ومن يظنون السماحة والصفح والحلم والعفو ضعفا لا يدركون عظمة هذا الدين .
والسماحة كبقية المعاني العظيمة التي جاء بها الإسلام كالوسطية والتيسير والعدل والعفو والصفح وغير ذلك لها ضابطها الشرعي الذي إن حادت عنه كانت عقبة كئودا في فهم طبيعة الإسلام
و من صور محاسن الشريعة و سماحتها في التعامل مع غير المسلمين
1-إن الإسلام لم يقم على اضطهاد مخالفيه أو مصادرة حقوقهم أو تحويلهم بالكره عن عقائدهم ، ولو أكره أحد على الإسلام فإنه لا يصح إسلامه
فالإسلام يأبى أن يدخل أحد فيه مكرهًا أو مجبرًا، وإنما الدخول في الإسلام يجب أن يكون عن اختيار وطواعية
قال الله -تعالى-: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (البقرة:256)، وقال الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس:99).
قال في المغني : "وإذا أكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه كالذمي والمستأمن فأسلم لم يثبت له حكم الإسلام حتى يوجد منه ما يدل على إسلامه طوعا" .
ونقل ابن قدامة إجماع أهل العلم على أن الذمي إذا أقام على ما عوهد عليه والمستأمن ، لا يجوز نقض عهده ولا إكراهه على ما لم يلتزمه .
2- أن يدعوه إلى الله ويبين له حقيقة الإسلام، حيث أمكنه ذلك وحيث كانت لديه البصيرة؛ لأن هذا هو أعظم الإحسان، وأهم الإحسان، الذي يهديه المسلم إلى مواطنه وإلى من اجتمع به من اليهود أو النصارى أو غيرهم
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر وأمره أن يدعو إلى الإسلام قال: ((فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم)) متفق على صحته.
فدعوته إلى الله وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك من أهم المهمات ومن أفضل القربات.
3- لا يجوز أن يظلمه في نفس ولا في مال ولا في عرض إذا كان ذميا أو مستأمنا أو معاهدا فإنه يؤدي إليه الحق فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة ولا بالخيانة ولا بالغش، ولا يظلمه في بدنه لا بضرب ولا بغيره؛ لأن كونه معاهدا أو ذميا في البلد أو مستأمنا يعصمه.
4- شرع للمسلم أن يكون حسن المعاملة رقيق الجانب لين القول مع المسلمين وغير المسلمين فيحسن جوارهم ويقبل ضيافتهم ويصاهرهم
5- شرع الإسلام مواساة غير المسلمين بالمال عند الحاجة، ويواسيهم عند المصيبة، فشرع للمسلم أن يعطيهم من الصدقة، وقد مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند مقدمه إلى أرض الشام بقوم مجذومين من النصارى فأمر أن يعطوا من الصدقات وأن يجرى عليهم القوت.
6- ويعود مريضهم واستند من أباحها من العلماء إلى ما جاء في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه « أن غلاما يهودي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال : أسلم ، فأسلم »
قال شيخ الإسلام ابن تيمية " عيادته - يعني النصراني- لا بأس بها فإنه قد يكون في ذلك مصلحة لتأليفه على الإسلام. "
7- ويهنئهم بما تشرع فيه التهنئة كالتهنئة بالمولود والزواج ويناديهم بأسمائهم المحببة إليهم تأليفا لهم
8- صلة الرحم من الأخلاق المحمودة عند كل عاقل وفي كل دين ، ولا بأس أن يصل المسلم غير المسلم قريبا كان أو بعيدا ، وتتأكد الصلة في حق الوالدين كما سبق ذكره في الآية قبل ذلك ، وفي البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : « قدمت أمي وهي مشركة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصل أمي ؟قال: نعم صلي أمك »
قال ابن حجر قولها راغبة " أي راغبة في شيء تأخذه وهي على شركها "
ولهذا استأذنت أسماء أن تصلها ولو كانت راغبة في الإسلام لم تحتج إلى إذن.
وكما يجوز صلة القريب والإهداء إليه ، فإنه يجوز قبول هديته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مشكم في خيبر، حيث أهدت له شاة مشوية مسمومة كما ثبت ذلك في السنة.
قال ابن باز رحمه الله ويحسن إليه -أي غير المسلم- ويتصدق عليه إن كان فقيرا ، ويهدى إليه إن كان غنيا ، وينصح له فيما ينفعه لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام والدخول فيه . أهـ
9- ومن سماحة الإسلام في المعاملة أن شرع العدل مع المخالف وجعل ذلك دليلا على التقوى التي رتب عليها أعظم الجزاء قال تعالى : ( يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) سورة المائدة الآية 8
10- لقد أطلق الإسلام على غير المسلمين الذين لهم ذمة أهل الذمة وعاملهم بها وهي تعني : العهد والأمان والضمان ، والحرمة والحق وهو عهد منسوب إلى الله عز وجل وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن الأثير : "وسمي أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم" .
وهي تسمية تنطق بما يحمله المسلمون لهم من كفالة الأمن والعيش في سلام بين المسلمين طالما أنهم على عهدهم.
11- لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك ، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير
12- ومن ذلك أيضا إعانة المحتاج سواء كان بكفالة العاجز منهم أو كبير السن ، وهذا هو ما سار عليه الخلفاء الراشدون في صدر الإسلام في معاملتهم لأهل الذمة
ففي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كتب خالد بن الوليد رضي الله عنه في عقد الذمة لأهل الحيرة بالعراق - وكانوا نصارى - وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله.
ويدخل في ذلك إغاثة الملهوف وإسعاف المحتاج منهم كما لو وجد مصابا أو من انقطع به الطريق فلا حرج أن يعينه
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " قضاء حاجة الكافر لا بأس بها إذا كان ليس فيها معصية." أهـ
.
.
إن الشريعة الإسلامية كلها رحمة وكلها عدل وكلها خير ليس للمسلمين فقط بل لمن حُكم بها من المسلمين ومن غير المسلمين.
"ما أعظمه من دين وما أعظمها من شريعة وما أفخرنا نحن فخرًا عزيزًا بأنا ننتمي لهذا الدين الذي يطبق هذه الشريعة".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم
على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقول بتصرف من مقالات متنوعة
1- معاملة غير المسلمين في الإسلام
2- سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين في الشريعة الإسلامية والقانون اليمني أ / خالد أحمد محمد
3- سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين د . عبد الله بن إبراهيم اللحيدان
4- قواعد الإسلام في التعامل مع غير المسلمين .. د/راغب السرجاني
5- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز
6- الإحسان إلى غير المسلمين وأثره في الدعوة إلى الله
7- سماحة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع غير المسلمين أ.د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين
8- من سماحة الإسلام مع غير المسلمين كتبه/ علاء بكر
9- أصول التعامل مع غير المسلمين الشيخ علي بن نايف الشحود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد
إن الله تبارك وتعالى شرع لعباده دينا قويما وهداهم صراطا مستقيما من اتبعه رشد واهتدى ، ومن ضل عنه فقد خسر خسرانا مبينا ، وهذا الدين الذي بعث الله به سيد المرسلين دين خاتم مهيمن على جميع الأديان قبله ، وهو رسالة الله الخاتمة إلى جميع الثقلين إلى قيام الساعة ، واقتضى ذلك أن يكون في هذه الرسالة من الخصائص والسمات ما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان إلى جميع أمم الأرض ، ومن هذه الخصائص السماحة واليسر في كل شأن من شئون الحياة في العبادات والمعاملات والأخلاق والآداب مع المسلمين وغير المسلمين
قد قضى الله سبحانه وتعالى وقدر أن لا يؤمن أهل الأرض كلهم وله الحكمة التامة في ذلك والحجة البالغة ، قال تعالى ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ )(سورة يوسف الآية 103) وقال تعالى ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(سورة يونس الآية 99) .
ولذلك فإن التشريع الإسلامي نظم علاقة المسلم مع غيره من بني جنسه أفرادا ومجتمعات ووضع الضوابط الكاملة في ذلك داخل المجتمع الإسلامي وخارجه .
و قد شرع الإسلام لغير المسلمين المعاملة الحسنة لقوله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين } [ الممتحنة : 8 ] وهذه الآية أصل في معاملة غير المسلمين المعاهدين، وحكمها باق غير منسوخ
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : معنى الآية الرخصة في الإحسان إلى الكفار والصدقة عليهم إذا كانوا مسالمين بموجب عهد أو أمان أو ذمة.
إن فهم مدلول السماحة وأنها تعني المسامحة والمساهلة لا يعني بحال التفريط في شيء من أصول الدين أو فروعه ، كما أن التفريط في فهم سماحة الإسلام وتطبيقها قد يفضي إلى التشديد والتنفير من هذا الدين وقد قال تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(سورة الحج الآية 78) وقال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(سورة البقرة الآية 185) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : هلك المتنطعون قالها ثلاثا ، والمتنطعون : المتشددون في غير موضع التشديد .
والسماحة لا تعني الضعف والإسلام يأبى الضيم ويرفض لأتباعه الذل والهوان والمؤمن عزيز بإيمانه وإسلامه قوي بهما ، ومن يظنون السماحة والصفح والحلم والعفو ضعفا لا يدركون عظمة هذا الدين .
والسماحة كبقية المعاني العظيمة التي جاء بها الإسلام كالوسطية والتيسير والعدل والعفو والصفح وغير ذلك لها ضابطها الشرعي الذي إن حادت عنه كانت عقبة كئودا في فهم طبيعة الإسلام
و من صور محاسن الشريعة و سماحتها في التعامل مع غير المسلمين
1-إن الإسلام لم يقم على اضطهاد مخالفيه أو مصادرة حقوقهم أو تحويلهم بالكره عن عقائدهم ، ولو أكره أحد على الإسلام فإنه لا يصح إسلامه
فالإسلام يأبى أن يدخل أحد فيه مكرهًا أو مجبرًا، وإنما الدخول في الإسلام يجب أن يكون عن اختيار وطواعية
قال الله -تعالى-: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (البقرة:256)، وقال الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس:99).
قال في المغني : "وإذا أكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه كالذمي والمستأمن فأسلم لم يثبت له حكم الإسلام حتى يوجد منه ما يدل على إسلامه طوعا" .
ونقل ابن قدامة إجماع أهل العلم على أن الذمي إذا أقام على ما عوهد عليه والمستأمن ، لا يجوز نقض عهده ولا إكراهه على ما لم يلتزمه .
2- أن يدعوه إلى الله ويبين له حقيقة الإسلام، حيث أمكنه ذلك وحيث كانت لديه البصيرة؛ لأن هذا هو أعظم الإحسان، وأهم الإحسان، الذي يهديه المسلم إلى مواطنه وإلى من اجتمع به من اليهود أو النصارى أو غيرهم
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر وأمره أن يدعو إلى الإسلام قال: ((فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم)) متفق على صحته.
فدعوته إلى الله وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك من أهم المهمات ومن أفضل القربات.
3- لا يجوز أن يظلمه في نفس ولا في مال ولا في عرض إذا كان ذميا أو مستأمنا أو معاهدا فإنه يؤدي إليه الحق فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة ولا بالخيانة ولا بالغش، ولا يظلمه في بدنه لا بضرب ولا بغيره؛ لأن كونه معاهدا أو ذميا في البلد أو مستأمنا يعصمه.
4- شرع للمسلم أن يكون حسن المعاملة رقيق الجانب لين القول مع المسلمين وغير المسلمين فيحسن جوارهم ويقبل ضيافتهم ويصاهرهم
5- شرع الإسلام مواساة غير المسلمين بالمال عند الحاجة، ويواسيهم عند المصيبة، فشرع للمسلم أن يعطيهم من الصدقة، وقد مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند مقدمه إلى أرض الشام بقوم مجذومين من النصارى فأمر أن يعطوا من الصدقات وأن يجرى عليهم القوت.
6- ويعود مريضهم واستند من أباحها من العلماء إلى ما جاء في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه « أن غلاما يهودي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال : أسلم ، فأسلم »
قال شيخ الإسلام ابن تيمية " عيادته - يعني النصراني- لا بأس بها فإنه قد يكون في ذلك مصلحة لتأليفه على الإسلام. "
7- ويهنئهم بما تشرع فيه التهنئة كالتهنئة بالمولود والزواج ويناديهم بأسمائهم المحببة إليهم تأليفا لهم
8- صلة الرحم من الأخلاق المحمودة عند كل عاقل وفي كل دين ، ولا بأس أن يصل المسلم غير المسلم قريبا كان أو بعيدا ، وتتأكد الصلة في حق الوالدين كما سبق ذكره في الآية قبل ذلك ، وفي البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : « قدمت أمي وهي مشركة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصل أمي ؟قال: نعم صلي أمك »
قال ابن حجر قولها راغبة " أي راغبة في شيء تأخذه وهي على شركها "
ولهذا استأذنت أسماء أن تصلها ولو كانت راغبة في الإسلام لم تحتج إلى إذن.
وكما يجوز صلة القريب والإهداء إليه ، فإنه يجوز قبول هديته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مشكم في خيبر، حيث أهدت له شاة مشوية مسمومة كما ثبت ذلك في السنة.
قال ابن باز رحمه الله ويحسن إليه -أي غير المسلم- ويتصدق عليه إن كان فقيرا ، ويهدى إليه إن كان غنيا ، وينصح له فيما ينفعه لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام والدخول فيه . أهـ
9- ومن سماحة الإسلام في المعاملة أن شرع العدل مع المخالف وجعل ذلك دليلا على التقوى التي رتب عليها أعظم الجزاء قال تعالى : ( يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) سورة المائدة الآية 8
10- لقد أطلق الإسلام على غير المسلمين الذين لهم ذمة أهل الذمة وعاملهم بها وهي تعني : العهد والأمان والضمان ، والحرمة والحق وهو عهد منسوب إلى الله عز وجل وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن الأثير : "وسمي أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم" .
وهي تسمية تنطق بما يحمله المسلمون لهم من كفالة الأمن والعيش في سلام بين المسلمين طالما أنهم على عهدهم.
11- لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك ، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير
12- ومن ذلك أيضا إعانة المحتاج سواء كان بكفالة العاجز منهم أو كبير السن ، وهذا هو ما سار عليه الخلفاء الراشدون في صدر الإسلام في معاملتهم لأهل الذمة
ففي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كتب خالد بن الوليد رضي الله عنه في عقد الذمة لأهل الحيرة بالعراق - وكانوا نصارى - وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله.
ويدخل في ذلك إغاثة الملهوف وإسعاف المحتاج منهم كما لو وجد مصابا أو من انقطع به الطريق فلا حرج أن يعينه
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " قضاء حاجة الكافر لا بأس بها إذا كان ليس فيها معصية." أهـ
.
.
إن الشريعة الإسلامية كلها رحمة وكلها عدل وكلها خير ليس للمسلمين فقط بل لمن حُكم بها من المسلمين ومن غير المسلمين.
"ما أعظمه من دين وما أعظمها من شريعة وما أفخرنا نحن فخرًا عزيزًا بأنا ننتمي لهذا الدين الذي يطبق هذه الشريعة".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم
على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقول بتصرف من مقالات متنوعة
1- معاملة غير المسلمين في الإسلام
2- سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين في الشريعة الإسلامية والقانون اليمني أ / خالد أحمد محمد
3- سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين د . عبد الله بن إبراهيم اللحيدان
4- قواعد الإسلام في التعامل مع غير المسلمين .. د/راغب السرجاني
5- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز
6- الإحسان إلى غير المسلمين وأثره في الدعوة إلى الله
7- سماحة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع غير المسلمين أ.د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين
8- من سماحة الإسلام مع غير المسلمين كتبه/ علاء بكر
9- أصول التعامل مع غير المسلمين الشيخ علي بن نايف الشحود
دكتور أشرف- مــراقــب قـسـم
- عدد المشاركات : 291
البلد : ....
تاريخ التسجيل : 29/03/2011
مواضيع مماثلة
» قصة المدينة
» كيفية التعامل مع موقع odesk
» الفرق بين التعامل الإيجابى والتعامل السلبى
» دار الإفتاء: إغاثة الصوماليين بالزكاة «واجب شرعي» على المسلمين في كل مكان
» كيفية التعامل مع الذات وتغيير الطباع السيئة .
» كيفية التعامل مع موقع odesk
» الفرق بين التعامل الإيجابى والتعامل السلبى
» دار الإفتاء: إغاثة الصوماليين بالزكاة «واجب شرعي» على المسلمين في كل مكان
» كيفية التعامل مع الذات وتغيير الطباع السيئة .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى